ليسمح لي الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة ان أستعير منه عنوان مقال له نشر في يوليو عام 2007 بإحدي الصحف الخاصة, دعا فيه الي أهمية تفعيل مبدأ المواطنة من خلال اختيار احدي المناسبات العامة او الدينية, وتحويلها الي عيد للمواطنة المصرية. فقد دعا ابو غازي لإحياء الاحتفال باحد اهم الاعياد المصرية القديمة, والتي طواها النسيان, وهو عيد رأس السنة المصرية, الذي كان يحتفل به قدماء المصريين, والذي كان يرتبط بالاحتفال بفيضان النيل, شريان الحياة لمصر, وهو يواكب في نفس الوقت الاحتفال بعيد النيروز, او رأس السنة القبطية أول توت اول شهور السنة القبطية المصرية, والذي يوافق 11 سبتمبر من كل عام والذي كان يحتفل به قديما احتفالا رسميا باعتباره عيد رأس السنة المصرية. اقترح ابو غازي ان يتحول هذا العيد الي عيد شعبي وقومي, يطلق عليه عيد المواطنة المصرية, نحتفل به جميعا مسلمين ومسيحيين ويكون بمثابة تأكيد لروح المحبة والإخاء التي تجمع بين أبناء مصر جميعا, بعيدا عن الشعارات. ويواكب الاحتفال بعيد النيروز احتفال الفلاح المصري بأول السنة الزراعية والمعروف ان الفلاح المصري مازال حتي يومنا هذا يحدد مواقيت الزراعة ببدايات شهور السنة القبطية التي تبدأ بشهر توت وهو مشتق من اسم الإله تحوت إله المعرفة وهو حكيم مصر عاش ايام الفرعون مينا الاول كما انه مخترع الكتابة ومقسم الزمن.. وقد اختار بداية السنة المصرية مع موسم الفيضان لانه وجد نجمة الشعري اليمنية تبرق في السماء بوضوح في هذا الوقت من العام. احتفظ المصريون بتوقيتات بدايات الشهور التي يعتمد الفلاح عليها في الزراعة مع تغيير عداد السنين وتصفيره لجعله السنة الاولي لحكم دقلديانوس فأصبح عام 284 ميلادية يساوي العام الأول للسنة القبطية التي تقابل سنة 4525 توتية (فرعونية) ومن هنا ارتبط النيروز بعيد الشهداء.. والجدير بالذكر ان البطالمة في أثناء وجودهم بمصر من 323 ق. م الي 30 ق. م أسهموا في الاحتفال بعيد النيروز وأقاموا الهياكل التي كان من اهمها هيكل دندرة بجوار مدينة قنا بالوجه القبلي وهو شاهد حتي اليوم علي ان عيد النيروز عيد مصري كان يحتفل به اكثر من مليون زائر يستحمون في نهر النيل صباح عيد النيروز ويرتدون الملابس الجديدة ويكرمون من يستحق التكريم. وقد ظل الاحتفال بعيد النيروز احتفالا رسميا وشعبيا منذ العصر الوثني مرورا بالعصر المسيحي وصولا الي العصر الإسلامي حيث كان الفاطميون يحتفلون به وطنيا في ايام المعز لدين الله الفاطمي وكذلك الحال في عهد محمد علي باشا الكبير وحتي عهد سعيد باشا الذي كان قد أصدر فرمانا في عام 1855م باعتبار التاريخ القبطي هو التاريخ الرسمي للدولة وقد ظل معمولا بهذا الفرمان حتي تم إلغاؤه في عهد اسماعيل باشا عام 1875م. حيث اعتبر التاريخ الافرنجي هو التاريخ الرسمي للدولة. وبرغم ذلك ظل الاحتفال بعيد النيروز احتفالا وطنيا من خلال جمعية التوفيق القبطية التي كانت ومازالت تحتفل بهذا العيد ففي عامي 1921,1919م كان خطيب الحفل الزعيم سعد زغلول وفي عام 1939م كان خطيب الحفل احمد نجيب باشا الهلالي وزير المعارف في ذلك الوقت وفي عام 1942م حضر الاحتفال الزعيم الوطني مصطفي النحاس وفي عام 1952م حضر الاحتفال اللواء محمد نجيب وفي عام 1973م حضر الحفل عبدالمنعم الصاوي وكان يشغل منصب نقيب الصحفيين ومع مرور الايام اصبح يحتفل بهذا اليوم احتفالا دينيا فقط. واليوم تتكرر الدعوة من جديد, لاسيما أننا علي اعتاب تاريخ جديد سطرته ثورة الخامس والعشرين من يناير بدماء ابنائها مسلمين ومسيحيين. المزيد من مقالات نبيل نجيب سلامة