ارتفاع أسعار الغاز العالمية في الربع الثاني من 2024

ارتفعت أسعار الغاز العالمية في الربع الثاني من العام 2024، في ظل الزيادة الملحوظة في متوسط أسعار الغاز الطبيعي الشهرية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك على خلفية تعافي نمو الاقتصاد العالمي فيما يعزى جزئياً إلى المعنويات الإيجابية الناجمة عن توقعات تيسير السياسات النقدية في النصف الثاني من العام الحالي.
ارتفاع أسعار الغاز العالمية
ويعزى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا وآسيا بصفة رئيسية إلى استمرار حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي إلى جانب انقطاع انتاجيه العديد من منشآت الغاز الطبيعي المسال.
وفي أوروبا، كان نمو أسعار الغاز الطبيعي مدعوماً بإمكانية خفض إمدادات خطوط أنابيب الغاز الطبيعي الروسية مرة أخرى والاضطرابات الناجمة عن توقف مركز سليبنر البحري في النرويج عن العمل، والذي يربط خطوط الأنابيب الممتدة من مصنع معالجة الغاز النرويجي في محطةنيهامنا إلى محطة إيزينغتون في المملكة المتحدة.
وفقا لموقع أويل برايس، تعتبر النرويج حاليا أكبر مورد للغاز الطبيعي على مستوى الاتحاد الأوروبي حيث توفر ما نسبته 30% من استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي.
وتعد التخفيضات الإضافية لإمدادات الغاز الطبيعي القادم من روسيا إلى أوروبا إحدى نقاط الضغط الرئيسية التي قد تتسبب في ارتفاع أسعار الغاز العالمية خلال النصف الثاني من العام 2024 على خلفية الزيادة المتوقعة في الطلب على الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي.
ومع استمرار الصراع الروسي الأوكراني، ما زالت تداعياته تنعكس في هيئة عدم استقرار سوق الطاقة الأوروبية والعالمية، هذا إلى جانب مساهمته في مواصلة الاتحاد الأوروبي مساعيه لقطع كافة إمدادات الغاز الطبيعي الروسية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وحتى الآن، بين عامي 2020 و2023، انخفضت حصة روسيا في واردات الغاز الطبيعي الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي من نسبة 50 في المائة (167 مليار متر مكعب) إلى 15 في المائة (45 مليار متر مكعب) وفقاً لشركة الأبحاث البلجيكية 'بروجل'. ونتيجة لذلك، زادت واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي غير الروسي كنتيجة مباشرة لإعادة توازن الصراع المستمر.
ووفقا للبنك الدولي، ارتفع المتوسط الشهري لسعر الغاز الطبيعي في دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 5 في المائة على أساس سنوي في يونيو 2024 ليصل إلى 10.87 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل 10.35 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في يونيو 2023.
وبالمثل، فإنه وفقاً للبنك الدولي، زادالمتوسط الشهري لسعر الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنسبة 15% على أساس سنوي في يونيو 2024 ليصل إلى 2.51 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل 2.18 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وفي الصين، لم تشهد أسعار الغاز الطبيعي تغيراً يذكر مما حد من الاقبال على شراء العقود الفورية للغاز الطبيعي المسال مرتفعة السعر، حيث شهدت الواردات عبر خطوط الأنابيب في البلاد زيادة بنسبة 17% على مدار الخمسة أشهر الأولى من العام 2024 لتصل إلى 21.85 مليون طن متري.
وانخفضت واردات الغاز الطبيعي المسال العالمية بنسبة 3.9% على أساس سنوي في مايو 2024 إلى 45 مليار متر مكعب مواصلة بذلك سلسلة التراجع التي عاصرتها صادرات الغاز الطبيعي المسال العالمية في أبريل 2024.
حقول الغاز أرشيفية
واردات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية
وتراجعت واردات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية بنسبة 28% على أساس سنوي (4.3 مليار متر مكعب) مسجلة انخفاضاً للشهر الحادي عشر على التوالي.
وارتفع إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي في آسيا خلال الربع الثاني من العام 2024 فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تزايد استهلاك الصين.
ووفقا لمنتدى الدول المصدرة للغاز، نما استهلاك الغاز في الصين خلال شهري أبريل ومارس 2024 بنسبة 8.5% و11% على أساس سنوي ليصل إلى 34 مليار متر مكعب و36.4 مليار متر مكعب، على التوالي.
وكان هذا النمو مدفوعاً بشكل رئيسي باستمرار انتعاش الأنشطة الاقتصادية في البلاد. بالإضافة الى ذلك، ارتفع إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي في الصين بنسبة 2 في المائة على أساس سنوي في أبريل 2024 بينما سجل إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد زيادة بنسبة 5% على أساس سنوي ليصل إلى 730 تيرا واط في الساعة خلال نفس الفترة.
وبالمثل، ارتفع استهلاك الغاز الطبيعي في الهند بنسبة 18% على أساس سنوي ليصل إلى 5.9 مليار متر مكعب مسجلاً بذلك نمواً بوتيرة متتالية للشهر السادس عشر على أساس سنوي. في المقابل، انخفض استهلاك الغاز الطبيعي في اليابان وكوريا الجنوبية بوتيرة متتالية في شهري أبريل ومايو 2024.
وانخفض استهلاك الغاز الطبيعي في اليابان من 5.9 مليار متر مكعب في أبريل 2024 إلى 5.4 مليار متر مكعب في مايو 2024 فيما يعزى بصفة رئيسية إلى قلة طلب قطاع توليد الطاقة بسبب اعتدال الظروف الجوية بشكل غير اعتيادي خلال هذه الفترة. كما انخفض استهلاك الغاز في كوريا الجنوبية من 3.7 مليار متر مكعب في أبريل 2024 إلى 3.3 مليار متر مكعب في مايو 2024، فيما يعزى أيضاً إلى تراجع طلب قطاع توليد الطاقة.
واستمر الاتجاه الهبوطي الذي اتخذه استهلاك الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، إذ شهد انخفاضاً خلال شهري أبريل ومايو 2024 في ظل استمرار تدابير خفض استهلاك الغاز الطبيعي وفقا لمنتدى الدول المصدرة للغاز، إذ انخفض استهلاك الغاز في أبريل بنسبة 12% على أساس سنوي بينما شهد استهلاك الغاز في مايو 2024 انخفاضاً بنسبة 6% على أساس سنوي إلى 18 مليار متر مكعب.
وشهد توليد الطاقة القائمة على الغاز في الكتلة انخفاضاً بنسبة 22% على أساس سنوي في أبريل 2024 وتقلص بنسبة 16% على أساس سنوي في مايو 2024، على التوالي، وشهد استهلاك الغاز الطبيعي في معظم الدول الاقتصادية الكبرى في الاتحاد الأوروبي انخفاضاً على أساس سنوي في مايو 2024 بصدارة إيطاليا (-9.5%) وألمانيا (-4%) وفرنسا (-2.9%)، وكان موسم الربيع الدافئ بصورة غير اعتيادية من أبرز العوامل الرئيسية التي ساهمت في انخفاض استهلاك الغاز في الكتلة حيث شهدت ألمانيا أحر ربيع لها منذ بدء تسجيل تلك القراءات.
من جهة أخرى، تحسن استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنسبة 1.7% على أساس سنوي في مايو 2024 ليصل إلى 66 مليار متر مكعب في ظل استمرار تحول قطاع توليد الطاقة من استخدام الفحم إلى الغاز بسبب ارتفاع أسعار الغاز إلى جانب نموالطلب على الطاقة للتبريد في مناطق معينة من الولايات المتحدة.
وفي مايو 2024، سجل توليد الطاقة باستخدام الغاز الطبيعي نمواً بنسبة 4.6% على أساس سنوي، أي ما يعادل نسبة 42% من مزيج المواد المستخدمة لتوليد الطاقة في البلاد، وبالمثل، ارتفع استهلاك الغاز الطبيعي في كندا بنسبة 4% على أساس سنوي في مايو 2024 مدفوعاً بصفة رئيسية ببرودة الطقس في أجزاء شاسعة من البلاد بما في ذلك بريتيش كولومبيا ويوكون مما زاد من الطلب على التدفئة.
وفي أحدث تقاريرها بعنوان توقعات الطاقة على المدى القصير، توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية انخفاض استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى 104 مليار قدم مكعب يومياً (2.5 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2024 مما يعكس توقعات انخفاض الاستهلاك الإجمالي في البلاد.
ووفقاً لمنتدى الدول المصدرة للغاز، ارتفع إنتاج الغاز الصخري الأمريكي بنسبة 1% على أساس سنوي ليصل إلى 87.4 مليار متر مكعب في مايو 2024، بصدارة منطقة الآبالاش الأمريكية التي شكلت 36 في المائة من إجمالي إنتاج الغاز الصخري خلال الشهر.
من جهة أخرى، ارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في كندا بنسبة 1.3% على أساس سنوي ليصل إلى 16.1 مليار متر مكعب في مارس 2024، وأنتجت مقاطعة ألبرتا الكندية ما نسبته 60% من إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد خلال شهر مارس 2024.
من جهة أخرى، تقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وصول إنتاج الغاز الطبيعي الأمريكي المعد للتسويق إلى 103 مليار قدم مكعب يومياً (2.91 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2024 ليشهد انخفاضا بنسبة 1% من العام 2023.
أما على صعيد القطاعات، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الامريكية أن تصل حصة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة من توليد الكهرباء إلى 41% في العام 2024، مسجلة انخفاضاً هامشياً من نسبة 42% في العام 2023.
أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة
أما فيما يتعلق بأسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يصل متوسط سعر عقود هنري هاب الفورية للغاز الطبيعي إلى نحو 2.50 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال العام 2024 ثم يرتفع إلى 3.30 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في العام 2025 على خلفية الانخفاض المتوقع لإنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة واستمرار الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال التي من المتوقع أن تصل إلى رقم قياسي على أساس سنوي في العام 2025.
وعلى صعيد الصادرات، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يبلغ متوسط صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال 12 مليار قدم مكعب يومياً (0.34 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2024، بما يتسق مع مستوى صادرات العام 2023، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تزيد صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية بمقدار 2 مليار قدم مكعب يومياً (0.06 مليار متر مكعب يومياً) أو بما يعادل 18% في العام 2025 إلى 14 مليار قدم مكعب يومياً (0.4 مليار متر مكعب يومياً) على خلفية زيادة القدرة التصديرية للغاز الطبيعي المسال التي من المتوقع أن توفرها ثلاثة من أصل خمسة مشاريع قيد الانشاء حالياً لتصدير الغاز الطبيعي المسال، والتي من المتوقع أن تبدأ عملياتها التشغيلية.
وشهد إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي الأوروبي في أبريل 2024 انخفاضاً هامشياً بنسبة 0.6% على أساس سنوي ليصل إلى 15.7 مليار متر مكعب، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى التراجع الحاد الذي شهده إنتاج الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة وهولندا، إلا أن إنتاج الغاز الطبيعي في النرويج نما بنسبة 3.4% على أساس سنوي ليصل إلى 10.7 مليار متر مكعب في أبريل 2024 بعد زيادة بنسبة 5% على أساس سنوي في مارس 2024.
ووفقا لمنتدى الدول المصدرة للغاز، ارتفع إنتاج الغاز النرويجي خلال الفترة الممتدة بين يناير وأبريل 2024 بنسبة 4% على أساس سنوي ليصل إلى 44.7 مليار متر مكعب مدفوعاً بصفة رئيسية بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي في حقل ترول. وبالمقارنة، انخفض إنتاج الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة وهولندا بنسبة 6% على أساس سنوي و32% على أساس سنوي ليصل إلى 2.8 مليار متر مكعب و0.7 مليار متر مكعب، على التوالي.
ويعزى انخفاض إنتاج الغاز في البلدين إلى نضج حقول الغاز وتقادمها، في المقابل، ارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في الصين بنسبة 4.8% على أساس سنوي ليصل إلى 19.8 مليار متر مكعب في أبريل 2024، وبالمقارنة، شهد إنتاج الغاز في الهند نمواً بوتيرة أقوى بنسبة 6% على أساس سنوي ليصل إلى 3 مليار متر مكعب خلال الفترة المماثلة.
ووفقاً لمنتدى الدول المصدرة للغاز، يمثل إنتاج حقل الغاز البحري في الهند نحو 74% من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد.
من جهة أخرى، سجل إنتاج الغاز الطبيعي في أستراليا، ثاني أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم في مايو 2024، زيادة بنسبة 2.7% على أساس سنوي في مارس 2024 ليصل إلى 13.9 مليار متر مكعب.
دول مجلس التعاون الخليجي
وفقا للبيانات الصادرة عن منتدى الدول المصدرة للغاز، كانت قطر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم في أبريل 2024، إذ بلغت صادراتها 6.4 مليون طن (8.7 مليار متر مكعب) بعد أستراليا التي صدرت نحو 6.5 مليون طن (8.84 مليار متر مكعب) من الغاز الطبيعي المسال خلال نفس الفترة، إلا أنه في مايو 2024، بلغت صادرات قطر الشهرية من الغاز الطبيعي المسال ما يقدر بنحو 8.2 مليار متر مكعب لتحتل بذلك المرتبة الثالثة ضمن قائمة أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية (10.5 مليار متر مكعب) وأستراليا (8.84 مليار متر مكعب).
وكان هناك نشاط تعاقدي كبير في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الثاني من العام 2024 بما في ذلك إبرام اتفاقية بين قطر والصين لبناء 18 ناقلة غاز بسعة 271,000 متر مكعب لكل منها وبقيمة إجمالية تبلغ 6 مليار دولار أمريكي.
بيع الغاز الطبيعي المسال
كما تم توقيع 6 اتفاقيات جديدة لبيع الغاز الطبيعي المسال في مايو 2024 بما في ذلك عقد الرويس للغاز الطبيعي المسال الذي ستصدر بموجبه الإمارات ما يقدر بنحو 0.8 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا لمدة 15 سنة.
وبالمقارنة، فإن أربعة من أصل خمس اتفاقيات جديدة لبيع الغاز الطبيعي المسال التي تم توقيعها في أبريل 2024 كانت مرتبطة بمشروع قلهات للغاز الطبيعي المسال في عمان بما في ذلك اتفاقية بيع وشراء لتوفير 1.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنوياً إلى تركيا لمدة عشر سنوات.