كانت احتفالية لجنة الشعر بالمجلس الأعلي للثقافة بسبعينية الشاعر المبدع محمد الشهاوي, ختام نشاطها هذا العام, وهو نشاط تعددت جوانبه وصوره في اتساعه لأعمال الشعر المتعددة, وألوان الإبداع الشعري وأطيافه المختلفة. ولعدد من الرموز الشعرية الغائبة التي لا يزال قضاؤها الشعري حاضرا وممتدا. ومع الاحتفالية, وفيها كان الكتاب التذكاري الذي صدر عن محمد الشهاوي في هذه المناسبة, بعنوان تحولات العاشق الشاعر محمد الشهاوي في عامه السبعين, قدم له أحمد عبدالمعطي حجازي وأشرف علي صدوره فؤاد طمان وشارك في إعداده حميدة عبدالله وعماد غزالي وفولاذ عبدالله الأنور, وهي صيغة تكشف عن النسيج المفعم بالمودة بين هؤلاء جميعا من ناحية والمحتفي به من ناحية أخري, كما تكشف عن الطبيعة الجماعية لنشاط لجنة الشعر في كل ما تقوم به علي مدي أعوامها المتعاقبة, وثلاثة أجيال من شعرائها تشارك في كل مناسبة. ومحمد الشهاوي في مرآة أحمد عبدالمعطي حجازي هو الشاعر المغني حين يقول: أحدثكم عن شاعر لم ينل بعد حقه من الإنصاف رغم ان له صوتا من أنقي الأصوات وأجملها وأعذبها ورغم أنه منذ اختاره الشعر وليا من أوليائه, وصفيا من أصفيائه, لم يفارق قيثارته ولم تفارقه, فهو مغن مخلص للغناء, كما هو مخلص لنفسه, وهو مخلص لنفسه لأنه يعلم علم اليقين أن الشعر طير لا يبني عشه إلا في الذري, وهو مخلص لنا لأنه منا وإلينا, الشاعر صوت الأمة, والأمة هي المنبع والمصب. ولا أظن أني قد عرفت موهبة شعرية كبيرة تعرض صاحبها للظلم الذي تعرض له الشاعر محمد محمد الشهاوي بسبب إقامته وحياته بعيدا عن القاهرة وإصراره علي أن يكون مرتبطا بقريته عين الحياة إحدي قري مركز قنين في محافظة كفر الشيخ وهو الظلم الذي أدي إلي حجبه بعيدا عن أضواء الحياة الأدبية والثقافية وإغفاله في المناسبات والملتقيات علي مستوي العاصمة, بعد أن أصبح الوعي به وبإنجازه الشعري وحجم موهبته مقصورا علي القلة القليلة المحيطة به من أصدقائه ورفاقه, مخلصا طيلة عمره للإبداع الشعري الذي صدر له فيه: ثورة الشعر2691 قلت للشعر3791 مسافر في الطوفان5891 وزهرة اللوتس ترفض أن تهاجر2991 اشراقات التوحد0002, مكابدات المغني والتوتر4002, قصائد مختارة5002 ولا تزال له كتب ودراسات غير مطبوعة عن صالح الشرنوبي وأنور المعداوي ومحمد السيد شحاتة وشاعر البراري, وعلي قنديل وعبدالمنعم مطاوع والسيد محمد عبده سليم, بالإضافة إلي سيرته الذاتية: زهرة اللوتس التي ترفض أن تهاجر هذه السيرة الذاتية التي يقول في سطور منها: ثلاثة كتب في بداية حياتي القرائية كان لها فعل السحرفي حياتي كلها: المنتخب من أدب العرب بأجزائه الأربعة التي اشتريتها وأنا بالسنة الأولي الابتدائية من أحد أرصفة الشارع الرئيسي بدسوق بستة عشر قرشا, ثم ذلك الكتاب الذي أهدانيه الشاعر عبدالفتاح إبراهيم شتا مجموعة النظم والنثر هذان الكتابان المنتخب والمجموعة يمثلان بما فيهما من نصوص وشروح وتراجم من امرئ القيس حتي شوقي وحافظ موسوعة ادبية ومرجعا مهما ولعل هذين الكتابين بما فيهما من تعدد الأصوات المبدعة شعرا ونثرا هما اللذان عوداني التنوع في قراءتي وألا يتأثر انتاجي الشعري بشخص بعينه, وأما الكتاب الثالث فهو ديوان شعر صغير باسم نشيد الصفاء لشاعر أحدث في نفسي ما يفوق كل تصور: الشاعر صالح الشرنوبي الذي يقول: أنا سر الجنون قبل الجنون. قبل أن تستقل كاف بنون وإذا كان الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي قد رأي في شاعرنا المبدع محمد محمد الشهاوي أنه الشاعر المغني, فإني أري فيه شاعر الوجد الشعري الشاعر الذي حل فيه الشعر حلوله الكامل وأصبح كل منهما صاحبه الشعر هو وهو الشعر, فناء واستغراقا وهياما ونجوي واضحة السمحة الرضية المسكونة بصفاته وشفافيته تهتف لإحبائه مرددة ادخلوا يا أحباء هذه مغاني الحنايا تمد اليدا, ادخلوا إن قلبي لكم روضة جنة, قد غدا ما الذي ياتري تحذرون انبلاج المواجيد في خافقي أم صفاء الندي, ادخلوا أجمعين, أدخلوا آمنين, ادخلوا لا تهابوا, ففي كل عرق بجسمي لكم مستراح وفي كل جارحة منتدي! وهو الشاعر المهموم بالوطن والانسانية المثقل الرأس مما يدور حوله ويراه من حلل الحياة والوجود يحاور الكائنات كما حاورها طاغور ويطرح تساؤلاته وحكمته. أجمل ما في احتفاليتنا بسبعينية محمد محمد الشهاوي أنها احتفالية بالشعر الحقيقي المصفي, وبالشاعر الحقيقي إنسانا وصفاء ونهر خصوبة كما انها في الوقت نفسه نفي للادعاء والركاكة وسوقية الوجدان والعبارة, وحفاوة بالأجمل والأنقي. المزيد من مقالات فاروق شوشة