النمل والنحل : يؤكد جي لازورت في كتابه الإعجاز العلمي أن بعض أنواع النمل مزود بحاسة البصر ، والبعض الآخر كفيف لا يبصر . غير أنها جميعاً تتمتع بحاسة شم فائقة . فهي في بيتها الحالك الظلمة تستطيع بواسطة هذه الحاسة أن تصل إلي مصادرها الغذائية . وهناك نوع من النمل ( P. Tarsatus ) الذي يعيش في الصحراء ، لا يهتدي في اتجاهه بحاسة الشم ، حيث الرياح يمكن أن تزيل كل آثار المواد الكيماوية . ومع ذلك فإن هذا النمل يستطيع بكل سهولة أن يعرف طريقه ، وذلك بواسطة حاسة الإبصار ، وبالاهتداء بالقبة السماوية . أما فيما يتعلق بالنحل ، فإن حاسة الاتجاه حيرت العلماء منذ زمن طويل ، فالنحلة مزودة بعين تحل محل ملكة إدراك الزوايا عندنا ، بل وتفوقها بكثير . وعن طريق أسطح هذه العين التي تبلغ ( 6300 سطح ) تستطيع النحلة أن تدرك مصدر الضوء ، حتي ولو كانت الشمس تختفي وراء السحب ، فإن النحلة تعرف طريقها ، ولو عن طريق فرجة صغيرة زرقاء في السماء تسمح بمرور ضوء الشمس . بل هناك ما هو أعجب من ذلك ، فلكي تتكيف النحلة مع المعلومات التي تستقبلها عينها أثناء طيرانها ، فإن مخ النحلة مجهز بنوع من الكاميرات التي تقوم بتسجيل زاوية النحلة بالنسبة للشمس ، والوقت الذي تستغرقه في الطيران بهذه الزاوية . وحينما تعثر النحلة علي مصدر غذاء ، يكفيها أن ترجع إلي هذه المعطيات أو المعلومات المسجلة لكي تعرف جهة الخلية ، والمسافة التي قطعتها ، ثم تعود إليها في خط مستقيم . بعد ذلك تخبر النحلة زميلاتها بمكان الغذاء عن طريق الرقصة الشهيرة التي بدأ اكتشافها في عام 1967، وكذلك فإن الرائحة التي تتركها النحلة علي طريقها تساعدها في العودة من حيث أتت . وقد أثبتت التجارب أهمية معطيات طريق الذهاب ( زاوية الاتجاه مع الشمس والوقت المستغرق في الطيران ) ، وضرورة حساب هذه المعطيات لتتمكن النحلة من معرفة طريقها والعودة من حيث خرجت ، وذلك عندما تم صيد نحلة عند مدخل الخلية ، ونقلتها إلي مسافة كيلو متر ، فلم تتمكن من العودة إلي الخلية ، وذلك لعدم توفر المعطيات والمعلومات الخاصة برحلة الذهاب . كذلك أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن النحلة تحدد اتجاهها أيضاً اعتماداً علي المغناطيسية الأرضية ، بفضل مغناطيس باطني في داخل جسمها ، وقد ثبت أيضاً أن الأخطاء التي ترتكبها النحلة في مجال الاتجاه وثيقة الصلة بالتغيرات التي تطرأ علي مجال المغناطيسية الأرضية . ويؤكد ذلك أن فرصة الخطأ تنعدم تقريباً حينما ترقص النحلة في موازاة خطوط الجاذبية الأرضية . بعد ذلك تبين أيضاً أنه في حالة وجود قوة مغناطيسية عالية ، فإن النحل تبني صفوف خليتها في اتجاه غير عادي . ومما يدل علي وجود عناصر مغناطيسية داخل النحل ، اكتشاف العديد من ذرات المغناطيس في جسم عدد من النحل عند تشريحه ، وذلك في المنطقة الخلفية من البطن .