انتخابات نقابة الصحفيين تمثل فرصة رائعة لنا -نحن الصحفيين- لتجديد أرواحنا بالتواصل المباشر ، وتخصيب عقولنا بتبادل الآراء ، والإضافة المشتركة لرصيد العمل الوطني بالاتفاق، والوحدة . "الصحفيون جميعا يد واحدة".. شعار أتمنى أن نتسلح به في مواجهة التحديات التي تقف بالمرصاد لنقابتنا ومهنتنا الشريفة . إنها روح "ميدان التحرير" التي صنعت ثورتنا العظيمة ، والتي أتمنى أن تصل إلى نقابتنا في عرسها السبعين ، وهي على موعد مع انتخابات النقيب ومجلس النقابة في منتصف شهر أكتوبر المقبل ، في منافسة يخوضها 109 زملاء ينتمون لمختلف الأجيال والخبرات والمؤسسات والتيارات . ومن أسف أنه في وقت نتحدث فيه عن توحيد الصفوف، والاختلاف باحترام ؛ حفاظا على تقاليد مهنتنا العريقة ؛ باعتبارها مهنة رسالة، وقلعة رأي.. استبق بعض الزملاء الانتخابات بافتعال نزاع حول الإشراف القضائي عليها، مع أنه ضروري كحكم محايد يفصل بيننا، كي لا نقع أسرى للاختلاف ، أو الاستقطاب ، أو النزاع ، أو الفشل. إن شخصنة الخلافات ، وعدم اتساع الصدور لقبول وجهات النظر المختلفة ، ومحاولة فرض آراء معينة دون رجوع للقاعدة العريضة من الصحفيين.. أخطار يجب أن نواجهها بالوعي ، والصبر، والحوار المحترم ، والتكتل الحازم ؛ دون إقصاء ، أو تعميم ، أو تخوين. هذا لن يتحقق إلا بتجنب سلبيات كثيرة.. فبعض المرشحين تطغى عليه نرجسية الإفراط في الحديث عن الأنا والذات.. والبعض الآخر ينقل شعورا بالفوقية والاستعلاء، كأنه مرشح السماء. البعض الثالث يخوض الانتخابات متسترا بمشاركته في الثورة.. في حين يستند فريق رابع إلى تاريخه النقابي فقط .. بينما فريق خامس لا يقدم برنامجا، ولا رؤية، وإنما وعودا وردية من قبيل : "لن أغلق هاتفي، وستجدني كلما اتصلت بي".. هذا كله وحده لا يكفي. ذلك أننا في حاجة إلى منافسة شريفة تقوم على المفاضلة بين البرامج لا الأشخاص، وبين الأفكار والرؤى والمشاريع .. لا التيارات والأحزاب والشلل. وبالتالي لا ينبغي النظر إلى المرشح : إلى أي مؤسسة ينتمي، ولكن يجب النظر : إلى أي فكرة ينحاز، وإلى أي برنامج يتبنى ، وإلى أي مشروع يحتضن ؟ إن البرنامج هو الحل والفيصل والحكم بين مرشح وآخر.. على ألا يتضمن وعودا، وإنما دراسات ومشاريع قابلة للتنفيذ ، محددة الآليات، مجدولة الأوقات. وفي هذا الصدد تحملنا آمالنا العظيمة على التطلع إلى نقابة قوية تتمتع بالاستقلال المالي من خلال مواردها الذاتية ، وإعادة هيكلة أجور الصحفيين بالمؤسسات المختلفة ، وتحقيق عدالة اجتماعية عبر أنشطتها وخدماتها النقابة ذاتها لأعضائها. ونتطلع إزاء ذلك إلى قانون جديد للصحافة يحدد دور النقابة، وينقل صلاحيات المجلس الأعلى للصحافة .. بعد إلغائه إليها. والأمر هكذ ، نريد تركيزا على "المهنية" التي تضمحل مع زيادة تدخل رأس المال في توجيه السياسات التحريرية بالصحف الخاصة ، وعبر سطوة الإعلانات على الصحف القومية. كما نريد التصدي للغارة القائمة حاليا على الصحافة ، والتي تهددها من الداخل.. عبر رأسماليين وإقطاعيين جدد يحاولون أن يؤثروا في قطاعات عريضة من الصحفيين من خلال ضخ الأموال، واستقطاب الصحفيين لشلل تتبع رؤساء تحرير، أو سياسات معينة. وهذا ما لخصه الزميل ممدوح الولي بتعبيره :" تعظيم قيمة المهنة في المجتمع، واستعادة الثقة مع الجمهور" . وأشارت إليه الزميلة عبير السعدي بقولها :" نريد صحفيا يمتلك أدواته ، ويعرف أصول مهنته ، واحتياجات وطنه الأصغر والأكبر ". أخيرا : ليحتكم كلُ من إلى ضميره المهني ، وأن يختار الأكفأ والأصدق ، فالمرحلة دقيقة ، والظروف لا تحتمل ترف انتخاب من هو غير جدير بتحمل الأمانة. وليعلم الزملاء المرشحون أنهم ليسوا أفضل الموجودين بيننا لحمل الرسالة، والنهوض بالعبء ، فهناك من يتمتعون بأعلى مستويات الأخلاق والمهنية لكنهم آثروا عدم خوض الانتخابات.. رغبة في خدمة الزملاء والمهنة .. على طريقتهم . المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد