المناطق الصناعية بالمحافظات قد تبدو وهما في بعضها وقد تنشط في البعض الآخر إلا أن ما يجمع بينها هو عدم اكتراث السلطة المركزية بمشكلاتها علي الرغم مما يمكن أن توفره من فرص عمل واعدة وما يمكن أن تحققه في الناتج الإجمالي للدولة. وعلي الرغم من وجود الأراضي المخصصة لهذا الغرض في المحافظات كافة ومن وجود رأس المال المحلي المتحفز للاستثمار في هذه الأراضي إلا أنها تصطدم عادة بمعوقات البيروقراطية تارة وسوء التخطيط تارة أخري إضافة إلي ممارسات العمالة التي رأت في فوضي الشهور الأخيرة أرضا خصبة للهرج والمرج. الخسائر أصبحت تطارد المستثمر المحلي والتردد أصبح سمة المستثمر الأجنبي والدولة استسلمت لموقف المتفرج والمواطن في النهاية يدفع الثمن كما أن معاناة الاقتصاد ككل تتفاقم يوما بعد يوم دون إجراءات حقيقية تنهض بهذا القطاع الذي كان يجب أن تمتد إليه يد الإنقاذ. مراسلو الأهرام في المحافظات رصدوا الوضع علي الطبيعة في تلك المناطق وسجلوا من خلال ملاحظاتهم وآراء القائمين علي أمر هذه التجمعات المشكلات والمعوقات التي لا حصر لها ولا تتطلب أكثر من وضعها علي خريطة الاهتمام مع بداية عصر جديد تعيشه مصر الولاية لمن؟ كلمة السر في تعطيل الاستثمار بالمنيا سؤال يبحث عن إجابة. من هو صاحب الولاية وصاحب الاختصاص الأصيل قانونا في تخصيص الأراضي للمستثمرين بالمنطقة الصناعية بالمنيا خاصة بعد أن توقفت المنطقة عن إصدار قرارات تخصيص وتسليم أراض للمشروعات الجديدة منذ عدة أشهر, وهناك58 مشروعا حصلت علي موافقات مبدئية وفي انتظار قرار التخصيص. المستثمرون يرون أن مجلس إدارة المنطقة هو صاحب الاختصاص لأن تشكيل المجلس جاء بقرار من مجلس الوزراء والقرار لم يتم إلغاؤه والمسئولون بالمحافظة وبالتحديد المشرف علي المنطقة الصناعية وسكرتير عام محافظة المنيا يرون أن قرار التخصيص يجب أن يصدر أولا من المجلس المحلي للمحافظة ثم يعتمده المحافظ. وبعد إلغاء المجالس المحلية أرسلت المحافظة مذكرة إلي مجلس الدولة تطلب الرأي القانوني في تحديد الجهة صاحبة قرار تخصيص الأراضي ولم يرد الرد حتي الآن. وبعيدا عن هذا الجدل حول المسئول عن قرار تخصيص الأراضي هناك العديد من المشكلات التي تواجه المستثمرين أهمها عدم وجود تمويل للمشروعات وانتشار السرقات في المصانع لعدم وجود قوات أمن كافية وتدني مستوي الخدمات من إنارة ومياه شرب وصرف صحي وانعدام المواصلات. المهندس مصطفي عبدالرشيد أحد المستثمرين يقول إن أسلوب إدارة المنطقة الصناعية هو نفس أسلوب إدارة مجالس المدن والمراكز والدليل أن مدير عام المنطقة الحالي كان يشغل رئيس مركز ملوي برغم أن طبيعة العمل في قطاع الاستثمار والصناعة تختلف تماما عن أسلوب عمل المحليات وأن عملية الاستثمار تحتاج إلي دعم من المسئولين وليس صحيحا ما يتردد من ضرورة موافقة المجالس المحلية علي قرارات التخصيص للمشروعات وأن مجلس إدارة المنطقة الصناعية هو المسئول عن التخصيص لأن هناك قرارا لرئيس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة المنطقة وأن قرار اللواء سمير سلام محافظ المنيا السابق بمنح مهلة لمدة عام لأصحاب24 مشروعا كان صائبا خاصة بعد حالة الكساد التي واكبت أحداث ثورة يناير. ويقول المهندس أحمد سعد رئيس إحدي شركات تعبئة البوتاجاز إن المنطقة يوجد بها مصنعان لتعبئة البوتاجاز ولكن هذه المصانع لا تعمل بكامل طاقتها فعلي بسبيل المثال يتم إنتاج10 آلاف اسطوانة يوميا من المصنع الخاص به في حين أن طاقته الإنتاجية30 ألف إسطوانة أي3 أضعاف الطاقة الحالية في الوقت الذي يتم فيه تزويد المنيا بسيارات محملة بالاسطوانات المعبأة من مصانع أسيوط والقطامية برغم أن استثمارات المصنع تجاوزت70 مليون جنيه وأنه عرض جميع مشكلات المنطقة في اجتماع محافظ المنيا بهم ووعد بحلها قريبا وأنه يأمل في تنفيذ هذه الوعود. الدكتور هشام شريف أحد المستثمرين الأوائل في المنطقة الصناعية بالمنيا في مجال تدوير المخلفات الزراعية يقول إن المشروع الذي أقيم علي مساحة80 ألف متر مربع عام1997 تطور من إنتاج السماد العضوي إلي إنتاج الأعلاف غير التقليدية وأخيرا استخدام المخلفات الزراعية كبدائل للطاقة, وأن الاتجاه إلي استخدام المخلفات الزراعية كبدائل للطاقة مثل المازوت سوف يتزايد بعد قرار الدولة برفع الدعم عن الطاقة, التي تستخدم في صناعات الأسمنت والحديد والصلب والكيماويات والحراريات والتي تتسهلك80% من قيمة دعم النشاط الصناعي التي تكلف الدولة95 مليار جنيه وأن نجاح نموذج تدوير المخلفات الزراعية في المنطقة الصناعية بالمنيا كان وراء امتداد النشاط إلي محافظات الدلتا والتخلص من قش الأرز في4 محافظات بالتعاون مع وزارة البيئة بدلا من حرق الأرز الذي كان يتسبب في السحابة السوداء. وأضاف الدكتور هشام شريف أن صناعة تدوير المخلفات الزراعية تشهد تزايدا في الطلب من السماد بالمناطق الصحراوية غرب المنيا وأن هذه المناطق كان يمكن أن تغير وجه الحياة في الصعيد إذا أحسنت وزارة الزراعة التعامل مع المستثمرين وتقنين الأوضاع بهذه المناطق بدلا من تركها مال سايب وسقوط المستثمرين بين دوامة الروتين وإتاوات واضعي اليد. أحمد حشمت سكرتير عام محافظة المنيا والمشرف علي المنطقة الصناعية يقول: تعاقب3 محافظين خلال فترة زمنية قصيرة هذا العام بالإضافة إلي إلغاء المجالس المحلية أدي إلي ارتباك عمليات تخصيص الأراضي للمشروعات حيث إن قرار التخصيص لأي مشروع كان يصدر من المجلس المحلي للمحافظة ثم تتم الموافقة عليه من مجلس إدارة المنطقة الصناعية وبعد إلغاء المجالس المحلية أرسلنا مذكرة إلي مجلس الدولة لمعرفة الرأي القانوني في إصدار قرارات تخصيص بمعرفة المنطقة الصناعية أو المسئولين بالمحافظة ولكن مجلس الدولة لم يرد علي المذكرة فأصبحنا الآن في حيرة وهناك مشكلة في مشروع مصنع الحديد والصلب الذي تقدم صاحبه بطلب لإنشاء المصنع فوافق المجلس المحلي للمحافظة علي تخصيص مساحة180 ألف متر مربع ولكن المستثمر رفض وطلب زيادة المساحة إلي نصف مليون متر مربع ووافق الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا السابق علي الزيادة ولكننا لا نستطيع منح المستثمر هذه الزيادة في المساحة لعدم حسم الجدل حول قانونية إصدار التخصيص من المحافظين فلجأ المستثمر إلي هيئة التنمية الصناعية وحصل علي قرار بالموافقة علي زيادة المساحة التي طلبها وبرغم هذا فالمشكلة لاتزال قائمة لأن هيئة التنمية الصناعية ليست صاحبة القرار في التخصيص. ولدعم حركة الاستثمار بالمنطقة الصناعية, والكلام لايزال علي لسان المشرف العام علي المنطقة, قرر اللواء سراج الدين الروبي محافظ المنيا اختيار أحد الأساتذة بكلية الهندسة بالجامعة مسئولا عن المنطقة لخبرته في مجال الاستثمار والصناعة, كما سيتم خلال أيام تشكيل مجلس جديد لإدارة المنطقة برئاسة المحافظ يضم في عضويته السكرتير العام ومدير عام المنطقة ومدير الأمن ورئيس جمعية المستثمرين ورئيس جمعية رجال الأعمال و3 من المستثمرين والشئون القانونية. وسوف يتم عقد لقاء أسبوعي لمناقشة مشكلات المستثمرين.