في معرض الحديث، لابدّ من ذكر ما شنّه بعض من أدباء الأقصر، ردّاً علي ما أطلقته مؤسّسة "هنا" للتنمية الإعلامية، من زعمها لإقامة "مهرجان طيبة الثقافي الدولي" الأول للفنون التلقائية ومسرح الطفل، ممّا حدا بهم -ونظراً لتاريخ "مهرجان طيبة" منذ أواخر الثمانينيات، وحتّي عام 2011- إلي شنّ حملة، ولقاء المحافظ، لتغيير عنوان مهرجان مؤسسة "هنا"، فكان أن أصبح اسمه "مهرجان الأقصر"، بل وعوقبت إحدي الأديبات بسحب دعوتها وحرمانها من حضور المهرجان لأنّها أول من نشرت دعوتها مزيّلة بعنوان "مهرجان طيبة" علي "الفيس بوك"، وأثارت أدباء الأقصر؛ من وجهة نظر القائمين علي المهرجان. إذن نحن أمام فعل قمعي قبل حتّي أن يبدأ المهرجان، والذي أختير لتنظيمه اثنان من أدباء الأقصر، أقسم أحدهما أنّه لم يعرف عن نوايا الدكتورة "هنا" شيئاً، وساير الثاني الأمور نظراً للمبلغ المدفوع لقاء التنظيم، وحارب أدباء الأقصر في حملتهم ضدّ عنوان المؤتمر بلا مبرّر، بل ذومع بداية المهرجان- انكشف أمره، من أنّه مجرّد مرافق للبعض، وليس منظّماً كما زعم. الغريب أنّ المهرجان كان يمكنه أن يكون محوراً ثقافياً مهمّاً له شأن داخل عجلة الحراك الثقافي في محافظة الأقصر، حيث الوفود العربية مختلفة البلدان، من تونس والجزائر والعراق والإمارات وليبيا وغيرها، والأغرب أنّ أحداً ربما لم ينتبه لعنوان المهرجان وهو "مسرح الطفل"، التساؤل إذن: أين الطفل وكتّاب الطفل من المهرجان؟ كلّ ذلك تلاشي مع أول فعاليات المهرجان، والتي أقيمت بشكل عشوائي أمام فندق "ونتر بالاس" بالأقصر"، وهي عبارة عن عروض تداخلت وتزاحمت وفقدت جدواها، ففي حوالي الساعة العاشرة صباحاً بدأت العروض، في الشارع، ودون تنظيم أو دعاية، بشكل يعتريه التهريج الشديد، تنافياً مع مسمّي "مهرجان" أصلاً، ثم الكارثة، وهي أنّ بعض الوفود العربية جاءت لحضور المهرجان علي نفقتها الخاصة، فنزلت في فنادق الأقصر، والوفود التي جاءت علي نفقة المهرجان نزلت في قرية "الطود" جنوبالأقصر في نزل الشباب، واكتشفوا أن عليهم قطع ما يزيد علي الساعة بالسيارة لحضور فعاليات المهرجان داخل قصر الثقافة! الأدهي أنّ المحافظ كرّم كلّ الأسماء العربية أولاً في حفل الافتتاح، وترك الأسماء المصرية للنهاية، ولم يكرمها كلّها، فكان حفل الافتتاح عبارة عن مشاجرات ومشادات بين المنظمين وبين د. هنا رئيس المؤتمر، وبين بعض الغاضبين من عدم تكريمهم وبعض المنظمين، وكانت فوضي حقيقية، لم تنته عند ذلك الحدّ، بل انصرف البعض أثناء حفل الافتتاح، وغادر البعض المحافظة، وتفاقم الأمر، حين اكتشفت الوفود المقيمة في "الطود" بنزل الشباب أنّ ليست لهم وجبات غداء وعشاء، مجرّد إفطار واه، وتكلفة الطعام لابد أن يدفعونها من جيوبهم الخاصة، وأنّ المنظمين غائبون عن المشهد تماماً، وقد كتبت الفنّانة الجزائرية "عباسية مدوني" مقالات في أكثر من موقع، وهي إحدي ضيوف المهرجان، كان أبرزها مقالاً بعنوان "المهرجان الدولي للفنون التلقائية ومسرح الطفل: مبرّرا واهية لستر فضيحة فشل المهرجان" في موقع "الفرجة" تهاجم فيه أداء المنظمين والأسباب التي أودت بالمهرجان لمثل هذا الفشل المتناهي. هنا نحن أمام مهزلة ثقافية جديدة، يتبناها المحافظ، الذي لا يدرك كيف ينشئ فعلاً ثقافياً، أو متطلبات ذلك، وأهمية الدور الثقافي داخل محافظة الأقصر التي كانت ولم تزل صرحاً ثقافياً شديد التأثير علي الثقافة المصرية، بل والأنكي استطاب المحافظ مذاق الفشل، فبدا يخرج من فشل لفشل، دون حتّي أن يكلّف نفسه معالجة الفشل، ومحاسبة المسئولين عن التهريج الذي تمّ في محافظة الأقصر وتحت بصره وسمعه، لم يقم أحد فعاليات جادّة، اكتشفت الوفود الزائرة أنّ المتفرّجين علي عروضها هم أنفسهم موظفو الثقافة، ووزارة الشباب، وعددهم لم يتجاوز أصابع اليد الواحدة في كلّ عرض، وانتهي المهرجان قبل موعده بأيّام، وقام البعض علي د. هنا وكادت غضبتهم تصل حدّ التكالب عليها، لولا أنّ أحد الصحفيين خرج بها من قصر الثقافة واستقلت سيارته الخاصة، هاربة، من فضيحة لم تكن من ذي قبل، ومن "سبّوبة" علنية، العجيب هو الجهات الداعمة للمهرجان، وزارة الشباب ووزارة التعليم، ومحافظة الأقصر، ودعم من الإمارات، والسعودية، تساءل كثيرون أين ذهب هذا الدعم؟ لكن أحداً لم يرد علي التساؤلات، وأين أنفق الدعم! المحافظ في ختام المهرجان عقد جلسة بنادي التجديف للضيوف، وفي حفل الختام اعتذر أحد المنظمين عمّا شاب المهرجان من مساوئ، وقال نصّاً "خير الخطّاءين التوابون"، حسناً، هل ستقبل توبتهم؟ هم يعترفون بذنبهم، علانية، بلا حياء، بل ولم يفكّروا في تجميل صورتهم، وبكل وقاحة يستضيف المحافظ العرب فقط في نادي التجديف في جلسة مفتوحة، ويُحرم المصريون الضيوف من دخول المكان، جلسة للعرب فقط، هي مهزلة في الأساس، لماذا يُحرم المصريون من لقاء المحافظ؟ هل يري المحافظ أنّ الضيوف المصريين أقلّ شأناً من الضيوف العرب؟ كيف سمح لنفسه بهذه الفكرة؟ وكيف أهين ضيوف المهرجان بهذا الشكل؟ ومن هي "هنا"؟ وما طبيعة مؤسستها؟ وكم تقاضت نظير تهميش المصريين؟ وكم تقاضي المنظمون نظير الصمت؟ مصر أكثر أهمية من مهرجان تافه، مصر التي يقوم لها العالم ولا يقعد، مصر التي يتغنّي بثقافتها العرب وغير العرب، ليس أهم من المثقف والأديب المصري، إنّ العالم يعرف مصر، فكيف لا يعرفها محافظ عديم الجدوي؟ في النهاية علي المثقفين أن يحاسبوا المدعوة "هنا" ومؤسستها، وأن يردّوا علي مهازل "مهرجان الأقصر الدولي للفنون التلقائية ومسرح الطفل"، ويكفي أنّ الأقصر يقام بها أكثر من مهرجان كل عام ما بين السينما وفنون التراث ولا توجد لا تغطية إعلامية ولا تنظيم حقيقي، وكلها مهرجانات "السبوبة". لكن مصر في النهاية وثقافة مصر أعمق تأثيرا وأكبر قامة من مسمي "السبّوبة".