قال أفلاطون إن الشعب الذي لا يشارك في اختيار من يحكمه بشكل ايجابي يعاقبه الله بمصيبتين: الأولي هي أن الله يرزقه حاكما أجهل منه يذيقه كئوس الجهل.. والثانية أن ذلك الحاكم يتجاهله ويتجاهل مطالبه ومشاكله واحتياجاته لأنه ببساطة لا يراه!! كأن أفلاطون يعلم أنه سيأتي يوم لا يؤخذ برأي ولا بصوت من هجروا الوطن بحثا عن الرزق.. أو طلبا للعلم أو هربا من القهر والظلم.. وهو ما ينطبق الآن تماما علي من كانت الأقدار تحرمهم من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات القادمة انهم المصريون بالخارج والذين يقدر عددهم بعشرة ملايين مواطن والذين أنصفهم أخيرا القضاء الاداري المعروف عنه العدل, فقرر أن يمنحهم حريتهم ويعترف بصوتهم من خلال صناديق تودع بالسفارات.. لكن الجدال الذي دار أخيرا حول آليات تنفيذ الحكم جعلنا نشعر وكأن هذه الأصوات أصابتها اللعنة حيث ظهرت مشكلتان: الأولي الإشراف القضائي.. والثانية كيف سيتم اختيار الاشخاص عن بعد.. وكيف ستفرز الأصوات لأن الدوائر متعددة؟ يقول المستشار صبري أبو اسماعيل رئيس محكمة سابق إنه من غير العدل أن تحرم10 ملايين مصري من المشاركة وهم عدد المغتربين من المصريين حول العالم.. يجوز أن يصوت منهم4 ملايين يمكن أن يقلبوا موازين الانتخابات في مصر سواء مجلسي الشعب والشوري أو انتخابات الرئاسة.. أما عن مشكلة الدوائر الانتخابية فهناك رأي سديد يتم الترويج له الآن وهو أن يتم تخصيص3 مقاعد للمغتربين واحد في الدول العربية والثاني في أمريكا والثالث في أوروبا.. بحيث يقوم أبناء الجالية المصرية في هذه البلدان بالترشح.. ويقوم بعمل الدعاية اللازمة له في البلد الذي يعيش فيه وليكن مثلا السعودية وكذلك في الدول المجاورة مثل قطر والبحرين والكويت وكل ما يستطيع الوصول اليه سواء عن طريق اللقاءات المباشرة أو عن طريق البرامج التليفزيونية واللقاءات الصحفية أو عن طريق الانترنت أو حتي عن طريق الأهل والأقارب والأصدقاء ويتم التصويت له في السفارات المصرية الموجودة في كل دولة ويتم الفرز ويفوز الأكثر حصولا علي أصوات المصريين في هذه المنطقة. ويتفق معه في هذه النقطة عبدالرحيم عبدالجواد أحمد وهو أحد مشايخ المصريين الذين يقطنون المملكة العربية السعودية منذ أكثر من20 عاما. ويقول: نحن نعاني الأمرين في هذه الدول ونحتاج إلي همزة وصل بين العمالة المصرية الموجودة هنا وبين السلطات في مصر والسلطات في الدول التي نعمل فيها وهذا الأمر يحقق هدفين: الأول أن يكون هذا النائب منا يعرف مشاكلنا ويساعدنا في الحصول علي مستحقاتنا في الغربة.. والهدف الثاني أنه ينقل همومنا وأحلامنا إلي المسئولين في مصر عندما يمثلنا تحت قبة البرلمان بعدما انقطعت الصلة بين المصريين المغتربين والوطن حتي في وجود الدور الهامشي الذي تلعبه وزارة القوي العاملة. ويضيف أن وجود همزة الوصل بين البرلمان والمغتربين من شأنه أن يحل العديد من المشكلات ويعمق احساسا بالوطن خاصة بعد التغيرات التي شهدتها مصر والمنطقة. أما من يتعللون بالتصويت وكيفية التصويت فهذا سهل جدا يمكن أن يتم في صناديق في السفارات المصرية في الدول العربية عن طريق التصويت بجواز السفر أو عن طريق بطاقة الرقم القومي.. ويتم ارسال النتائج إلي القاهرة بعد الفرز. كلام أكثر من رائع وحل عملي وجديد وريادي يتفق مع حال مصر الجديدة والتي تبحث عن حلول غير تقليدية للمشكلات التقليدية.. لكن أمام هذا الحلم هناك تخوف من الرقابة علي لجان الانتخاب داخل الدول المختلفة لاختيار مرشح المغتربين. يقول أحمد محمد ابراهيم المحامي إن الاشراف كما ينص القانون علي هذه اللجان يجب أن يكون من خلال قضاة وأن أي خرق لهذه القاعدة هو خرق للقانون.. وأن صفة الاشراف القضائي لا يمكن أن تمنح للسفراء أو القناصل ولا تجوز قانونيا وهذا ربما يكون مبررا لفتح الباب أمام تقديم طعون كثيرة في نزاهة عملية التصويت. ويرد علي هذه النقطة حمدي قبيصي المحامي بأن فكرة اختيار أعضاء للبرلمان يمثلون10 ملايين مصري يعيشون في الخارج فكرة أكثر من عبقرية وتستحق التجربة ويمكن بكل بساطة سد كل الذرائع التي تحول دون تصويت هذه الفئة المهمشة والتي عانت كثيرا من الاهمال لدرجة ضياع حق العامل المصري في الخارج وأصبح يخضع لأسرة الكفيل أو السيد لغياب الوسيط بينه وبين الحكومة المصرية وحكومة الدولة التي يعمل بها وعليه فانه يمكن انتداب قضاة مصريين علي كل الصناديق في الخارج خاصة اذا تم عمل انتخابات المغتربين في أيام بعد أيام الانتخابات الأخري. أو يتم انتداب قضاة من البلدان التي تجري فيها الانتخابات سواء كانت دولا عربية أو أجنبية وهناك العديد من القضاة في الدول العربية المشهود لهم بالنزاهة. فنحن لابد أن نذلل كل العقبات التي تقف أمام أن تقدم مصر نموذجا رائعا للعالم في الحرية والانتخابات ونحن أهل لها.