فلول المعارضة! نفهم أن يسقط النظام (هذا إن كان قد سقط!) لكن ما نفهمه أيضا أن المعارضة التي كانت تعارضه يجب أن تسقط هي الأخري, إذ لم يعد معني لبقائها مادام الذي تعارضه قد رحل! وليس هذا فحسب, بل إن سقوط النظام يستدعي بالتبعية سقوط الإعلام المعارض (أو الذي كان معارضا له كده وكده!) إذ ما معني أن يظل الإعلاميون أنفسهم الذين أسهموا في انهيار الأوضاع في البلد في الحديث باللغة ذاتها, وطريقة التفكير إياها؟ هل معقول مثلا أن يتحول الذين كانوا يديرون الحملة الانتخابية للحزب المنحل هم أنفسهم إلي دعاة للثورة والمدافعين عنها مع أن الثورة انفجرت أساسا ضد الحزب وسياساته وانتخاباته المزورة؟ لا شك أن ثمة شيئا ما خطأ! وهل يمكن أن يتخيل عاقل في مصر أن يخرج معارض ما ليكتب علي الفيس بوك داعيا إلي صدام بين الجيش والشعب كي نتحرر كما تحررت ليبيا؟ أليس القابعون داخل المدرعات هم أشقاء للمتظاهرين في التحرير؟ هل هذه معارضة عاقلة أو تبحث عن مصالح الناس الغلابة؟ وهل ما نراه من الخبث والمكر في المعالجة الإعلامية لمحاكمات رجال النظام السابق, وإشعال النار في عقول المصريين وقلوبهم, يدل علي معارضة حكيمة رشيدة؟ الثورة معها كل الحق في المطالبة برحيل الذين أفسدوا الحياة في مصر ومحاكمتهم.. لكن هل هؤلاء المفسدون هم فقط المحبوسون في سجن طرة الآن؟ وهل الفساد هو فقط مجرد فساد مالي وإداري؟ أليس ثمة أيضا فساد في الإعلام؟ وفي الرياضة؟ وفي الأندية الكبري؟ وفي الجامعات والمستشفيات و في الشرطة, وأحيانا في مؤسسات العدالة؟ مصر تريد معارضة تليق بثورتها, وأما الذي نراه علي الساحة الآن فهو مجرد فلول لا تختلف كثيرا عن فلول النظام الراحل. علي كل حال, فإن لكل ثورة رجالها, ويبدو- والله أعلم- أن الثورة المصرية لم تجد رجالها حتي الآن, وإلي أن يحدث ذلك لا يمكن تصديق كل من هب ودب, لا في السياسة ولا في الإعلام, وعلينا أن نعي تماما أن فلول النظام, كما أنهم يقاتلون باستماتة للحفاظ علي مكاسبهم, فإن فلول المعارضة هم أيضا يستميتون. ولن تنجح الثورة إلا إذا تخلصنا من الاثنين معا.. وليهنأ البلطجية الذين يعيشون هذه اللحظات أحلي أيامهم! المزيد من أعمدة سمير الشحات