احمد حسان وعبد الرحيم يوسف فى احدى جلسات المؤتمر عقد في مكتبة أكمل بالإسكندرية مؤخرا مؤتمر لمناقشة قضايا الترجمة بعنوان (الترجمة.. إشكاليات وتجارب)، المؤتمر استضاف المترجمين أحمد حسان، خالد رؤوف، عبد الرحيم يوسف، أيمن بدر، شوقي سالم وكاتب هذه السطور. كلمة شوقي سالم بدأت المؤتمر وتحدث فيها عن تعريب المصطلحات العلمية، وجاءت تقنية إلي حد بعيد، حيث تحدث عن طبيعة المصطلحات وانقسامها إلي مصطلحات موضوعية مثل "كيمياء، طبيعة، زراعة"، وجغرافية مثل "سوريا " ومصطلحات تعبر عن أسماء الأشخاص ومصطلحات تعبر عن أسماء المؤسسات والهيئات، ومشاكل كل نوع من هذه المصطلحات، وصعوبة الترجمة العلمية بشكل عام والتي تعتمد علي المصطلحات مقارنة بالترجمة الأدبية الأكثر سهولة، وهو ما أثار اعتراض كثير من الحضور امتدت آثاره حتي النقاشات في اليوم التالي. أضاف أن ما يتحكم في صعوبة الترجمات المصطلحات العلمية الجديدة هو عدم المعرفة الدقيقة بمحتواها، وضرب مثلا بكلمة "السي دي"، التي تمت ترجمتها إلي عدة مصطلحات في بداية ظهوره مثل "قرص مدمج"، اسطوانة مضغوطة" قرص ليزر" أو "مليزر". الشاعر عبد الرحيم يوسف تحدث عن مشاركته كمترجم في تجربة مجلة "مينا" التي تصدر في الإسكندرية بالعربية والإنجليزية، والتي صدرت بمبادرة من الشاعرة "أندي يانج"، والتي تعمل مدرسة للكتابة الإبداعية في أكاديمية نيو أورليانز حيث خطرت لها فكرة إصدار مجلة تحمل اسم مينا الذي اقترحه الشاعر خالد حجازي. قام يوسف في المجلة بترجمة عدد من النصوص إلي العامية المصرية، وهو ما مثل صدمة بالنسبة للكثيرين، وبرر هذا بالقول أن النص يحمل بداخله منطقه، واستشهد بترجمة فؤاد حداد لمسرحية "المغول" لبيتر فايس إلي العامية المصرية، كما ترجم عبد الرحيم ترجم نصوصا أخري إلي الفصحي مثلا، وطرح قضية مشاركة عدد من المترجمين في تحرير النص المترجم، كما حدث في ترجمة النصوص الإبداعية في مجلة مينا مثلا. أما كاتب هذه السطور فلقد تحدث عن تجربته في العمل مترجما عن الأدب العبري بالمدونة التي أنشأها لهذا الغرض بعنوان "هكذا تحدث كوهين"، وتحدث عن صعوبات ترجمة هذا الحقل المعرفي والتي تعود في أغلبها إلي الالتباس في تعريف مصطلح "التطبيع"، مما يجعل ترجمة هذا الفرع خاضعة دائما إما لاتهامات مسبقة، أو دفاع مسبق، بدون قراءة المحتوي في الحالتين غالبا. المترجم أحمد حسان بدأ كلامه بالقول إنه سيعتمد علي ورقة أعدها مسبقا وهي مقدمة لترجمة كتاب "لوحات باريسية" لبودلير، أشار إلي أن الترجمة ورطة، ولكنها في النهاية ورطة محببة، وأن المترجم _ كما يقول عنه فالتر بنيامين _ هو شخص واقع علي حافة الغابة، بينما الكاتب هو شخص مكانه بداخل الغابة. وتحدث عن الترجمة كفعل حب، ولكن عنها أيضا كفعل كراهية، فالترجمة بمنطق "اعرف عدوك" مثلا هي ترجمة بمنطق الكراهية، وأشار إلي قول نيتشة بأن الترجمة هي فعل غزو للثقافة الأخري والسطو عليها، فجوتة مثلا قام بالسطو علي صورة المشاعر الشرقية من أجل كتابة "ديوان شرق غرب". وقال أن المترجم في النهاية هو شخص عميل للغته: "أنا أعمل لدي العربية، يفترض بي، بجانب نقل النص، أن أقوم بتوسيع خيال العربية." المترجم خالد رؤوف تحدث عن تاريخ ومحددات الترجمات بشكل عام والترجمة عن اليونانية التي يمتهنها بشكل خاص، مستشهدا ببعض التعريفات للترجمة مثل تعريف فورستر بأن "الترجمة التي تفي بنفس الغرض في اللغة الجديدة مثلما فعل الغرض الأصلي في اللغة التي كتب بها"، كما يصف أور عملية الترجمة بأنها مطابقة للرسم، ف"الرسام لا يستخرج كل تفصيل في المنظر"، فهو ينتقي ما يبدو أفضل بالنسبة له، كما يطالب معظم علماء الترجمة بالاهتمام بالمعني وليس بالمفردات اللغوية، ذلك أنه إذا لم تقم الترجمة بالوظيفة الإيصالية، أي إذا لم يكن لها معني لدي المتلقي، فإنها في هذه الحالة لا تكون قد بررت وجودها". اللافت أن رؤوف قد عرض هذه الآراء بوصفها قابلة للجدال وليس للانحياز لأحدها علي حساب آخر. المترجم عن الفارسية أيمن بدر تحدث عن تجربته في المجلة الإلكترونية "إيران خان" والتي تعرض لنماذج من الثقافة الإيرانية الحديثة، وتحدث عن صعوبات ترجمة اللغات الشرقية بشكل عام ومنها قلة المصادر وقلة الدخل المادي للمترجمين، كما أشار إلي بعض الشعراء الإيرانيين المعاصرين ومنها فروغي فروغادة والتي صدمت المجتمع الإيراني لتحررها وثارت تكهنات بخصوص موتها شابة في حادث سيارة غامض، كما تحدث عن أعلام الشعر الإيراني المعاصر وهو _ بجانب فروغزادة _ نيما يوشيك، وأحمد شاملو وسهراب سبهري. كما أشار إلي طبيعة الاتهامات التي توجه له حين يترجم عن الفرنسية، حيث يُتهم بأنه ينشر التشيع في العالم العربي! وتحدث عن الأديب صادق هدايت الذي كان عنصريا ضد العرب، ولذا فجميع من يحاولون التدليل علي عنصرية الفرس لا يستشهدون إلا به ويغفلون جميع النماذج الأخري.