كان رأي علي الدوام،ان من المستحيل ان تعود سوريا إلي ما كانت عليه منذ ثماني سنوات بالتمام والكمال، موعد بدء الثورة هناك، وكتبت أكثر في هذا الخصوص، آخره في هذا المكان في يناير الماضي، وكان بعنوان »سوريا ما بعد الحرب» حاولت تلمس الوضع في هذا البلد الشقيق، بعد كل ما جري مستشرفا مستقبل سوداوي، حتي قرأت تقريرين بمثابة تقدير موقف اصدرهما المرصد الاستراتيجي، الذي يعرف نفسه بانه بيت خبرة رائد في تقديم الخدمات المتخصصة للعاملين في المجالات السياسية والأمنية، فأصابني حالة من الرعب علي مصير ومستقبل سوريا ، الاول بعنوان » هل تدفع التصدعات العائلية ماهر الأسد لسلوك عمه رفعت »، والثاني » ماذا قال خامئني للاسد؟ خبايا الازمة بين طهرانودمشق» التقريران يرصدان بالأسماء والوقائع، تصدع قمة السلطة في سوريا، وفِي الجيش، وسط خلاف بين أنصار روسيا من جهة،ومؤيدي ايران من جهة أخري، والامر وصل إلي كل من بشار وأخيه ماهر وكافة القيادات في المؤسسة العسكرية والأمنية. يعيد التقرير الاول، قصة الخلاف بين الأسد الأب وشقيقه رفعت الأسد،التي وصلت إلي محاولة انقلاب رفعت علي أخيه، عندما رفض الالتزام بمرسوم رئاسي، بإزاحته عن قيادة سرايا الدفاع، وكيف تخلص حافظ الأسد منه بالنفي إلي الخارج، ورغم ان الأسد الأب حذّر أبناءه من مصير أبناء صدام حسين عدي وقصي، الا أنهما لم يلتزما،وسرعان ما دب الخلاف بين الأبناء باسل وماهر من جهة، وبشار وبشري من جهة أخري، لرفض باسل اقترانها بأصف شوكت، وظل مشروع الزواج معطلا، ولم يتم سوي بعد وفاة باسل في حادث سيارة في دمشق، والمعلومات تؤكد ان ماهر كان وراء مقتل زوج اخته اللواء أصف شوكت في حادث تفجير مبني الأمن القومي في 18 يوليو 2012. ويتحدث التقرير عن معركة كسر عظم بين ايرانوروسيا علي من يسيطر علي المؤسسة العسكرية السورية، خاصة وان كلا منهما له أنصاره وداعموه من كبار القادة، فأبرز القادة المحسوبين علي ايران، ماهر الأسد وطلال مخلوف قائد الحرس الجمهوري، وحسام لوقا رئيس شعبة الأمن السياسي والقائمة تطول، بينما تهيمن روسيا علي القرار العسكري، من خلال شبكة من كبار الضباط منهم اللواء زهير الأسد قائد الفرقة الاولي المدرعة، واللواء علي مملوك مدير مكتب الأمن الوطني، واللواء محمد خالد رحجون وزير الداخلية، واللواء جميل حسن مدير المخابرات الجوية،واللواء محمد ذيب زيتون مدير المخابرات العامة، لدرجة ان العام الماضي شهد عمليات اغتيالات طالت عددا من قادة الجيش، كما تبنت روسيا خطة لاضعاف الحرس الثوري الإيراني في سوريا، من خلال تفكيك القوات الرديفة والميلشيات الموالية لطهران، واستهداف الدائرة المحيطة بماهر الأسد، وشهدت الساحة مواجهة بين الفرقة الثالثة من الفيلق الخامس، وعناصر الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، وتم اعتقال عناصر محسوبة عليه بتهم الفساد، كما قامت بتفكيك امبراطورية ماهر المالية، بينما ردت ايران من خلال اتفاق مع الحكومة، يقضي بتفويضها بإعادة بناء القوات المسلحة، واعادة بناء وتوسيع الصناعات الحربية للنظام، بما فيهما انتاج الصواريخ، ولعل السؤال المطروح أين بشار من ذلك كله؟ الاجابة ان قدراته تتراجع علي احتواء طموح شقيقه ماهر، وخفض التوتر بين المتنافسين، وان كان وعد بوتين بالاستمرار في مشروع اعادة تشكيل وتنظيم الجيش السوري، وتمكين شركات روسية علي الاستحواذ علي نفط المشرق العربي. ويشير التقرير الثاني إلي ان خامئني طرح اربعة شروط علي الأسد في زيارته لطهران في 25 فبراير الماضي، لاستئناف تزويد سوريا بالمحروقات والتي تعاني من ازمة حقيقية بعد توقف الشحنات الشهرية، وهي رد الجميل لايران عبر ارساء كافة عقود اعادة البناء والتعمير علي شركات إيرانية، ودمج الميلشيات الأجنبية في الجيش،خاصة لواء زينبون الباكستاني وفاطميون الافغاني، ودعم خطة قاسم سليماني بنشر قوات الحشد الشعبي علي الحدود السورية العراقية، مع التزام سوريا بإبقاء نحو 5000 من حزب الله في غرب سوريا. هذه صورة الصراع العائلي بين بشار وماهر الأسد، وبين روسيا وتركيا، وهو الذي يرسم مستقبل دمشق، الذي يبدو انه يتجه إلي كارثة تهدد استقلال سوريا ذاتها.