إنتهت بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت القاهرة في الفترة من26 أكتوبر الي3 نوفمبر من عملها, وأصدرت بيانا قصيرا منمقا إجتهد من أعده ليبدو إيجابيا علي غير الحقيقة التي تطل من بين السطور. أكد البيان أن مصر تتميز بإمكانياتها الإقتصادية الواعدة علي المدي المتوسط لكن التحدي الذي لا يزال قائما هو المحافظة علي الإستقرار الإقتصادي الكلي والتجانس الإجتماعي وسط إحتمالات نمو متواضعة علي المدي القصير. البعثة حضرت لمصر بدعوة من السلطات المصرية, وكما هو واضح من رسالة الصندوق القصيرة أن التحديات التي أمام الإقتصاد المصري أصعب من أن تحتويها هذه العبارة القصيرة المنمقة التي تلخص بوضوح مدي القلق علي الإقتصاد المصري علي المدي الطويل وهو المدي الذي تنظر إليه وتضعه في الإعتبار أي جهة مقرضة ستقوم بتسليف أموال لهذا الإقتصاد. تحديات خطيرة تتمثل في المحافظة علي الإستقرار الإقتصادي الكلي والذي يعد أمرا في غاية الصعوبة في ظل تراجع معدلات الإنتاج والإستثمار, أما ما يصفه الصندوق بتحدي الحفاظ علي التجانس الإجتماعي وسط إحتمالات النمو المتواضعة علي المدي القصير يعني باختصار شديد قصور إمكانات الدولة عن الوفاء بالمطالب الفئوية التي إندلعت علي كل المستويات الإجتماعية, وبالرغم من أن معدلات النمو المرتقبة لاتزال إيجابية ولكنه وصفها' بالمتواضعة' وبالتالي فهي أضعف من أن تتحمل كل هذه المطالب المفاجئة والمتراكمة. يأتي هذا البيان المقتضب مع تراجع جديد في حجم الإحتياطي من النقد الأجنبي كشف عنه البنك المركزي أمس ليصل إلي07,22 مليار دولار, وهو ما يعني أن الأجل المتوسط أيضا لم يعد أمنا. مشكلة مصر ليست في الموارد أو الإمكانيات الإقتصادية ولكن في حالة العصيان المدني في مختلف المواقع, وتفاقم حالة اللا إستقرار مجتمعي والتي عبر عنها الصندوق' بتحدي التجانس الإجتماعي', وقد إنتقلت حالة الفوضي في المطالب الإقتصادية إلي فوضي في المطالب السياسية, فأمامنا كتل متصادمة يرغب كل منها في الإستحواذ علي أعلي حصة في صندوق الإنتخاب, المطالبة بدولة مدنية في صدام مع الدولة الدينية, والإثنان في صدام مع قوي لن تكون بأي حال من الأحوال مؤثرة في الإنتخابات وهي قوي الوطني المنحل التي في حقيقتها لا تمثل الوطني القديم بقدر ما تمثل عصبيات لا علاقة لها بالإنتماء السياسي لنظام سابق أو لاحق. يجب أن نتفق جميعا علي إحترام نتيجة الصندوق, وأن ينصرف كل حزب للدعاية لبرنامجه الإنتخابي بدلا من التناحر وتبادل الإتهامات, لنعبر هذه المرحلة الصعبة بسلام. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري