لا أنسب الفضل في هذا العنوان لنفسي، ولكنه شعار لمبادرة أطلقتها الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، - تم دعوتي إلي تدشينها منذ أكثر من أسبوعين -، من خلال المسئولين عن الجامعة فرانسيس ريتشاردوني رئيس الجامعة، ونبيل فهمي وزير الخارجية السابق وعميد كلية الشئون الدولية والسياسات العامة بالجامعة،وحملت عنوان »التطلع إلي المستقبل» حيث تهدف من خلال مشروع مدته ثلاث سنوات،الي دراسة اهم القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ويتضمن سلسلة من ورش العمل، والمؤتمرات، وإصدار المطبوعات متعددة المسارات، التي تقيم التحديات والفرص التي تواجه العالم العربي، وتقديم توصيات بشأنها، خاصة ان العالم العربي -كما قال نبيل فهمي- يقف علي مفترق طرق، والمبادرة تتوافق مع احتفالات الجامعة الأمريكية بمرور مائة عام علي بداية عملها في مصر، والتي تستمر طوال هذا العام. واعترف ان حفل تدشين المبادرة كان وجبة فكرية وسياسية متميزة،حيث تحدث فيها قامات عربية لها دور مهم في العمل السياسي والدبلوماسي، في إطار بلادهم والمحيط العربي، حول تطوير القدرات العربية علي مواجهة التحديات الإقليمية، وفِي مقدمتهم عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق، ومحمد بن عيسي وزير الخارجية والتعاون الدولي الأسبق في المغرب، وناصر القدرة وزير الخارجية الفلسطينية السابق، ورئيس مجلس ادارة مؤسسة ياسر عرفات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وهيفاء ابو غزالة الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشئون الاجتماعية بجامعة الدول العربية،وكريم الشافعي احد رجال الأعمال وصاحب فكرة مشروع تطوير وسط العاصمة القاهرة، في ظل غياب مصطفي الأمين سفير السودان لدي سويسرا والممثل الدائم للسودان لدي مكتب الأممالمتحدة في جنيف، للظروف التي تمر بها السودان. ولعل أهمية مبادرة الجامعة الامريكية، انها قد تكون المحفل الأول الذي سيقتصر علي النخب العربية، وسيكون الحوار »عربي - عربي»، دون اي مشاركة من اي جهة إقليمية او دولية، خاصة مع تعدد الحوارات العربية مع دول الإقليم او المحيط العالمي، كما انها تمثل محاولة تتسم بالجدية، صحيح ان البحث في التحديات العربية،قد يكون مطروحا علي اجندة جهات عديدة، رسمية وفِي دوائر صناعة القرار في الدول العربية، ولكنها محاولة سبقنا لها كثير من دول العالم، في تعزير مراكز التفكير، والاعتماد عليها في تقديم رؤي وتقديرات ودراسات وتوصيات علي صانع القرار ان يأخذها في الحسبان، خاصة ونحن نعيش في منطقة مأزومة، حبلي بالعديد من المتغيرات والتحديات في سنواتها الاخيرة، والتي كانت محور مناقشات المشاركين في حفل تدشين المبادرة. وقد أجمع كل المشاركين عن الحالة المتردية التي وصلت إليها الأمور في المنطقة العربية، وصلت بها إلي التراجع اليومي، حسب وصف محمد بن عيسي، او أنها تسير من سيئ إلي أسوأ، وفقا لرصد ناصر القدرة،او أنها وفقا لتوصيف عمرو موسي أصبحت مزعجة للجميع، وان شهدت الندوة خلافا في الرؤي بين عمرو موسي ومحمد بن عيسي،الأخير تحدث عن عدم وجود منطقة عربية واحدة، وقال نحن امام عدد من المناطق، عالم عربي في افريقيا يمثل ثلثي عدد السكان العرب، ومنطقة خليجية، وثالثة تضم كل دول الشام، بينما يري عمرو موسي اننا امام عالم عربي واحد، يتميز بالتنوع فهناك عرب وكرد وأمازيغ، وهناك مختلف الأديان مسلمين ومسيحيين من كل المذاهب والطوائف،مع تعدد الثقافات، ولكنها ليست كما هو شعار حزب البعث،» أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» واعتبره كلاما لَيْس له محل من الإعراب. وتنوعت المخاطر والتحديات، فناصر القدرة حددها في هشاشة الدولة الوطنية، والموقف من القوي القادرة في الغرب، وخطر اسرائيل وهو ليس مقصورا علي فلسطين فقط، ولكن علي كل المنطقة العربية، وإشكالية التطرّف والتخلف الاقتصادي والعلمي، وتحدث محمد بن عيسي ازمة الحكم في المجال السياسي، والاستقرار المجتمعي،واقترح عمرو موسي تعزيز فكرة مجموعة من الدول العربية المحورية، واعتبارها قاطرة للتغيير العربي، دون انتظار تحرك ال22 دولة. عموما نحن امام جهد مشكور ومقدر من صرح علمي متميز، وفي انتظار نتائج المبادرة، التي سنتابع ندواتها ودراستها وتوصياتها.