- سافر إلى الخليج ل "ستر بناته" فعاد ب"قدم مبتورة" بناية متواضعة في إحدى أكثر مناطق شبرا الخيمة فقرا، تظهر الشقة الأكثر تواضعا في الطابق الأخير. لا يطل منها ضوء. فقط ظلمة وصمت يصرخان بمأساة من يعيش فيها. "شحات أحمد علي"، أحد الكادحين الذين لا يمر يوما إلا وتصادف بعضهم، كان –قبل أن تبتر ساقيه- يقتات وزوجته وأمه وبناته الأربع من عرق جبينه "باليومية". اضطرته ضغوط الحياة للسفر إلى الخليج تاركا نسائه الست مع ابنه الوحيد، كي يأتي لهم بالمال الذي يسترهم. ذات يوم، بينما هو في عمله، وطأ ذلك المسمار –الذي لن ينساه- قدمه اليسرى، لتبدأ مأساته. تفاقم الجرح ولم يعرف طريقا للعلاج بسبب إصابته بمرض السكر. عاد "شحات" من السعودية بحفنة من الأموال وقدم واحدة. زوّج أبنائه الخمسة بكل ما يملك، ليبقى بعد ذلك –مع أمه وامرأته- في تلك الشقة التي لا تكاد تحوي شيئا. يحكي صاحب ال 62 عاما ل"أهل مصر"، كيف تملك المرض من جسده بعد عودته إلى مصر، إذ يقول إنه فوجئ بكدمات في قدمه المتبقية نتيجة إصابته بمرض السكر، تطورت إلى انسداد في الشرايين، ما اضطره إلى "بترها" لتلحق بالثانية ويعيش قعيدا. "مصدر رزقنا هو 360 جنيه معاش ضمان اجتماعي.. بناكل ونلبس ونشرب ونتعالج بيهم.. خلاص مابقاش فيه حاجة في البيت فاضلة عشان نبعها.. وولاد الحلال كتير ربنا يباركلهم"، تروي زوجة "شحات" التي استسلمت لمرضها وإعاقة زوجها فتركت مصنع الملابس الذي كانت تعمل به لتأتي بقليل من الأموال تعينهم على مواجهة صعوبات الحياة. وتابعت: "أنا بساعده في التغيير على رجليه.. هو محتاج بخاخ يومي ب 25 جنيه.. وإحنا مش حمل مصاريف ممرضة.. وحاولنا بكل الطرق نحصل على قرار لصرف العلاج من داخل معهد السكر ولم يسمع لنا أحد.. وبنضطر نديله نصف العلاج بس كل يوم علشان منقدرش نشتري".