كارثة الوضع الأمني الفاضح, والانتكاسات والفلتان المستشري في كل ربوع الوطن, يصعب علي المرء تصور استمراره بهذه الصورة الكاشفة. بعد أن أصبح لدينا رئيس وشرعية حاكم لأكثر من ثمانية أشهر, لم ينجح قيد أنملة في القضاء علي التوتر وأعمال البلطجة والتشبيح في كل مدينة وساحة حاليا. الوضع الأمني بات جد خطير, لا دولة ولا حكومة ولا وزارة داخلية, وهذا دليل إدانة وفشل علي سوء الاختيارات, وأصبح القتل والخطف والحرق والفوضي المرورية المزرية عناوين يومية رئيسة لخريطة المواطن في مصر, في ظل حكومة مستقيلة من مهامها, مما جعل الدولة تعيش حاليا فوق برميل بارود من العنف والاحتقان والتجييش. هذه الحالة من الفوضي المتنقلة, تجعل من هذا الوطن ساحة مفتوحة علي كل الاحتمالات بعد أن صار شعار الدولة المصرية في ظل حكم الجماعة أقتل أي شيء يتحرك, الخطف مقابل الفدية, وغيرها من شعارات تلك المرحلة المظلمة, الأمر الذي يؤشر إلي أنه أصبح بيننا وبين فتنة الانفلات والخراب الأمني والفوضي واللادولة أيام معدودة. والمثير أن قضية عودة الأمن ولجم تلك الفتن وأعمال البلطجة المتوحشة, كانت من أولي مهام وبرامج الرئيس في حملته الانتخابية, وبعد أن وصل للحكم واختار ثلاثة وزراء للداخلية في رئاسته لم يتغير شئ, بل صار الأمر أسوأ حتي من أيام المجلس العسكري, وهو ما جعل كثيرا من المصريين يصابون بخيبة أمل, ويرفعون الصوت بالغضب والاحتجاج كما نري حاليا. ويتساءلون اذا كانت الدولة والحكومة عاجزة عن ضبط الإيقاع الأمني وفرض سطوة وقوة القانون, وتزايد العصيان المدني رفضا لسياسة الرئيس وحكم الجماعة.. فكيف ستجرون انتخابات شفافة ناجحة في ظل تراخي القبضة الأمنية لهذه الدولة؟ وكيف تعجز الداخلية عن حماية أبناء الوطن في حي صغير ثم تتحدثون عن إقامة دولة القانون والعدل والأمن في طول البلاد؟ ولكي يكون آخر العلاج في بلد أصبح فيه دويلة البلطجة أقوي من الدولة, وبلد ينتحر سياسيا وذاهب إلي المجهول الأمني, فعندئذ لم يتبق سوي حل واحد هو تشكيل وتأهيل وزارة داخلية جديدة, لأن الشارع والمواطن لن ينتظر طويلا أمام سوء الأوضاع الأمنية.