أخيراً تحدث المشير.. وقف أمام جموع المصريين ليدلى بتصريحات له يرد بها على اللغط الدائر حول شهادته وعن قانون الطوارئ وضرورة دفع عجلة الإنتاج وغيرها .. ثم قالها بصوت عال : " مصر لم ولن تسقط " وإنها ستعبر إلى مرحلة الاستقرار..! تصريحات المشير جاءت بعد طول إنتظار.. وبدت قليلة لكنها كانت مهمة وأهميتها الأولى أنها جاءت على لسان المشير الى جموع الشعب الذى إرتضى به وبمجلسه منذ بداية الثورة كى يقود هذه المرحلة الإنتقالية الحاسمة فى تاريخ مصر.. وهى المرحلة التى مع الأسف لم يتحقق فيها لهذه الجموع حتى الآن مايتمناه بعد مرور هذه الأشهر من الثورة بل ان هذه الفترة قد ساءت فيها الأحوال وارتفع فيها الدين الخارجى والداخلى إلى أعلى معدلاته فى تارخ مصر كلها .. ! إن فترة الصمت الماضية التى لم يتحدث خلالها المشير إلا قليلاً بين ضباطه وجنوده رغم أنه يمثل الآن رأس النظام - مدنى وعسكرى - كانت طويلة أمام عموم الشعب الذى أصابته الحيرة بين قوى سياسية متصارعة كل منها لها مآربها السياسية أوالخاصة المتناقضة فى الأسلوب والأهداف .. وبين حكومة و مجلس لم يحققا حتى الآن ماكانت تطمح إليه هذه الأغلبية منها وأولى هذه الطموحات هو أمنها ورزقها.. ! هذه الأغلبية لازالت حتى الآن لاتفهم أيضاً ماذا يجرى فى الكواليس ولاتجد رداً شافياً لما تتناقله المواقع ويبثه الفيس بوك وتتناوله فضائيات " الرغى" والفتنة وإشعال النيران والتحريض على الفوضى والعنف. .. وسط هذه الحالة من السيولة فى المشهد السياسى فإن جموع الناس الذين لايعملون فى السياسة من حقهم أن يسمعون كثيراً لرأس النظام الحالى صاحب دائرة المعلومات - بحكم الموقع والمسئولية- حتى تعبر بلادنا هذه الفترة العصيبة ويتأكد عموم الناس أن هناك " مرجعية " تشعر بهم وبهمومهم ولديها القدرة على الإنحياز لهم بدلاً من هذه الصورة الضبابية خلف المشهد السياسى الحالى بدلأً من أن تقف هذه المرجعية وكأنها مكتوفة الأيدى أمام مايقال ويتردد .. وإلامامعنى وقوف الكثير من القوى السياسية المتصارعة فى "خندق واحد" مؤخراً وهى تحاول أن تنهش فى جسد المجلس العسكرى تحت دعاوى متعددة ورغم ذلك فإن أحداً من المجلس أو رئيسه لم يخرج ليرد ويوضح ويقدم للناس معلومات تخفى عليهم كى تفهم وتفند وجهة نظر من يديرون البلاد فى هذه المرحلة فيما يقال وعلى الشعب أن يصدق من يشاء ولكن بعد أن يعرف .. ! ان المشكلة الرئيسية فى سياسة تجاهل الرد أوالتأخر فيه أن الكثيرين يتعاملون مع مايتم ترديده على أنه حقيقة حتى لوكان إشاعات أو أكاذيب أو حتى إفتراءات أونصف حقيقة .. ! .. والتأخر فى الرد أو الاستجابة ربما يؤدى الى نتيجة أخرى تعنى مزيداُ من التهاب المشاعر المتأججة سواء كانت تهدف الى نصرة الحق أو حتى إلى تصفية الحسابات تضمن لأصحابها فى النهاية استمرار الوضع فوق الصفيح الساخن .. من هنا تأتى ضرورة أن يتحدث المشير الى الناس بشكل مباشر حتى يشعروا به لحماً ودماً .. يشاركونه ويشاركهم الحوار .. يسمعون منه و يتفاعل معهم دون إنتظار لتقارير أو إعتماد على فئة من المستشارين التى ربما تجاوزتهم الأحداث أوتوقفت بهم عند حدود سياسة رد الفعل فقط . ..إن أمر إدارة البلاد فى الفترة الراهنة يحتاج أكثر مايكون إلى دعم وموافقة ورضاء "عموم الشعب" صاحب هذا البلد الحقيقى لأن أصحابها ليسوا هم فقط هذه القوى السياسية التى لايعجبها العجب ولاترتضى بأى شئ لايسير على هواها .. أوتلك القوى" النخبوية لإعلامية" التى خرجت على أكتاف الثورة وكأنها هى التى حققتها وحدها .. وليس عيباً أن نقول أن الفترة منذ اندلاع الثورة حتى الآن قد أظهرت عدم نجاح واضح فى التوجه من القائمين على إدارة البلاد الى عموم الناس بخطاب إعلامى واضح واع قادر على التأثيروله أهداف تحقق المزيد من الثقة فى النفس والذات لدى المواطن فى هذه المرحلة الحرجة حتى نتجاوزها .. بل تجاوز الأمر هذه المرحلة إلى أخرى زادت المسألة تعقيداً بمزيد من التجاهل لحوار جاد مع القوى السياسية حول الأمور الخلافية لمحاولة حلها وإن جاءت فهى تأتى متأخرة بعد أن تكون قد تجاوزتها الأحداث وزادت درجة العناد ولو بدون منطق ..! .. هذا التجاهل و "البطئ " فى الإستجابة أدى إلى تفاقم الخلاف وأتاح المزيد من الشكوك وعدم الثقة بين هذه القوى وبين المجلس العسكرى الذى إختار منذ اللحظة الأولى للثورة الانحياز الى الشعب .. أما الآن فإن جموع هذا الشعب نفسه تطلب منه إستمرار هذا الإنحياز بمزيد من الوضوح والشفافية فى الأهداف والطريقة وعلى الشعب أن يختار ولكن بعد أن يكون قد فهم ووعى مايجرى . ان تجاهل هذه الأغلبية التى تراقب وتنتظر نهاية للمشهد الضبابى بين أصحاب اللعبة السياسية الجارية الآن والتأخر عليها فى ردود الفعل سيؤدى فى النهاية إلى مالايحمد عقباه .. ولنا فى النظام السابق عبرة يجب أن يدركها النظام الحالى والقادم !! المزيد من مقالات حسين الزناتى