ربما كانت قشرة الخشب من الخامات غير المألوفة المستخدمة في اللوحات الفنية نظرا لصعوبة الخامة، إلا أن طلاب كلية التربية الفنية يتحتم عليهم التدريب علي تلك الخامة العنيدة من خلال منهجهم العملي الذي يتضمن التدريب علي مختلف الخامات والتقنيات خلال سنوات دراستهم ومن ضمنها أشغال المعادن والجلد والتصوير والنحت والخزف وغيرها. وقد استضافت ساقية الصاوي بالزمالك معرضا جماعيا لطلاب الفرقة الثالثة بكلية التربية الفنية بمشاركة 25 طالبا قدموا ما يقرب من 40 عملا تحت عنوان "تشكيلات بقشرة الخشب" تنوعت بين البورتريهات والأشكال الهندسية والراقصين وأوراق الكوتشينة، وهي ليست المرة الأولي التي تستضيف فيها الساقية معرضا جماعيا لطلاب إحدي الكليات الفنية . ويعتبر هذا المعرض تدريبا جيدا للخروج عن المألوف في توظيف خامة عملية فنيا، وكذلك في التعامل مع جمهور حقيقي خارج إطار الكلية وذلك حسبما ذكر طارق زايد مستشار الفنون التشكيلية بساقية الصاوي، مضيفا أن مثل تلك المعارض تأتي في إطار دور الساقية كمركز ثقافي لتشجيع شباب الفنانين، وقد سبق وأن استضافت الساقية معرضا لأعمال طلبة إعدادي فنون تطبيقية. وقد عكس المعرض في كثير من اللوحات المقدمة مدي تمكن الطلاب من التحكم في خامة قشرة الخشب لتقديم أعمال صعبة مثل البورتريهات لا سيما بورتريهات المشاهير مثل إسماعيل ياسين وسعاد حسني وشكوكو وفاتن حمامة وغيرهم، حيث تقول آية وجدي التي قدمت بورتريها بديعا للفنان رشدي أباظة، إن صعوبة تنفيذ البورتريه بخامة قشرة الخشب ترجع إلي صعوبة الخامة ذاتها حيث يتطلب البورتريه تقطيع قشرة الخشب إلي قطع صغيرة جدا قد تتلف أثناء عملية التقطيع وهو ما يتطلب مجهودا مضاعفا. ولم تمنع صعوبة تلك الخامة بعضهم من استخدامها بحرفية لتعكس لوحات غاية في المرونة، مثل راقصات الباليه والراقصات الافريقيات وغيرها، حيث تقول فاطمة طارق التي نفذت فتاة الكوتشينة بتفاصيلها الدقيقة وكذلك وجه أفريقي إن التفاصيل تزيد من صعوبة العمل، لأنها تحتاج دقة كما أننا نتعامل مع عدة أنواع من قشرة الخشب داخل العمل الواحد، إلا أن ذلك يحفز مهارتنا الإبداعية . وتشير فاطمة إن خلال الدراسة بالكلية أمكنهم التعرف علي أنواع الخشب المختلفة والفارق بين الخشب القشرة والصناعي ، وقد استخدمت في لوحتيها خشب جذر التفاح والفلفل الأحمر وخشب الفليتو. وقد اختارت إيمان شحات تقديم بيت نوبي، ضمن العديد من الأشكال الهندسية الأخري التي تضمنها المعرض، حيث تقول إيمان إن اللوحة قد تستغرق منها أسبوعين، وتؤكد أن الخامة غير مكلفة لكنها مرهقة. ويروي محمد يحيي القائم علي تنظيم المعرض تلك التجربة قائلا: في الغالب نقوم بعرض أعمالنا الفنية داخل الكلية، إلا أننا فكرنا كمجموعة من الأصدقاء في تقديم بعض من أعمالنا في معرض خارج الكلية ، واخترنا ساقية الصاوي ثم فكرنا في أن ندعو زملاءنا في الكلية للمشاركة، ويؤكد محمد إن مثل تلك المعارض التي تقام خارج الحرم الجامعي تعطيهم فرصة الاحتكاك بالجمهور وتعطي الفنانين خبرة كبيرة بالحياة العملية، وكسر الحواجز مع الجمهور والاستماع إلي نقد أعمالهم. وربما كانت ندي خالد شريف هي الوحيدة التي خرجت عن مألوف قشرة الخشب المسطحة لتقدم عملين مجسمين باستخدام منشار الأركت، وقد شعرت ندي بالملل من استخدام القشرة المسطحة فقررت تقديم أعمال مجسمة وقدمت بالفعل بورتريهين أحدهما للمغني العالمي فرانك سيناترا ، وتقول ندي إنها استعانت في لوحتيها بالخشب الفنلندي لأنه أسهل في التقطيع، وهي تحلم بتنفيذ معرض كامل باستخدام مجسمات مصنوعة من الخشب مع تسليط إضاءة عليها بحيث تظهر اللوحة منعكسة علي الحائط إلا أن الأمر لا لايزال مجرد فكرة تحتاج وقتا ومجهودا حتي تتمكن من تنفيذها.