ربطت العديد من المواقع والصحف المصرية زيارة الدكتور عصام الحداد, مساعد الرئيس للشؤون الخارجية للعاصمة الألمانية برلين خلال عطلة نهاية الإسبوع الأخيرة بقرار البرلمان الأوروبي قوي اللهجة الذي صدر ضد مصر الخميس الماضي. وذكرت ان الحداد سيلتقي مع عدد من المسؤولين الألمان والأوروبيين لبحث مستقبل العلاقات المصرية الأوروبية في ضوء تهديد البرلمان الأوروبي بوقف منح مصر المزيد من المساعدات المالية مالم يتحقق تقدم في احترام حقوق الإنسان, وخصوصا فيما يخص الأقليات والمرأة, حيث سيعرض عليهم ماتقوم به الحكومة المصرية من إصلاحات سياسية وتحقيق توافق وطني مع المعارضة. وقد دفع ذلك الكثيرين للتساؤل عن سر زيارة مساعد الرئيس لبرلين وليس لستراسبورج حيث مقر البرلمان الأوروبي او لبروكسل حيث يقع المجلس الاوروبي والمفوضية الأوروبية؟ صحيح أن المانيا هي قلب الإتحاد الاوروبي والدولة الأكثر تأثيرا ووزنا به خاصة وانها تساهم وحدها بربع ميزانية الإتحاد الأوروبي, وصحيح انه من بين قرابة الستين برلمانيا اوروبيا الذين يقفون وراء قرار البرلمان الأوروبي الأخير بشأن مصر يوجد عدد من السياسيين الألمان البارزين الذين كان لهم دور مؤثر في صدور القرار بهذه اللهجة المشددة تجاه مصر, وفي مقدمتهم إلمار بروك رئيس كتلة المسيحيين الديموقراطيين في البرلمان الأوروبي والذي إجتمع بالرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في ستراسبورج قبل القرار بيومين و بحث معه الأوضاع في الدول المجاورة لإسرائيل. وفي مقدمتهم ايضا هانس جيرت بوترينج رئيس البرلمان الأوروبي السابق والرئيس الحالي لمنظمة كونراد اديناور الالمانية القريبة من الحزب المسيحي الديمقراطي والتي تم إغلاق مكتبها في مصر في إطار القضية المعروفة بالتمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني. غير ان الدافع الرئيسي وراء زيارة مساعد الرئيس لبرلين كانت الدعوة الموجهة له من المجموعة الثلاثية والتي توصف بأنها مجموعة نقاش عالمية, غير حكومية وغير حزبية تضم نحو اربعمائة من اهم صانعي القرار والشخصيات السياسية والإقتصادية ذات التأثير في العالم. وقد اسس المجموعة عام1973 ديفيد روكفلر الملياردير الأمريكي المعروف بهدف تعزيز التعاون بين الولاياتالمتحدة واوروبا واليابان وتقريب وجهات النظر فيما بينها بما يخدم مصالحها الإقتصادية في العالم وتتخذ من واشنطن وباريس وطوكيو مقرات رئيسية لها ومن مؤسسيها الأمريكي بريجنسكي مستشار الامن السابق وآلان جرينسبان وبول فولكر مديرا صندوق الإحتياطي الأمريكي السابق. وتوصف هذه المجموعة التي تجتمع بشكل دوري بعيدا عن الصخب الإعلامي وفي جلسات مغلقة بأنها تناقش إستراتيجيات وأفكارا كثيرا ما تدرج علي جدول اعمال القمم الهامة في العالم مثل إجتماعات مجموعة الثماني والمنتدي الإ قتصادي العالمي ويرأسها حاليا جين كلود تريشيه المدير السابق للبنك المركزي الأوروبي, وتضم وزراء خارجية وإقتصاد ومدراء للبنوك المركزية ورؤساء إتحادات الصناعات وباحثين من ابرز مراكز الأبحاث في العالم. وقد شاركت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في إجتماع برلين وألقت كلمة فيه ما يعد مؤشرا هاما علي مدي الإهتمام الالماني باجتماعات اللجنة الثلاثية والتي لا يسمح لممثلي وسائل الإعلام بتغطيتها كما لا يشارك فيها سوي من توجه له الدعوة بالحضور. ومن هنا كانت دعوة مساعد الرئيس المصري للشؤون الخارجية للمشاركة في إجتماعات اللجنة الدولية كمتحدث رئيسي حول الربيع العربي فرصة هامة ليس فقط لشرح ما حققته مصر من خطوات علي طريق التحول الديموقراطي منذ الثورة وأنما ايضا لإجراء مشاورات ولقاءات ثنائية مع الشخصيات المشاركة في المؤتمر ومنهم من يجلس في مواقع إستراتيجية ذات تأثير علي الدعم الإقتصادي والمالي الذي تحتاجه مصر في هذه المرحلة. كما إغتنم الدكتور عصام حداد زيارته لبرلين للقاء كبار المسئولين بالمستشارية والخارجية الالمانية وصرح السفير المصري في المانيا الدكتور محمد حجازي بأن المباحثات تناولت تطور برامج ومشروعات التعاون التنموي وشراكة التحول مع مصر بعد زيارة الرئيس مرسي لألمانيا نهاية يناير الماضي وضرورة زيادة الاستثمارات الألمانية في القطاعات الحيوية بالاقتصاد المصري, وتدفق السائحين الألمان لمصر, كما تطرقت إلي عملية السلام والأزمة السورية والأوضاع في مالي ومنطقة الساحل الأفريقي والتغييرات التي استحدثها الربيع العربي. وعلمت الأهرام أن الكلمة التي ألقاها الدكتور عصام الحداد في الجلسة المخصصة لثورات الربيع العربي خلال إجتماعات اللجنة الثلاثية والتي إنعقدت في مقر البرلمان الألماني قد ركزت علي ما تحقق في مصر خلال العامين الماضيين وأهداف المرحلة الحالية والتحديات التي واجهت وتواجه ثورة25 يناير ومسيرة التحول الديمقراطي وفي مقدمتها ضبط العلاقة المدنية-العسكرية بما يتوافق مع النموذج الديمقراطي المدني وصياغة علاقة قائمة علي الاحترام بين الحكم المدني المنتخب والمؤسسة العسكرية. كما اشار إلي تحدي مواجهة الفساد الذي كان سائدا خلال العهود السابقة وكذلك تحدي مواجهة القوي المضادة للثورة متمثلة في النظام السابق واكد علي ان بناء المؤسسات الديمقراطية هي إحدي أكثر المهام إلحاحا في هذه المرحلة لترسيخ مبدأ الحكم الرشيد. واوضح الدكتور الحداد أنه علي الرغم من هذه التحديات, فإن مصر بكافة أطيافها حريصة علي تحقيق أهداف الثورة وان المرحلة الانتقالية شهدت رغم صعوبتها إجراء أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تاريخ مصر جاءت بأول رئيس مدني, فضلا عن إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشوري وعقد استفتاءين وصياغة دستور حرص علي تأكيد الحريات والحقوق وإعلاء مبدأ المواطنة. وركز مساعد الرئيس في كلمته علي ان مصر تسعي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه الشباب ومعالجة عجز الموازنة والبطالة والتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي واستعادة مؤشرات السياحة والاستثمار لمعدلاتها الطبيعية وان الاستثمار في مصر هو استثمار في المستقبل. وبالطبع تركزت استفسارات المشاركين علي اوضاع حقوق الإنسان في مصر وخاصة بعدقرار البرلمان الأوروبي الذي طالب المفوضية الاوروبية بإنتهاج سياسة الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان والحريات ودولة القانون مقابل المزيد من المساعدات الأوروبية لمصر. واوضح الدكتور الحداد أن الدستور ينص الآن علي احترام شرائع اليهود والمسيحيين المصريين في تنظيم أحوالهم الشخصية وانتخاب قياداتهم الدينية وأن مصر حريصة علي بناء مؤسساتها الديمقراطية ودعم الحوار الوطني ولكنها تفعل ذلك دون مشروطية أو سقف او تدخل خارجي.