وسط إجراءات أمنية مشددة, وأجواء شد وجذب حول الموقف الأمريكي الراهن تجاه مصر, بدأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس زيارة إلي القاهرة تستغرق يومين تعد الأولي له منذ توليه منصبه كوزير للخارجية في الإدارة الأمريكيةالجديدة في ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية. وفور وصوله, بدأ وزير الخارجية الأمريكي سلسلة لقاءاته المحددة في جدول أعمال الزيارة مع عدد من كبار المسئولين المصريين وكبار رجال الأعمال وقادة وممثلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء, افتتحها بلقاء نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية, علي أن يختتم الزيارة بلقاءين منفصلين اليوم- الأحد- مع الرئيس محمد مرسي والفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسئول يرافق كيري في جولته وطلب عدم الإفصاح عن اسمه أن كل الأحزاب السياسية المصرية مرحب بها للمشاركة في الاجتماع مع كيري, وذلك ردا علي رفض قيادات جبهة الإنقاذ المعارضة لقاءه احتجاجا علي ما وصفوه بالضغوط التي يمكن أن يفرضها كيري عليهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال المسئول:' لن نقول للأحزاب ماذا يتعين عليهم أن يفعلوا, ولكننا سنشدد علي أن الطريقة الوحيدة لإسماع صوتهم هي المشاركة في الانتخابات, وأنه لا يمكنهم أن يكتفوا بالتنحي جانبا, أو أن يفترضوا أنه بطريقة سحرية ما سيحدث كل ذلك'. ولكن وكالة أنباء الأناضول التركية كانت قد قد نقلت في وقت سابق أمس عن مصادر أمريكية قريبة من دوائر صنع القرار الأمريكي قولها إن كيري سيسعي خلال الزيارة لإقناع القيادة المصرية بضرورة الاستجابة لمطالب المعارضة بتشكيل حكومة توافقية تضم مختلف القوي السياسية من أجل إقناعها بالاشتراك في الانتخابات المقبلة. وتزامن ذلك مع بث تقرير لوكالة' أسوشييتدبرس' للأنباء كشف النقاب عن وجود حالة من' الإحباط' لدي الإدارة الأمريكية من' تشرذم' وعدم تنظيم القوي الليبرالية والمدنية المعارضة في مصر, في الوقت الذي تشعر فيه هذه المعارضة أيضا بالغضب تجاه واشنطن بسبب دعمها لحكم جماعة' الإخوان المسلمين' علي حد تعبيرها, وهو ما ظهر في رفض قادة المعارضة الرئيسيين لقاء كيري. وذكرت الوكالة في تقرير لها من واشنطن أن الدعم الاقتصادي والعسكري الذي تقدمه واشنطن للحكومة المصرية ساهم بشكل رئيسي في تعزيز العلاقات بين إدارة الرئيس باراك أوباما والرئيس محمد مرسي, كما أن إدارة أوباما أشادت من قبل بمساعدة مرسي في إنهاء المواجهات بين إسرائيل وحماس نهاية العام الماضي وحفاظه علي السلام مع إسرائيل. وفيما يتعلق بالشق الاقتصادي, اعتبر المسئول الأمريكي نفسه أنه' سيكون من المهم أن تبرم الحكومة اتفاقا مع صندوق النقد الدولي ليس فقط للحصول علي قرض قيمته 4,8مليارات دولار, ولكن لفتح الطريق أمام الأموال الأخري التي تأتي من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية ومن الاستثمارات الخاصة'. وشدد علي' ضرورة أن يكون هناك حد أدني من التوافق حول الإصلاحات الاقتصادية والمالية من أجل دعم الاتفاق مع صندوق النقد'. ونقلت وكالة' رويترز' للأنباء عن مسئول آخر تأكيده أن كيري يري ضرورة أن تزيد مصر حصيلة الضرائب, وأن تخفض دعم الطاقة, وهي إجراءات من المرجح ألا تحظي بتأييد شعبي في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر. وحول' كواليس' زيارة كيري, كشفت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن كيري لم يهبط من الطائرة التي أقلته إلي القاهرة إلا بعد أن صعدت إليه السفيرة الأمريكية آن باترسون واجتمعا سويا لمدة20 دقيقة قبل نزولهما معا ومغادرة الموكب للمطار. وأشارت أيضا إلي أن19 سيارة' فان' وذات دفع رباعي تابعة للسفارة الأمريكية قد دخلت إلي مهبط مطار القاهرة وبإحداها السفيرة الأمريكية, وظلت عربة الأمتعة التابعة للسفارة في المهبط تنقل حقائب الوفد الأمريكي المرافق لكيري لأكثر من نصف الساعة. وأجمع دبلوماسيون مصريون سابقون وحاليون علي أهمية زيارة كيري لمصر, فصرح السفير أحمد فتحي أبوالخير, مساعد وزير الخارجية السابق, أن الزيارة تنطوي علي شقين الأول أن الوزير الأمريكي يزور مصر بصفة رسمية لأول مرة كوزير للخارجية الأمريكية لأنه سبق أن زارها عدة مرات قبل اليوم, ومن ثم فهي زيارة استطلاعية في إطار السياسة الخارجية تجاه مصر ودول الربيع العربي بصفة خاصة. أما الشق الثاني: ربما يحمل رسالة من الرئيس باراك أوباما ليست رسالة خطية إلي النظام الحاكم الحالي في مصر الإخوان المسلمين قد تنطوي علي خطوط محددة تريد الولاياتالمتحدة من الإخوان تنفيذها.