ابنتي صبا كان عمرها سبع سنوات عندما تفجرت ثورة 25 يناير، وكانت تردد حسب مزاجها وفي أي وقت تريد شعارات الثورة مثل: » مش حنمشي هو يمشي « » علّي وعلي وعلي الصوت اللي ها يهتف مش هيموت « » ارحل يعني امشي ياللي ما بتفهمشي « وشعار » الشعب يريد إسقاط النظام « الذي ظل فترة طويلة مساويا أو مرادفا لعبارة » تصبح علي خير« حينما كانت تردده باتفاق مع أخيها الكبير يوسف فور تنبيههما إلي أن ساعة النوم قد دقت، فغدا مدرسة. ومن تلك الشعارات أيضا »الشعب والجيش إيد واحدة « وأشارت مرة إلي صورة ضخمة في أحد الشوارع والتي يبدو فيها جندي يحمل طفلا وتحتهما » أو فوقهما لا أتذكر الآن « هذا الشعار. وتساءلت مبتسمة ليه عاملين الشعب صغير كده؟ ملخصة في هذا السؤال كل ما سمعته من تعليقات ساخرة علي هذه الصورة فور ظهورها. ومع مرور الأيام وصلت صبا إلي ترديد » يسقط يسقط حكم العسكر« ثم » يسقط يسقط حكم المرشد « و » يسقط يسقط حكم الإخوان « حتي » الشعب والجيش والشرطة كمان - إيد واحدة«. صارت صبا تتنقل كما تريد وقتما تريد بين الشعارات التي علقت بذاكرتها منذ 25 يناير حتي الآن. وإذا نبهها أحد إلي أن شعارا تردده مثل » يسقط يسقط حكم العسكر« ليس وقته الآن بل الأنسب »يسقط يسقط حكم المرشد « ويقترح عليها شعارا يصلح لكل وقت مثل » ثورة ثورة حتي النصر ثورة في كل شوارع مصر« تصغي صبا إليه كل الإصغاء لكن هذا لا يعني أنها توافقه علي رأيه، فالشعارات بالنسبة إليها لا تسقط بالتقادم، وليست فقط ما تحمله من معني بل هي أيضا إيقاعات تستدعي منها ما يناسب مزاجها. فقد يكون شعار تردد أول الثورة مناسبا لمزاجها بعد مرور سنتين عليها، أو يكون شعار رائج هذه الأيام لا يوافق إيقاعه وطريقة الهتاف به مزاج صبا في الأيام نفسها. وأحيانا لا تناسب إيقاعات الشعارات كلها مزاجها فترة طويلة، حتي أظن أنها انصرفت عنها تماما، ولم تعد تميل إلي ترديدها، لكنها فجأة تردد شعارا بغض النظر عن موقعه من الأحداث التي تجري حولها، تردده وهي تلعب مع صاحباتها أو مع أخيها