جاء نجاح المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية ليرد علي بعض دول الاتحاد الأوربي التي آثارت نقطة ضرورة مراقبة تلك الإنتخابات, وهو مايعتبره مصادر دبلوماسية تدخلا في الشئون المحلية. فهذه الدول تسعي لممارسة الضغوط علي مصر لقبولها مراقبة أوروبية علي الانتخابات البرلمانية, فضلا عن إصرار هذه الدول علي تقديم مساعدات مالية لمنظمات المجتمع المدني دون الإلتفات إلي القوانين المصرية الحاكمة لتلقي هذه المساعدات الاجنبية. ومع ذلك, نجد هذه الدول تتشدق بالتمسك بالقانون الدولي وتدعو إلي ذلك في المحافل الدولية كما تحشد قواها التصويتية واتصالاتها الثنائية مع بقية الدول في الأممالمتحدة, ضد حقوق الإنسان الفلسطيني. وقد رأينا كيف قدمت نموذجا صارخا لازدواجية المعايير بصورة فجة تعكس قدرا كبيرا من الانتقائية في تطبيق المعايير الدولية في هذا المجال. يشهد علي ذلك حالة عدم التوافق خلال تصويت دول الاتحاد الأوروبي علي قبول عضوية فلسطين في اليونسكو أخيرا, حيث انقسم نمط التصويت بين مؤيد ومعارض وممتنع وفقا لما يلي:11 دولة أيدت وهي فرنسا, اسبانيا, النمسا, بلجيكا, اليونان, قبرص, إيرلندا, لوكسمبورج, مالطا, سلوفينيا و فنلندا, أما الدول الممتنعة وعددها11 دولة ايضا فهي: ايطاليا, بريطانيا, بلغاريا, الدنمارك, استونيا, المجر, لاتفيا, بولندا, البرتغال, رومانيا, سلوفاكيا. أما الدول التي عارضت فقد ضمت خمس دول هي ألمانيا, هولندا, السويد, التشيك, ليتوانيا. لقد كشف نمط التصويت من جديد عن أن الاتحاد الأوروبي لايزال بعيدا عن إمكانية بناء توافق في الآراء حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية أبرزها القضية الفلسطينية, بالإضافة إلي العديد من القضايا التي تؤرق منطقة الشرق الاوسط ومنها قضايا نزع السلاح وإخلاء الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل. الأمر الذي يثير عددا من التساؤلات يأتي في مقدمتها أن الاتحاد الاوروبي مازال غير قادر علي صياغة سياسة خارجية أوروبية موحدة تحظي بتوافق علي قضايا ملحة وخطيرة بمنطقة الشرق الأوسط. والتساؤل: هل هذا الاتحاد الذي يفشل في صياغة هذه السياسة حتي الآن, يستطيع أن يواجه التحديات التي تتعلق بمشروع أوروبا الموحدة القادرة علي استيعاب جميع أشكال الاختلاف بين دوله سياسيا وثقافيا واقتصاديا؟. الأمر الآخر المثير لعدم الفهم يتعلق بموقف السويد التي جاءت من الدول المعارضة لانضمام فلسطين لليونسكو, وهي المعروفة بالموضوعية والنزاهة في تناول القضايا العربية, أما الموقف الألماني الرافض فقد يمكن تفهمه في ضوء الأسباب التاريخية الخاصة بوضع اليهود بها, وكذلك هولندا وسيطرة تأثير اللوبي الاسرائيلي علي حكومتها.