السيد أسامة هيكل وزير الاعلام جاءت به حكومة الثورة ليصلح الاعلام ويعالج سلبياته ومشاكله العديدة. وعلي الرغم من أن التليفزيون هو الأكثر مشاكل إلا أنه اهتم أيضا بمشاكل الإذاعة. وهذا يحسب له. من ضمن القرارات المهمة التي تصلح العمل الاذاعي في رأي الوزير هو قرار الاستغناء عن جهود رواد الاذاعة القدامي الذين مازالوا يقدمون خبراتهم الطويلة والمفيدة للمستمعين, بل ويقدمون خبراتهم أيضا لشباب الإذاعة الذين يحتاجون إليها, وصرح الوزير بأن هذا القرار يوفر نحو أربعة ملايين جنيه وهذا مبلغ لا بأس به, كان تصريحه هذا للصحف, لكن في التليفزيون صرح بأن العائد المادي للاستغناء عن الرواد الإذاعيين لا يذكر بالنسبة لمصاريف المبني, ونحن لا نعلم لماذا هذا التضارب في التصريحات؟! لكن الوزير قال إن القرار يوفر ساعات عمل بالنسبة لشباب الاذاعيين, وهذا الكلام غير عملي إذا عرفنا أن الاذاعات المختلفة تعمل لمدة42 ساعة وساعات الإرسال متوافرة جدا لدرجة تكرار إذاعة البرامج وأحيانا اذاعة مواد لا أهمية لها.. واستثني الوزير من العاملين الرواد 11 اذاعيا قديما فقط لتقديم برامجهم وقال عنهم إنهم من الرواد, والحقيقة أن الرواد في العدد المستثني لا يزيدون عن عدد أصابع اليد الواحدة! بل إن من الذين يريد الوزير حجبهم من هم رواد حقيقيون ومن هم أفضل فنا اذاعيا وصوتا وأداء وشهرة أكثر من الذين اختارهم! ونحن نتحدث بصراحة لاننا نعيش بعد ثورة الشباب الطاهرة التي تحولت إلي ثورة شعبية عارمة, في ظل هذا المناخ الثوري والحرية يجب أن نتحدث بصراحة يا سيادة الوزير, ويجب أن تحاورنا ولا تغلق بابك العظيم في وجهنا!.. العجيب أيضا أن من هؤلاء الذين اختارهم الوزير وقال عنهم إنهم رواد أشخاص أفسدوا الحياة الإذاعية وساهموا في فساد قبل الثورة, وأبسط مثل علي ذلك أن أحد هؤلاء حاول أن يشترك في مظاهرات شباب الإذاعة ليقفز عليها بحثا عن مكان أو منصب, لكن شباب الثورة الواعي رفض ذلك وطالب بطرده من صفوف الثوار فخرج يحمل أذيال الخيبة! الغريب والعجيب أيضا أن ينضم هذا الشخص نفسه لمجلس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عضوا به ليضع سياسة الاعلام في المرحلة القادمة. فهل هذا منطق الثورة أن نأتي بأحد الذين استفادوا من النظام القديم وكانوا من رجال صفوت الشريف المقربين ليضع سياسة الاعلام بعد الثورة؟ أليست هذه فزورة أو فلسفة اللامعقول؟ والسؤال الذي يفرض نفسه: هل نحن جادون في الاصلاح؟ وإذا كنا جادين فهل يمكن الاصلاح بالكوادر القديمة الفاشلة المتسلقة الانتهازية والتي استفادت فائدة غير معقولة. إن راتب الواحد منهم كان نحو مائة ألف جنيه وأحيانا نحو مائة وخمسين ألف جنيه شهريا! في حين كان نائب رئيس الإذاعة, أي الرجل الثاني, وكاتب هذه السطور منهم, لا يتعدي راتبه ثلاثة آلاف جنيه بالحوافز وكل البدلات, فهل هناك فساد أكثر من ذلك؟! إن جيل الرواد الذي يريد وزير الاعلام الاستغناء عنهم يتساقطون مثل أوراق الشجر في الخريف, فمعظمهم أكبر من سبعين سنة, ولو صبر وزير الاعلام عليهم لانتهت المشكلة في غضون سنوات قليلة, دون قرارات هادمة قاتلة وذبح الخبرات التي تمثل أكثر من أربعين عاما, ثم إن ما يتقاضاه هؤلاء أقل بكثير مما يستحقون وهم يعلمون ذلك, لكنهم يعرفون أن العمل الإذاعي والاعلامي رسالة مهمة لا يهم معها المال. والإذاعي فنان عاشق لعمله, وكما نعلم أن الفنان دائما يعطي أكثر مما يأخذ. وسؤال آخر يفرض نفسه: لماذا تغلق بابك في وجوهنا؟ ألا نستحق أن نري وجهك الكريم ونتحاور معك ونحن رواد الإذاعة فعلا؟! وهل تسمح لي يا وزير الاعلام أسامة هيكل أن أعبر لك عن عدم اعجابي بحوارك التليفزيوني مع التليفزيونية القديرة مني الشاذلي فقد كنت مستخفا بأسئلتها, ثم ما هي حكاية ملاحقتك لها دائما: قولي.. قولي.. إن هذه الطريقة أبعد ما تكون عن قواعد الحوار الحقيقي الناجح, وغريب أن يصدر ذلك من وزير الاعلام! المزيد من مقالات فايز فرح