يدق محمد الباب بوهن، أميز طرقه الضعيف طول وقفته علي العتبة أفتح الباب تيار الهواء البارد ينرفزني.... أساله في لهوجة غير المصدق: ما بك ؟؟ يرتعب.. جسده يشر دما يخشي العقاب فلا يتوجع أضمد الجروح.. أتريث يبدل ملابسه المبقعة.. أفكر ملياً.. أدع القراءة وعلي طابلية العشاء أروي: (أحرس عروش الطماطم المغرب علي الأبواب. لا أحد يأتي أتناسوا غروبي ؟! أحيانا يسرقهم الوقت فلا يشعرون بالغائب أيا ما كان سنه ربما آثروا الرحلة من دوشته؟! ولكن ما فائدة التنجيم الآن؟!؟ فالليل يحمل في أحشائه الفزع أخاف الركون في السباتة ثعبان وعقرب وفأر وقائمة طويلة من نواب عزرائيل يتربصون بي أترجل إلي حافة الجسر الأرض متشققة تترقب انسلال المياه الشحيحة تنغرس قدماي في الفرجات تتهدم حواف الشقوق أنثني محاولاً تخليص قدمي اليسري من الانحشار. شئ ثقيل يسقط يرتطم يدوي.. أبتعد تنخدش قدماي أرتج أتقارب إنه تماماً كالنسر المصور في كتاب المطالعة. قال لنا المدرس: إنه جارح.. يزدرد طفلاً صغيراً ولا يبقي منه شئ أدور حول نفسي؟؟ أخشول كضروس آله خربانة أصابها عطب الإهمال أنثره بالطمي الجاف أطرده: هش.. هش (غور) لا يتحرك يتململ ولكنه لا يتزحزح.. أثبت رغبات الطفولة تكبلني بالشجاعة والإقدام تتكثف الأغبرة ترسمها الرياح المفاجئة دوامات أدعك عيني الرمضاء تتحرك قدماي في عفوية الأمس جناحه الأيسر عملاق وناعم.. الدماء تكسي نتوءه من الجسد المهدود. فرغت الصحون أسكت عن الكلام أنصت إلي رنين زوجتي: في عين أبيك... في عين أمك... في عين كل من شافك ولم يصل علي النبي... تدع عروس الورق لتغرف الطعام.. يستعجل الأولاد الطبيخ صوتها يأتينا من وراء الجدران: حاضر.. بطونكم فيها حوت. تسبقها رائحة الباذنجان والثوم والفول المدمس تقعد تلتقط الوليد من القاع تمتد اللقم إلي الأطباق محمد يزهد الطعام كعادته أزجره.. يشدني الحكي من ملاحقة الطعام: (خلبتني الحيرة): ماذا أفعل؟؟؟ لو هز جناحيه لأصابتك الكدمات!! لا تكن كأطفال البندر !!! أخرج المنديل من سيالتي أعلقه بطرف الحطب ترجفه يداي يقع العود ألقفه أنفض المنديل... أمسح بعض الدم السائب لن يفيد ما أفعل!!! أملأ الصحيفة بمياه المسرب وقبل أن أستوي علي الحافة أنزلق في قلبه. مسحنا طبق الفول أستعجل المدد تتأخر لا أستشيط غضبا فقد غزل التعود علاقتنا بالهدوء تعلن وبوادر تذمر تطفو: آخر شوية فول مازال الوليد يشغلها تتعالي زفراتها: عين الحسود فيها عود... حصنتك باسم الله... أكمل يابابا (إمسك بالهيش لا ينقذني إلا قحف جاف وإرادة مذعورة أحمل الصحيفة مقتربا من النسر أغطس المنديل المقتطع من جلباب أبي المتكهن أعصره نصف عصر أكشط بعض الدماء المتجلطة أتجرأ مردداً قول أبي: العمر واحد. أتحسس الجرح الفائر.) ؟؟ أتت الأفواه علي العيش فرغ المقطف إلا من رغيف دهنت وجه الوليد بالرماد تتعلثم: يابحر البحور خذ الحسد و(غور). أسترسل والآذان صاغية: (أعود إلي السباتة في جميع الاتجاهات أوهام ولكنها مخيفة أبحث عن المسلة وبكرة الدوبار ألطم الخيط بشق المسلة الجرح العميق تواري العرق الغزير أغرقني يهز رأسه كلما أنسل الخيط في اللحم المشروم) خفيف الهدهدة يتناغم عين الحسود فيها عود....