أسدل الستار علي مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية و القصيرة في دورته السابعة عشرة وسط حالة من الرضا بما قدمه هذا العام من فعاليات سواء علي مستوي اختيار الأفلام أو الندوات التي عقدت علي الهامش وكذلك الكتب التي صدرت. فاالرغم من وجود بعض السلبيات و الصعوبات التي واجهت المهرجان منذ انطلاقه إلا أنه استطاع تقديم دورة مختلفة عن الدورات السابقة برغم من قلة عدد الأفلام التي شاركت التي وصل عددها الي 58 فيلما وذلك بالمقارنه بالدورة السابقة و التي شارك فيها 65 فيلما . وبالرغم أيضا ًمن حالة عدم التنظيم التي تصيب كل المهرجانات المصرية إلا أن عددا كبيرا من الحضور اشادوا بمحتوي هذه الدورة تحديدا الأفلام التي تم اختيارها بعناية شديدة ، منها الذي يعرض للمرة الأولي عالميا و منها الذي عرض في مهرجانات عالمية و حصل علي جوائز , وبالرغم من الصدمات التي تلقاها المهرجان إلا أن هذا لم يعقه، و كانت أولي هذه الصدمات التي كانت حديث المهرجان وهو رفض السلطات المصرية منح تأشيرة دخول للمخرج السوري محمد ملص للحضور باعتباره رئيس لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية الطويلة و القصيرة , فضلا عن تكريمه بالمهرجان كونه رمزا من رموز السينما التسجيلية و الذي قدم العديد من الأفلام التي حصل من خلالها علي جوائز كثيرة الغريب في الأمر رد فعل السلطات المصرية عقب استعلام إدارة المهرجان عن السبب الحقيقي في منع ملص من الحضور برغم مخاطبتها قبل انطلاق الفعليات بفترة كافية , حيث جاء الرد بأن الأسباب غير معلنه و ليس لدينا صلاحيات للكشف عنها. و المدهش أيضا أن المخرج محمد ملص كان داخل مصر قبل انطلاق المهرجان بأيام معدودة حيث حضر برنامج مشروع سينما " زاوية "، التي تنظمها شركة مصر العالمية للإنتاج السينمائي، أثناء عرض 4 من أفلامه في مايو، وهي " أحلام المدينة "، " الليل " ، و" سلم إلي دمشق ". ورغم عدم تواجده ألا أن إدارة المهرجان أصرت علي تكريمه ليكون الحاضر الغائب بالمهرجان علي أن يرأس لجنة التحكيم بدلا منه المخرج اليوناني ديميتريس كوتسيبياكيس لتصبح لجنة التحكيم مكونة من أربعة أعضاء هو والمخرج المصري وائل عمر، المخرجة المصرية هالة لطفي، والمنتجة الفرنسية ماريان ليري. وقد خرجت بعض الاجتهادات التي تفسر قرار منع المخرج السوري ملص وهو أن السلطات المصرية قيدت دخول السوريين الي مصر ، في أعقاب تقارير تفيد بأن عددا كبيرا يدعم جماعة الإخوان المسلمين , ومع ذلك كان القائمون علي المهرجان علي ثقة من أنه يسمح للمخرج " ملص " بدخول مصر لرئاسة لجنة التحكيم وتكريمه. مهرجان الإسماعيلية لم يكتف بإصراره علي تكريم و مشاركة ملص في المهرجان حتي و ان كان غائبا عنه و لم يحضره إنما أصدرت الإدارة بيانا تندد فيه بقرار رفض منح المخرج تأشيرة دخوله الي مصر وقالوا في البيان إن هذا بمثابة عودة لأساليب المنع وتقييد الحريات. استنكروا قرار "منع" السلطات المصرية للمخرج السوري البارز محمد ملص من دخول البلاد , حيث كان معلنا أنه سيتولي رئاسة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية في مهرجان الإسماعيلية , وذلك في وقت مبكر و أن ملص سيترأس لجنة التحكيم في المهرجان إضافة إلي تكريمه وعرض فيلمي " المنام " و" فوق الرمل.. تحت الشمس" . وقال السينمائيون في البيان إنهم "ينددون بقرار السلطات منع المخرج السوري الكبير محمد ملص من دخول مصر لأسباب غير معلنة رغم اختياره رئيسا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية في المهرجان الذي تقيمه وزارة الثقافة." وتابع البيان أن الموقعين يرفضون "عودة أساليب المنع وتقييد الحريات تحت أي دعاوي ومبررات." ومن الموقعين علي البيان المخرجون: مجدي أحمد علي وفيولا شفيق وأحمد فوزي صالح وتهاني راشد وماجي مرجان ومن النقاد محمد الرفاعي ومحسن ويفي وسمير فريد ومجدي الطيب. يهود مصر.. نهاية رحلة عرض المهرجان عدداً من الأفلام التي أثارت ضجة كبيرة و كان يميزها عرضها العالمي الأول، منها فيلم الافتتاح " عن يهود مصر .. نهاية رحلة " وهو الجزء الثاني من الفيلم الذي أخرجه أمير رمسيس و يتعمق من خلاله في تاريخ الأسر اليهودية التي تعيش في مصر , وشاركت ماجدة هارون رئيس الطائفة اليهودية بمصر في الفيلم باعتبارها المسئولة عن هذه الطائفة وترعي مصالحها . و قدم الفيلم الطائفة اليهودية التي باتت في اندثار بعد وفاة العشرات من اليهود المصريين خلال السنوات الماضية، وتهجير عدد كبير منهم في أعقاب حرب 1967 بين مصر وإسرائيل , كما القي الفيلم الضوء علي ما تبقي التراث اليهودي في مصر من معابد وإقامة متحف يضم هذا التراث الذي يعتبر جزءا من تاريخ مصر , وكيف كانوا جزءا من النسيج المصري , ولكن تم طردهم بالقوة وتهجيرهم قصرا خارج مصر بعد أحداث 67. الفيلم يوثق حياة 12 سيدة يهودية من أصل مصري عشن في مصر ويرفضن مغادرتها إلي إسرائيل، كما فعل باقي اليهود. وحرص الفيلم علي مزج مشاهد بين لقطات للمعابد اليهودية في مصر والمقامة علي تراث معماري متميز وبين لقطات حية للسيدات اليهوديات ورواياتهن عن رفضهن السفر خارج مصر، وذكرياتهن الطفولية في مدارسهن بمصر، وحزنهن من سفر الكثير من أصدقائهن وأقاربهن خارج البلاد. ثامن العجائب ثاني الأفلام التي تعد مفاجاة لجمهور المهرجان الفيلم التسجيلي النادر " ثامن العجائب " الذي يسجل ملحمة نقل معبدي أبوسمبل لإنقاذهما من الغرق أثناء بناء السد العالي، وهو من إخراج الكندي جون فيني وشارك به الفنان المصري حسين بيكار من خلال مجموعة لوحات تحكي تاريخ المعبدين علي مدي 3500 سنة قبل بدء عملية نقلهما، وقد اختفي الفيلم لسنوات طويلة حتي نجحت إدارة المهرجان في الوصول إلي نسخته الوحيدة التي لا تزال محفوظة في أرشيف السينما النيوزلندي. وكاد يتعرض المهرجان لمأزق اخر حيث وصلت نسخة الفيلم قبل نهاية المهرجان بيومين فقط بسبب بعض التعقيدات البيروقراطية التي مازالت موجوده في حكومتنا المصرية , ولكن استطاع المهرجان عرض الفيلم في موعده. مارادونا حرص المهرجان أيضا علي مواكبة الأحداث حيث قام بعرض أفلام عن كرة القدم حتي يتواكب الحدث مع مباريات كأس العالم ومن بين هذه الأفلام " مارادونا " وهو فيلم تسجيلي عنه , يتناول المراحل المختلفة لحياتة. فعاليات علي هامش المهرجان شهد المهرجان فعاليات اخري علي هامشه من اهمها " إصدار كتابين للناقدين صلاح هاشم و سمير فريد الأول بعنوان " الواقعية التسجيلية في الأفلام الروائية " و الثاني بعنوان " حرب أكتوبر و السينما التسجيلية " . و قد ناقش صلاح هاشم في كتابه " الواقعية التسجيلية في الأفلام الروائية " كيفية المزج بين الفيلم التسجيلي و الروائي بشكل جيد و مبهر دون مبالغة , كما تطرق صلاح الي أن الأفلام التجارية جميعها أفلام لا تعبر عن واقعنا و بعيدة تماما عن مفهوم السينما الذي ننادي به. بينما طرح الناقد سمير فريد قضية هامة من خلال كتابه " حرب اكتوبر في السينما " حيث أعرب عن أسفه لعدم وجود أفلام وثائقية استطاعت أن توثق هذه الفترة التاريخية , و كما أن جميع الأفلام الروائية الطويلة لم تستطع تجسيد حرب أكتوبر بمفهومها الحقيقي والعميق. جوائز المهرجان جاءت جوائز المهرجان جميعها عادلة و منصفة حيث تقبل الجميع اختيار لجان التحكيم المختلفة للافلام الفائزة , ورغم غياب غالبية الفائزين إلا أن الافلام المصرية تصدرت المشهد من خلال حصولها علي اكبر عدد من الجوائز : في مسابقة افلام التحريك حصل فيلم " الشك " علي افضل فيلم بينما حصل فيلم "الكعب العالي عالي " علي جائزة لجنة التحكيم و تنويه خاص ذهبت الي فيلم " اب " واما مسابقة الافلام الروائية القصيرة فحصل فيلم " فلورا وفاونا " للمخرج بيوتر ليتفين علي جائزة افضل فيلم بينما حصل فيلم "ألف رحمة ونور " للمخرجة دينا عبد السلام علي جائزة لجنة التحكيم و حصل فيلم " سر صغير " علي تنويه خاص . وفي مسابقة الافلام التسجيلية القصيرة حصل فيلم " جوانا " للمخرجة انيتا كوباتش علي جائزة افضل فيلم بينما حصل علي جائزة لجنة التحكيم فيلم " زيلا تروفك " للمخرج اسيير التونا و حصل علي تنويه خاص فيلم " حالة نقية للروح " للمخرج اوجور اجيمان واما مسابقة الافلام التسجيلية الطويلة فحصل فيلم " موج " للمخرج احمد نور علي جائزة افضل فيلم بينما حصل فيلم »حبيبي بيستناني عند البحر« للمخرجة ميس دروزة علي جائزة لجنة التحكيم و حصل فيلم " بخصوص العنف " للمخرج جوران هوجو علي تنويه خاص . وحصل المخرج حسن سيرين علي جائزة جمعية اكت للفيلم التركي" ابي و الجبل " كما حصل فيلم " ام اميرة " للمخرج ناجي اسماعيل و حصل المخرج احمد غنيمي علي جائزة حراد عن فيلم " الكهف " و حصل فيلم التحريك " اب " للمخرج الارجنتيني سانتياجو بو جراسو علي جائزة افضل فيلم.و حصل فيلم " لوحدة " علي جائزة لجنة جتحكيم جمعية الرسوم المتحركة . بينما حصل فيلم " رعي السماء " للمخرج هوراشيو الكلا علي جائزة نقاد السينما المصرية