في خضم الاحداث الدموية التي تعيشها نيجيرياوالتي تؤكد باستمرار الصعوبات التي تواجه السلام وتوقع التفكك والانفصال بين أبناء الديانات المختلفة, وفي ظل التهديدات الواسعة لاستمرار التسامح. كان ترشيح المعهد الدولي لبحوث السلام لكل من الحاج محمد سعدأبو بكر سلطان مدينة' سوكوتو'والأسقف جون أوناكايان رئيس الجمعية المسيحية في نيجيريا, لنيل جائزة نوبل للسلام لعام2012 اعترافا بدورهما البارز ونضالهما في دعم وتزكية ونشر روح الترابط بين أبناء الدولة الواحدة يعد بارقة أمل توحي بأن الأزمة النيجيرية الحالية من السهل ان تزول اذا تعاونت كافة الأطراف وسعت جاهدة لحلها. فكلاهما اجتهدا وعملا علي دعوة أبناء الامة إلي التآخي والتقارب وتحويل التنوع الي قوة, مؤكدين أن اختلاف الأديان لا يشكل عقبة أمام تحقيق التنمية, تاريخهما المشرف في دعم الأعمال الإنسانية وحماسهما الوطني رشحهما أن يصبحا رسولي سلام ضمن'مجلس السلم' الذي شكل من مسلمي ومسيحيي نيجيريا, وفي محاولة لمعالجة الأزمات السياسية والعرقية وإعادة روح المودة بين ابناء المجتمع الواحد الذي أوشكت الفتنة علي تمزيقه. فالسلطان محمد سعد أبو بكر الثالث هو الحاكم الإسمي لسهول' سوكوتو' شمالنيجيريا, ورئيس' المجلس الوطني للشئون الإسلامية العليا', والتي تعني قيادته له أنه الشخص الوحيد الذي له شرعية التحدث باسم جميع مسلمي نيجيريا. وازداد هذا الدور تأثيرا علي مر السنين مع ارتفاع حدة التوترات بين مسلمي الشمال ومسيحي الجنوب. لذا يعتبر الزعيم الروحي لأكثر من70 مليون مسلم, اي ما يقرب من50% من سكان البلادوصل الي الحكم بعد وفاة شقيقه وابنه وحفيده عام2006 في حادث طائرة مأساوي نجي منه بأعجوبة. هو الابن الأصغر للسلطان أبو بكر الصديق دان, الذي تولي أمر السلطنة لأكثر من خمسين عاما, بدأ حياته العسكرية عام1975, حصل علي المرتبة ال16 ضمن ال50 شخصية الأكثر تأثيرا علي المسلمين في العالم وأكسبته خلفيته العسكرية إلي جانب تجربته الدبلوماسية شخصية فريدة ساعدته علي أن يصبح زعيما إسلاميا مختلفا. حرص منذ توليه زمام الأمور علي تعزيز الوحدة والسلام داخل المجتمعات, ولإيمانه بأن الحوار مع أي طرف دائما هو الخيار الأفضل من العنف, طالب الرئيس' جودلك جوناثان' بالعفو عن أعضاء جماعة' بوكو حرام' المتشددة, لاسيما أن الحكومة أعلنت العفو عن متمردي دلتا النيجر, الذي بدوره سيمهد الطريق إلي الحوار وإلقاء السلاح والحفاظ علي الأرواح. ويري أنه لا ينبغي أن ينظر إلي اجتماع المسيحية والإسلام في بلد واحد علي أنها مجرد مصادفة تاريخية لأنها إرادة الله ولايمكن لأحد تغييرها, عززت من تعميق الصلة بينه وبين كبار رجال الكنيسة في نيجيريا. ولم يبتعد الأسقف جون اوناكايان عن هذه الرؤية مع تمتعه بالكثير من الصفات الفريدة, فهو رئيس الجمعية المسيحية ومؤتمر الأساقفة الكاثوليك في نيجيريا. اكتسب دراسته الدينية فيروما وعين كاهن بها. حصل عام1973 علي شهادت الليسانس في الكتاب المقدس ثم الدكتوراه عام1976 وفي يناير1983 أصبح أسقفايلورين,وفي1990 عين مساعد أسقف أبرشيةأبوجا, وعندما تحولت الأبرشية إلي المطرانية أصبح أسقف العاصمة' أبوجا'. وانتخب لمنصب نائب رئيس مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في نيجيريا عام1994, وأصبح رئيسا لها عام2000. وفي يناير2013, اختاره البابا بنديكت السادس عضوالمجمع العقيدة والإيمانوعضوا في اللجنة الرئاسية للمجلس الحبري للعائلة المقدسة. حصل علي جائزة نوبل' باكس كريستي' الدولية للسلامعام2012 لدفاعة عن الفقراء وسعيه لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء الأمة الواحدة, فضلا عن أنه ناقد حاد للأوضاع السياسية والاقتصادية ومحب للتعاون. يرفض أن تكون الديانة سببا للفرقة, لذا حرص علي الاجتماع بحاكم سوكوتو في العديد من المناسبات, وعقد الكثير من الزيجات التي تجمع بين الديانتين, مؤكدا أن نيجيريا لن تنطلق إلي الأمام إلا بعد أن تقضي علي الفقر والجهل والعنف, لذا لم تكن مشاركته الترشح لجائزة نوبل مفاجأة لأنه أسقف مختلف إنسانيا عن سابقيه. نيجيريا التي تقع في غرب إفريقيا يبلغ تعداد سكانها أكثر من150 مليون نسمة يشكل المسلمون52% والمسيحيون48% والباقي يتبعون ديانات أخري. وقد رت ر منذ ا ن دم ارار, تها ن أن أذ و اب ار والعالم. فهل سيفتح النيجيريون صفحات جديدة من التعايش السلمي معتمدين علي دعم قادتهم الدينيين, أم ستشهد المزيد من اراقة الدماء ولاعزاء لجائزة نوبل للسلام.