جاءت مشاركة مصر فى الاجتماع رفيع المستوى للجمعية الأمم للأمم المتحدة حول مكافحة انتشار الأمراض غير المعدية، والذى عقد على مدار يومى 19 و20 سبتمبر الحالى بمقر الأممالمتحدة فى نيويورك لتعكس الأهمية الخاصة التى توليها الحكومة المصرية للتعرف على الجهود الدولية والمشاركة فى بلورة السياسة الدولية حول الأمراض غير المعدية، وخاصة وأن المسبب الرئيسى للوفيات بالمجتمع المصرى يرجع إلى أمراض القلب والجهاز التنفسى والسكر والسرطان، وهى الأمراض الأربعة الرئيسية التى تناولها الإعلان السياسى الذى اعتمده الاجتماع. فى هذا السياق نستطيع أن نلحظ تزايد اهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بمكافحة الأمراض غير المعدية خلال السنوات القليلة الماضية، وبتكثيف التعاون مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة انتشار هذه الأمراض، خاصة بالدول النامية وأفريقيا، فى ضوء إحصائيات منظمة الصحة العالمية التى تقدر أن هذه الأمراض ستصبح المسبب الرئيسى لحوالى ثلثى نسبة الوفيات العالمية والتى ستتركز 80% منها فى الدول الأفريقية بحلول عام 2030، فضلاً عن التأثير المباشر لهذه الأمراض على القدرة الانتاجية للفرد ودخل الأسرة، ومن ثم فهى تؤثر سلباً على عملية التنمية المستدامة وجهود مكافحة الفقر بالنظر إلى تركزها فى الشريحة المجتمعية الأكثر قدرة على المساهمة بإيجابية فى دفع عملية التنمية الاقتصادية. مثل الاجتماع فرصة هامة لتبادل الخبرات والدروس المستفادة وتعزيز التعاون الدولى فى هذا المجال، حيث تناول النقاش العام والموائد المستديرة الثلاثة التى انعقدت وشارك فيها عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات التحديات التنموية المختلفة التى تواجه جهود الحكومات والمجتمع لمواجهة انتشار هذه الأمراض، وسبل دعم وتعزيز وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية الوطنية فى مجالات الوقاية ومكافحة انتشار الأمراض غير المعدية، والأطر القائمة والجديدة اللازمة لتعزيز التعاون الدولى فى هذا المجال. حرصت مصر فى بيانها أمام المؤتمر ومداخلاتها بالموائد المستديرة حول الموضوعات المختلفة على إبراز عدد من المحددات الرئيسية التى تمثل حجر الزاوية فى مكافحة انتشار الأمراض غير المعدية كضمان حصول كافة المصابين بهذه الأمراض على أفضل سبل ومبادئ الوقاية والعلاج، وتقديم الرعاية والدعم اللازمين لهم فى إطار من الملكية الوطنية لكافة جهود مكافحة انتشار هذه الأمراض ووفقاً لأولويات وخصوصيات كل دوله، وإيلاء الاهتمام الكافى بدعم القدرات الوطنية للدول الأعضاء على مواجهة هذه الأمراض خاصة دول القارة الأفريقية، وبما يعزز من سعيها لتوفير برامج الوقاية والعلاج والرعاية الصحية، ومن قدرتها على تنفيذ حملات واسعة للتوعية والترويج لأسلوب حياة صحى، وبما يتطلب استثمارات كبيرة لبناء القدرات الحكومية والمجتمعية، وإعداد الكوادر البشرية المدربة، وتوفير العلاج بالعقاقير وتكنولوجيات التشخيص الجديدة والفعالة وذات نوعية جيدة وبأسعار معقولة، لا تستطيع كثير من حكومات الدول النامية توفيرها دون مساعدة خارجية. وأخيراً، ضرورة التوصل لحلول جذرية للمشكلات التجارية المرتبطة بالملكية الفكرية للأدوية المتداولة واللقاحات الحديثة الجارى تطويرها، بحيث يتم توفير العلاج الحديث بأسعار فى متناول الجميع، ولا سيما فى الدول النامية. وبالنسبة للجهود الوطنية على هذا الصعيد، أكدت مصر أن الحكومة الحالية تعمل على تعزيز المؤسسات الوطنية وحشد الدعم الدولى لها دون مشروطيات وبشكل فعال يسمح بتحقيق أقصى استفادة منها للتعامل مع المحددات الوطنية الخاصة بمكافحة هذه الأمراض، بحيث يتسنى إقامة التوازن بين الحاجة إلى تحسين الخدمات وإتاحتها للجميع فى أقرب وقت ممكن، وبين توفير العلاج والوقاية، وبين زيادة المساعدات وتحسين أساليب استخدام الموارد وتوافر العلاج والتكنولوجيات الجديدة بأسعار مقبولة. المزيد من مقالات محمود النوبى