صدر عن مكتبة وهبة كتاب ترجمات القرآن إلي أين؟ من تأليف الدكتورة زينب عبد العزيز, أستاذة الحضارة الفرنسية بجامعة المنوفية, والفنانة التشكيلية, التي جمعت بين الحس الفني العميق والرؤية الاجتماعية, ومن خلال خبرتها وإلمامها بالأدب الفرنسي استطاعت أن تكشف المخططات الموجهة ضد المرأة المسلمة, واتجهت المؤلفة لمحاصرة وتوضيح موقف الغرب من الإسلام, وأوضحت أن الإسلام منذ أن بدأ ينتشر والمخطط واحد لم يتغير وهو محاصرة الإسلام لاقتلاعه. تقول د. زينب: نعم وجهان لجاك بيرك وليغضب كما يحلو له, فالقرآن ليس لعبة يلهو بها هو أو غيره من المغرضين, كانت هذه بعض الكلمات التي بدأت بها الدكتورة زينب عبد العزيز كتابها ترجمات القرآن إلي أين؟ الذي وجهت فيه إدانة إلي المستشرق الفرنسي جاك بيرك وترجمته المغلوطة لمعاني القرآن الكريم والمليئة بالتعصب الراسخ, وتصدت الكاتبة لهذه الترجمة, ليس لمجرد أنها من أحدث الترجمات التي ظهرت لمعاني القرآن, وإنما لكل ما تبعها من مساندة إعلامية مغرضة شائهة الأسانيد والمرمي. ويتألف هذا الكتاب من تسعة فصول, تتخللها صورة لقرار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر: الفصل الأول: وجهان لجاك بيرك: وتذكر فيه الكاتبة نبذة تاريخية حول ترجمات معاني القرآن الكريم, وتلقي الضوء علي المحاور الأساسية التي تناولها جاك بيرك في مقدمة ترجمته. أما الفصل الثاني فتذكر فيه المؤلفة بعض نماذج من ترجمة جاك بيرك لآيات القرآن وما بها من مغالطات فادحة, وجاء الفصل الثالث بعنوان عذر أقبح من ذنب وألقت فيه الكاتبة الضوء علي الكتاب الذي صدر بعد كتابه الأول بعامين, الذي يتضمن أربع محاضرات, كان قد ألقاها في معهد العالم العربي بباريس, أما الفصل الرابع فوصفت فيه الكاتبة أسلوب جاك بيرك, وفي الفصل الخامس ذكرت نبذة عن أحاديثه الإذاعية, وفي الفصل السادس وجهت الكاتبة خطابا إلي جاك بيرك, والفصل السابع وجهت فيه الكاتبة سؤالا إلي الذين بأيديهم تصويب الأمر بالحق, وذكرت في الفصل الثامن تقرير الدكتور محمود عزب, والفصل التاسع تضمن ملاحظات اللجنة المختصة بمراجعة ترجمة جاك بيرك لمعاني القرآن إلي اللغة الفرنسية, موضحة: نعم لجاك بيرك وجهان وذلك لأنه تعامل مع النص القرآني بوجه ويتحدث عنه في أحاديثه السيارة بوجه آخر. وتؤكد الكاتبة حديثها قائلة: إن إدانتها المسببة لجاك بيرك يجب ألا ينظر إليها بعين مجردة أو في حد ذاتها- وإن كان هذا وحده يكفي- وإنما يجب أن توضع في الإطار العام السياسي والاجتماعي الذي يحيط بالإسلام, خاصة في هذه الفترة التي يحاول فيها الغرب أن يجهز علي الإسلام والمسلمين, وذكرت الكاتبة نبذة تاريخية حول ترجمات معاني القرآن, مؤكدة أن أول ترجمة لاتينية للقرآن لم تظهر إلا في القرن الثاني عشر, أي بعد خمسة قرون من ظهور الإسلام, وقد تمت بناء علي مبادرة من بطرس المبجل, وتحت إشراف أسقف دير كلوني, وتتوالي الترجمات التي لم يكن لها أي هدف آخر سوي أن تكون الأساس لتوجيه المزيد من الإدانات ضد القرآن, حتي كان القرن السادس عشر عندما بدأ يظهر الاستشراق والاهتمام بدراسة اللغة العربية بهدف مزيد من التوغل ومزيد من الهدم والتجريح. وتؤكد الكاتبة أن الاستشراق- كمنهج علمي ومحاولة فكرية لفهم حضارة الإسلام وعقيدته وتراثه- لم ينشأ إلا لمهاجمته والتنديد به وبأمة الإسلام, وأن الدراسات التي قام بها العلماء العرب والمسلمون أثبتت أن المستشرقين الذين يدعون فهم اللغة العربية هم في الواقع لا يحسنونها, وعلي الرغم من هذا الجهل الواضح باللغة التي تعد أداة العمل العلمي الذي يزعمونه, فهم يصدرون أحكاما مغرضة من حيث الشكل والمضمون وأمانة تنزيه القرآن, ثم أوضحت الكاتبة أن السبب الحقيقي لهذه الترجمة تخوف جاك بيرك وفزعه حينما أدرك تحول العديد من الناس والمفكرين عن معتقداتهم أو دياناتهم واعتناقهم الإسلام, ورأي هذا الأمر واقعا معيشا اليوم, فراح يسفه لهم معاني القرآن, أملا في الحد من هذه الموجة الآخذة في الانتشار, رغم القهر ورغم محاولات الإبادة, وتؤكد الكاتبة أن المحاور الأساسية التي يتناولها جاك بيرك في المقدمة التحليلية تكفي لإدانة هذا العمل المغرض, وبعض ما ورد فيها: أولا: التشكيك في نزول وترتيب القرآن: حيث قال: إن المصحف لا يتبع الترتيب الزمني للتنزيل, والأكثر من ذلك كثيرا ما تجد بداخل السورة نفسها آيات نزلت في أوقات متباعدة, ولا تري العقيدة ولا يري علم الإسلام أي قلق في ذلك. ثانيا: زعمه تحريف القرآن للهوية الأساسية, بالطريقة التي يتناول بها الأساطير الإنجيلية: حيث قال: سواء أكان الأمر يتعلق بإبراهيم أو نوح أو يونس أو موسي فهو يحرف الأساطير إلي أنواع من الحوار المشوب بعلم النفس الغارق بالطرافة, والنبرة تحاول أن تبدو حكائية ودرامية, أي أن القرآن يحاول التحريف إلا أن أمره مكشوف له. إن النبي صلي الله عليه وسلم- في نظر جاك بيرك- ينتقي مما يوحي إليه, ويستبعد ما يمكنه أن يكشف شخصه, وتري الكاتبة أنه لا بد من الإشارة إلي إصراره الغريب منذ بداية المقدمة حتي نهايتها علي تأكيد تأثر القرآن بالفكر اليوناني بأكثر من وسيلة, أي أنه عبارة عن تجميع من التراث التاريخي دون أن يقولها صريحة واضحة.