»العِلمُ لا يعرف التعصّب، والمعرفة لا تعرف الانتماء». كانت تلك الجملة الأبرز وشبه الأخيرة في حياة محقق التراث العلَّامة والدكتور عبد السلام هارون، حينما اعتلي المسرح عام 1981 لاستلام جائزة الملك فيصل، تقديرًا لجهوده في صالح اللغة العربية. الجملة التي لخَّصت رحلته، ومسلكه في الحياة، منذ وُلِد عام 1908 بمدينة الإسكندرية. حفظ هارون القرآن الكريم في صغره، وتعلَّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالأزهر لدراسة العلوم الدينية والعربية، وبدأ نشاطه العلمي مبكرًا، حيث حقَّق، وهو في السادسة عشرة من عمره، كتاب متن أبي شجاع عام 1925، وبعد ذلك بسنتين حقَّق الجزء الأول من كتاب خزانة الأدب للبغدادي، ثم أكمل أربعة أجزاء منه وهو طالب بكلية دار العلوم، التي تخرَّج فيها، وبعد سنوات أصبح أستاذًا ورئيسًا لقسم الدراسات النحوية بها. أسهم عبد السلام هارون في إنشاء جامعة الكويت، ووضع منهج قسم اللغة العربية فيها، وتولَّي رئاسة قسم اللغة العربية وقسم الدراسات العليا في تلك الجامعة لأكثر من عشر سنوات. واختير في تلك الأثناء عضواً في مجمع اللغة العربية. وقد أثري الحياة الأدبية والفكرية بإنتاجه العلمي الوفير، حيث بلغ ما أنتجه من كتب، تأليفاً أو تحقيقاً، حوالي 115 كتاباً، فمن أبرز مؤلفاته: تحقيق النصوص ونشرها، الميسر والأزلام، الأساليب الإنشائية في النحو العربي، ومعجم شواهد العربية (مجلدين). ومن تحقيقاته: كتاب الحيوان للجاحظ (ثمانية مجلّدات)، معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ستة مجلّدات)، البيان والتبيين للجاحظ (أربعة مجلدات)، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (أربعة مجلدات)، وكتاب سيبويه (أربعة أجزاء). وفي إبريل 1988 تُوفِّي عبد السلام محمد هارون، فأصدرت جامعة الكويت كتابًا عنه بعنوان »الأستاذ عبد السلام هارون معلمًا ومؤلفًا ومحققًا». تحِّل بعد غد الثلاثاء؛ الذكري الحادية والثلاثون لوفاة الدكتور عبد السلام هارون.