برامج التوك شو, أو برامج النقاش علي القنوات الفضائية هي برامج كان لها بريقها منذ أعوام في بداية وجودها, لأنها كانت جديدة في لغة حوار صريح لم تكن موجودة من قبل.. جديدة في عرض مشاكل علي الطبيعة قضايا وآراء لأناس يعرضون أوجاعهم ومعاناتهم.. ينتهي صاحب المشكلة من سردها, ثم يأتي دور المسئول عن تفاقم هذه المشكلة, وبدلا من أن نسمع منه اعترافا بالواقعة بعد أن تم نقلها بالصوت والصورة حيث لا مجال للإنكار, نفاجأ به في واد آخر, فكل حرصه هو دفاع متقن عن جهة اختصاصه وعن وزارته بما يحمل هذا السلوك الغريب, من استهانة بمشاكل الناس من جهة واستخفاف بعقول المشاهدين الواعية المثقفين من جانب آخر, الذين يشعرون علي الفور بعد هذا الدفاع الساذج بخيبة أمل! وكأن المسئولين جاءوا للبرامج من أجل الدفاع وليس من أجل ايجاد حلول جذرية لأصحاب المشاكل من البسطاء! وبعدها يمضي الوقت وتنتهي الحلقة علي مجرد عرض مشكلات دون حسمها أو ايجاد حلول فورية لها.. ثم تأتي حلقات أخري بنفس السيناريو الناقص الذي يبعد عن مؤازرة المظلومين مؤازرة حقيقية ملموسة. وفي الحلقة التي تليها, نري مشكلة أخري ووجعا آخر, ومتضررين آخرين من سلبيات أخري ويدور نفس السيناريو السابق ولا عزاء للمتألمين العاجزين الصابرين!! برامج النقاش التي نلتف حولها كل مساء, متنقلين من قناة إلي أخري, لا يمكن أن تستمر علي هذا المنوال, ولا يمكن أن تظل محلك سر.. فهي وإن كانت قد نجحت في سنوات سابقة, فيمكن أن تهوي مستقبلا إذا لم تقدم حلولا جذرية لمشكلات الغلابة. فلا يمكن أن تطلق برامج التوك شو أعيرة نارية صادقة تضيع للأسف في الهواء, في ظل استماتة الضيوف من المسئولين علي تبرئة ذمة جهات اختصاصهم ووزاراتهم!! مما يخلق فجوة باردة جديدة بين الناس وبينهم! مطلوب من برامج التوك شو, وقفة لتقييم الأداء وتحقيق المصلحة الكاملة لأصحاب المشكلات وايجاد حلول جذرية لها حتي لو اضطرت إلي تخفيض جذري من حلقاتها اللاحقة, لمتابعة يومية لحل المشاكل مع أصحاب الشأن لضمان الجدية والحسم! لوضع نهايات لأوجاع الناس المستمرة.. فلقد سأم الكثير منا من الترحيل, ترحيل عرض المشاكل وترحيل حلها, وترحيل عقاب المذنبين وترحيل فرحة المظلوم!! فلقد تعب الجميع من الكلام المنمق حتي استفحلت المشاكل, فما هو الحل الجذري مثلا لتجنب تناول الخضراوات المسرطنة التي يتحدث الجميع عنها منذ سنوات, خاصة وقد أضيف إليها هما أكبر وهو أنها تروي بمياه الصرف الصحي؟ وما هو الحل الجذري مثلا حتي يتوقف الناس عن شرب مياه صدئة تملؤها رواسب طفيلية ضارة بالصحة؟ وما هو الحل الجذري لضمان رغيف عيش نظيف مصنع من قمح نظيف مستورد من جهات أمينة علي صحة المواطنين؟ وما هو الحل الجذري مثلا لرفع مستوي معيشة من هم تحت مستوي الفقر ولو حتي لمستوي الفقر؟ الحل يكون بالعمل الجاد الحاسم لإيقاف فوري لكل الأخطار التي تهددنا, حتي لا تتفاقم المشاكل, ورقابة يقظة مستمرة حتي لو اضطروا إلي تغيير ادارات بأكملها في وزارات, تأتي بموظفين يشعرون حقيقة بآلام الناس, وأوجاعهم, يكون همهم الأول الإسراع بحب وضمير لحل مشكلات هؤلاء البسطاء المظلومين.. فليس عيبا مواجهة بعضنا البعض بمشاكلنا ولكن كل العيب هو في الاستهانة بتقدير حجم مشاكل الناس وأوجاعهم سنة وراء أخري, حتي يصعب ايجاد حلول سريعة لها.. كفانا كلاما وتبريرا ودفاعا وليبدأ العمل الجاد الحازم والمخلص لحل المشكلات المزمنة حلا جذريا وفي وقت سريع.