يقول عبد الله بن عمر: كان الرجل في حياة النبي صلي الله عليه وسلم إذا رأي رؤيا قصها علي الرسول صلي الله عليه وسلم, فتمنيت أن أري رؤيا فأقصها عليه. فكان الصحابة رضوان الله عليهم يسارعون في معرفة ماتئول إليه رؤياهم, وكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا صلي الصبح أقبل علي صحابته بوجهه ويقول:( هل رآي أحد منكم البارحة رؤيا). وعن أمثلة الأحلام التي فسرها الرسول صلي الله عليه وسلم, يقول السيد عزت المرسي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, ذكر عبد الله بن سلام أنه رأي كأنه في روضة وسطها عمود من حديد, أسفله في الأرض وأعلاه في السماء, في أعلاه عروة فقيل له ارق فقال: لا أستطيع فأتاه وصيف فرفع ثيابه من خلفه فرقي حتي كان في أعلاه وأخذ بالعروة, وقيل له: استمسك فقام من نومه وهي في يده فقصها علي النبي صلي الله عليه وسلم فقال له: تلك الروضة الإسلام, وذلك العمود عمود الإسلام, وتلك العروة عروة الوثقي, فأنت علي الإسلام حتي تموت. وذكرت السيدة عائشة أنها رأت كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم:( إن صدقت رؤياك دفن في بيتك ثلاثة هم أفضل أهل الأرض, فدفن النبي وأبو بكر وعمر في بيتها), ويذكر أبو سعيد الخدري للنبي أنه رأي انه يكتب سورة ص فلما بلغ إلي سجدتها رأي الدواة والقلم وكل شئ بحضرته انقلب ساجدا, فلم يزل النبي يسجد بها, فكان تفسيره هنا فعليا بأنه لم يترك السجود في سجدة سورة ص. ويؤكد السيد عزت المرسي أن الأحلام لايثبت بها شئ من الأحكام الشرعية, فلاينبغي أن يعول علي الرؤيا بإثبات شئ من الأحكام الشرعية في حلال أو حرام أو كره أحد, أو فعل عبادة أو إساءة الظن بالناس, لأن علم تفسير الأحلام من العلوم الظنية, وليس يقينيا, وجرت أحداث في التاريخ مفادها عدم الاعتماد علي علم تفسير الأحلام في تكوين مواقف سواء بالموافقة أو المخالفة, من هذه الأحداث والمواقف, ماذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق أن شخصا رأي في منامه الإمام الشافعي فقال له: كذب علي يونس بن عبد الأعلي في حديث, فعلق ابن كثير علي هذا الكلام بقوله: يونس بن عبد الأعلي من الثقات لايطعن فيه مجرد منام, ويحكي الشاطبي في الاعتصام, أن الخليفة المهدي أراد قتل شريك بن عبد الله, فقال له شريك: ولم ذلك يا أمير المؤمنين ودمي حرام عليك؟ فرد عليه المهدي قائلا: لأني رأيت في المنام كأني مقبل عليك أكلمك وأنت تكلمني من قفاك, فأرسلت إلي المعبر فسألته فقال: هذا رجل يطأ بساطك وهو يسير خلافك, فقال شريك: يا أمير المؤمنين إن رؤياك ليست رؤيا يوسف, وإن دماء المسلمين لاتسفك بالأحلام. فيجب الاعتدال في شأن الرؤيا بلا إفراط أو تفريط, فهي ليست وحيا ولاتشريعا, كما أنها ليست عبثا ولا تخليطا.