حينما نتحدث عن الأمن فإننا نتحدث عن حاجة أساسية لا يمكن أن يستغني عنها الإنسان, ويمكن أن يضحي في سبيل الحصول عليها بحاجات أخري كثيرة, ومتعددة.. وحينما قام العالم( ماسلو) بترتيب احتياجات البشر في تلك الحياة, وضع الأمن بعد الطعام, والشراب, والحاجات الفسيولوجية.. فالأمن فريضة يجب علي الدولة توفيرها للمواطن, وبدون الأمن لن تكون هناك دولة. إن الحكومة غير القادرة علي حماية مواطنيها في الداخل والخارج.. لا تستحق أن تبقي في مكانها دقيقة واحدة. وفي المقابل علي المواطنين تقبل وتنفيذ تعليمات الحكومة فيما يخص عدم وجودهم في أماكن بعينها يتوقع منها الخطر.. أما أن يترك الحال علي ماهو عليه الآن فذلك من غير المنطقي, وغير المقبول نهائيا. اما الجرائم الموجهة ضد المواطن العادي, ففي حادثة في منطقة الهرم قام المجرمون بتصفية أسرة باستخدام سلاح ناري في أوائل ساعات المساء, حينما تتجمع الأسر في البيوت, فلما سأل الجيران عن أسباب عدم تدخلهم عند سماع أصوات الرصاص؟.. كانت اجابتهم أنهم اعتادوا سماع صوت الطلقات النارية, والآلية طوال اليوم من بلطجية الشوارع, فلم يروا في الأمر جديدا.. فانظروا الي ماوصلنا إليه..؟ كما انه وبالرغم من أننا نري اعدادا كثيرة للشرطة في الشوارع, إلا أن عددا قليلا منهم هو من يتدخل لإعادة الانضباط في الشارع المصري, والحد من البلطجة, وأبلغ دليل علي ذلك حادثة مدينة نصر التي رأي فيها ضابط شاب كان يسير برفقة زوجته في غير أوقات عمله الرسمية لصا يسرق سيارة, فلما تدخل لمنعه قام اللص بإصابة الضابط بعدة طعنات نافذة, وتدخل الأهالي سريعا لانقاذ الضابط, والقبض علي اللص في غياب تام للشرطة في منطقة آهلة بالسكان بجوار النادي الأهلي. وفي حالتنا تلك هذا الضابط هو مواطن كان يجب حمايته, فأين كان الجهاز المسئول عن حمايته, وحماية المواطن العادي؟ أما عن حوادث البلطجة, وانتشار الباعة الجائلين في كل الميادين الرئيسية بشكل يعوق حركة الشارع, ويهدد السائر, والراكب, كذلك جرائم خطف متعلقات السيدات, وسرقة السيارات بالإكراه أحيانا, وفرض الاتاوات علي البشر, والسائقين, والباعة الفقراء وكأننا عدنا لعصر فتوات نجيب محفوظ فحدث, ولا حرج.. فهل المطلوب أن نلعن الثورة جميعا..؟ دعوني أذكر لكم حكما أصدرته محكمة باكستانية بمصادرة ممتلكات الرئيس المنفي السابق( برويز مشرف) وتجميد حساباته المصرفية في باكستان, بل وإصدار حكم باعتقاله.. هل تعرفون لماذا؟.. بسبب اتهامات بعدم توفيره الأمن لرئيسة الوزراء( بنظير بوتو) التي اغتيلت قبل أربع سنوات, في هجوم انتحاري.. فماذا ترون في هذا الخبر؟. انني استطيع الجزم بأن كل أزمات هذا الوطن ستحل إذا تم تخطي تلك العقبة المظلمة في حق المواطن المصري, وهي تهديد أمنه الذي اعتاد لفترة ليست بالقصيرة من عمره أن يحمد ربه علي أمنه, وسلامته وصحته, تلك الأشياء التي تمثل ركائز في حياته, ثم يشكو من الأشياء الأخري كغلاء المعيشة, وضيق ذات اليد... إلخ. فهل فكرنا إن نزعنا عنه غطاءه, وهو الأمن, والصحة فماذا يتبقي له؟.. ربما تجده ساعتها لا يبقي علي شيء.. وكلنا يعرف ملف صحة المصريين, وما وصل إليه.. فهل نريد نزع الحجر الأخير في استقرار الوطن والمواطن المصري؟.. فنحن مازلنا ندفع حتي الآن ضريبة الخلل الأمني الذي حدث في الأيام الأولي للثورة.. وفي النهاية فإنني أدعو الي حث كل الأطراف لحل مشكلة الأمن, بما يستتبعه ذلك بالتأكيد من فتح ملف الشرطة, وتصحيح أوضاع كثيرة بحيث يكون هدفنا الأسمي حماية هذا المواطن المسالم المصري.