بديع وأردوغان اجتهدت جماعة الإخوان المسلمين علي مدي السنوات الأخيرة كي تؤكد لجمهورها في مصر والعالم العربي إنحيازها لتجربة حزب التنمية والعدالة التركي, وعزمها علي أن تستوحي هذه التجربة لإحداث نهضة مماثلة في مصر, لكن مفكري جماعة الإخوان وقادتها نشطوا كي يقدموا حزب العدالة التركي للرأي العام المصري باعتباره حزبا إسلاميا, يكاد يكون صنوا لجماعة الإخوان المسلمين التي تري أن الدين والسياسة وجهان لعملة واحدة يصعب الفصل بينهما لأن الإسلام دين ودنيا وسيف ومصحف, ولم يحدث خلال عملية الترويج التي قاموا بها لحزب العدالة التركي أن تحدثوا عن علمانية الحزب الذي لا يقحم نفسه في الحريات الشخصية للأفراد, ولا يجعل من نفسه رقيبا علي سلوك الأفراد ويقبل في عضويته المسلم والمسيحي واليهودي واللاديني إلتزام بحق المواطنة الذي يكفل لجميع المواطنين حقوقا متساوية دون أي تمييز. وعندما جاء رجب طيب أردوغان إلي مصر, أستقبلته جماعة الإخوان بإعتباره الخليفة العثماني جاء في ثوب عصري لينقذ الإسلام والمسلمين ويقودهم إلي عصر النهضة, لكن أردوغان إختار أن يكون واضحا ومباشرا, تحدث عن حزبه العلماني الذي يقف علي مسافة واحدة من كل الأديان. ونصح أنصار الإسلام السياسي في مصر أن يشجعوا أقباط مصر علي دخول البرلمان تعزيزا لوحدة البلاد كما نصحهم بأن يكتبوا دستور البلاد بالتعاون مع كل القوي, وقصر مهمة حزبه علي أمرين اثنين, تنمية البلاد دون فساد, وتوزيع عائد التنمية علي كل الفئات لإقرار العدل لأن العدل أساس الملك, وبدلا من أن تستفيد جماعة الإخوان من تجربة حزب العدالة, وتحاول أن تتفهم أسباب نجاحها, وتدرك أهمية التزامها بحرية الرأي والتعبير وإقرارها مبدأ المواطنة للجميع دون تمييز, إنقلبت علي رئيس الوزراء التركي لأنه كان واضحا ومباشرا, وأنكرت حقه في أن يتحدث عن فكر الحزب الذي يرأسه ويقوده لتحقيق نهضة تركيا المعاصرة, ليتأكد لنا في النهاية أن المسافات لا تزال بعيدة بين جماعة الإخوان وحزب العدالة التركي وأن البون لايزال شاسعا بين فكر رجب طيب أردوغان وفكر المرشد العام محمد بديع. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد