شجرٌ أنا، شجرٌ قديمٌ طاعنٌ في الحبِّ أو في اليأسِ، أبحثُ في الحياةِ عن القصيدةِ، والقصيدةُ وردةٌ مائيَّةٌ في القلبِ، تلمعُ كلَّما اشتعلتْ رمالُ الروحِ من عطشٍ، أُريدكِ... فاحتويني، قالها رجلٌ لسيَّدةٍ تُربِّي حزنها الرعويَّ كي ينمو كلبلابٍ علي الشرفاتِ أو كالوعلِ في تيهِ الفلاةِ... وكي يخطَّ علي البحيرةِ شاعرٌ مرثيَّةً لغبارِ قبلتهِ.. ويبحثَ فيكِ عن معني القصيدةِ والقصيدةُ عن سرابِ الحبِّ تبحثُ.. لن أُضيءَ الليلَ بالكلماتِ أو قمرِ الكنايةِ لن أضيءَ دمي بعيني من أُحبُّ ولن أُسوِّرَ بالفراشةِ نهدها وفمي أنا فقط المُغنِّي عازفُ الجيتارِ في أوجِ الخريفِ سليلُ أوجاعِ الكمانِ أقولُ للمعني: أنا شجرٌ.. أقولُ لبائعِ الأحلامِ: خذ حبقَ الظهيرةِ وانصرفْ عنيّ ولامرأةٍ يرفرفُ وجهها الشتويُيٌ في وجهي وأطرافِ الأصابعِ: جنَّتي كوني لأهبطَ مثلَ آدمَ من سمائي.. واحتويني من تلهُّفِ كلِّ أُمٍّ أو توقُّفِ رغبتي في المنتصفْ لا تُطلقي ناراً علي فرحي فلستُ أنا الهدفْ أنا نجمةٌ في الماءِ عصفُ فراشةٍ منسيَّةٍ في النثرِ صيفُ قصيدةٍ بحريَّةٍ بقميصِ نومكِ لوحةٌ ينسلُّ منها عاشقانِ ملوَّعانِ ويذهبانِ إلي حدودِ العطرِ بالليمونِ أو أقصي الشغفْ لكِ ما أُريدُ من الحديقةِ أو تعاليمِ المسيحِ.. من الخريفِ.. ومن تأمُّلِ قطَّةٍ أو وردةٍ وحدي ومن عبثِ الكآبةِ والكتابةِ واستحالاتِ الأنوثةِ وانصبابِ ندائكِ الأبديّ في قلبي كما ينصبُّ صوتُ البحرِ في جوفِ الصدفْ وليَ اشتهاءٌ كانَ من عدمِ التملُّكِ واحتراقِ مجرَّةِ الليمونِ في جسدي ومن ندمِ الكلامِ عن الحياةِ عن التفاصيلِ الصغيرةِ للكنايةِ والحنينِ إلي احتمالاتِ الجمالِ أو التألُّمِ في المراثي أو مزاميرِ الترفْ في القلبِ متسَّعٌ لقطرةِ مائكِ الأولي ومتَّسعٌ لرائحةِ الخريفِ لأوَّلِ المعني لآخرِ صرخةٍ في البحرِ والجسدينِ متَّسعٌ لأمطارٍ تضيءُ كلامنا وغموضنا أو رغبةَ الندمِ الإباحي صُبِّي خطاكِ علي طريقِ اللازوردِ وشَعرَكِ المضفورَ بالأحلامِ أو بالقُبَّراتِ علي يديَّ لكي أُزوِّجَ غيمةً لترابِ صوتكِ أو أُسيِّجَ بالغناءِ صدي رياحي أنسلُّ من ضلعِ الأنوثةِ كلَّما احترقتْ مَحارةُ رغبتي في الليلِ كي أنجو من التأويلِ أو تشفي تماماً من زنابقها جراحي. أهوي أنوثةَ نثركِ الزرقاءَ تجرحني وتأخذني وحيداً لا أُحبُّ شتاءَكِ الحافي ولكني أُحبُّ غناءَكِ المائيّ يحملني علي موجِ القصيدةِ أو يُفتِّحُ وردةً عذراءَ في لغتي ونافذتي.. خُذيني من يديّ إلي إيثاكا جسمكِ البحريّ صُبِّي شهوةً كالصندلِ البريّ رائحةً علي جسدِ الغريب. كانَ اسمها بالألفِ يبدأُ أو بأسماءِ القصائدِ أو عذاباتِ الحريرْ كانَ اسمها بالنونِ يبدأُ.. نورسٌ يصلُ الندي بمعلَّقاتِ الحُبِّ والزمنِ المطيرْ كانَ اسمها بالواوِ يبدأُ.. آهِ يا وجعَ الكمنجةِ أو نداءاتِ البنفسجِ في السريرْ كانَ اسمها بالسينِ.. أو بالحاءِ.. أو بالباءِ.. أو بالراءِ يبدأُ.. ناوليني الكأسَ كي أنسي فرأسي متخمٌ بالبُنِّ أو بالتبغِ والأحلامُ حولَ دمي تدورْ قولي لموسيقاكِ أن ترتاحَ بعدَ اليومِ قلبكِ مرهقٌ.. ويداكِ آنيتانِ يانعتانِ من وجعِ العبيرْ وأنا أُربِّي الريحَ في قارورةٍ فضيَّةٍ وأُشيرُ للقمرِ السرابيّ الأخيرِ ولاسمها بالألفِ يبدأُ.. كالقصيدةِ في المنامِ كخفقِ أسرابِ الحمامِ لعلَّني بيدي أطيرْ. لي أن أشبِّهَ طوقَ زهرِ اللوزِ حولَ الخصرِ بالقلقِ الجميلِ وبالغيومِ المستحيلةِ وهيَ تمشي كالعرائسِ في أساطيرِ الرعاةِ وفي أغاني البدوِ من بيتٍ إلي بيتٍ ولي أن أشتهي أنثي الحمامِ ونومَها في ربلةِ الساقِ.. الحديقةَ وهي تنهضُ في الظهيرةِ من صدي الأحلامِ رائحةَ الأُنوثةِ والشتاءِ وزهرةِ الليمونِ لي أن أقتفي أثرَ الطيورِ وهجرةَ النيلوفرِ النهريّ من أقصي دمِ امرأةٍ إلي أرضِ المجاز. ستكبُ شاعرةٌ: لا تخفْ يا صديقي العزيزَ ولا ترتبكْ إن أضعتَ مفاتيحَ قلعتيَ المغلقةْ ربَّما لم أُقدِّم لكَ التوتَ في لوحةِ الماءِ أو عطرَ تفَّاحتي البكرِ يوماً علي طبقِ الليلِ.. أو ربَّما أنتَ لا تستحقُّ الدخولَ إلي رغبتي الضيِّقةْ. أُريدُ كلاماً بسيطاً من القطنِ أو عرقِ الحاصداتِ المضيء كلاماً من اللهفةِ الساحليَّةِ أو زبدِ الماءِ والرملِ أغزلُ منهُ وشاحاً من الأُقحوانِ الخفيفِ وهمسَ قميصٍ لمن يستحمُّ بصلصالها وجهُ شمسِ الخريفِ.. أُريدُ كلاماً قليلاً ولو كانَ طلعَ غبارِ الشتاءِ فقلبي بضحكةِ إحدي الجميلاتِ ينبضُ مثلَ الحديقةِ تنهضُ من نومها في أكفِّ النساءِ. الصبايا كبرنَ البناتُ الصغيراتُ من كنَّ مثلَ العصافيرِ في الأمسِ صرنَ نساءً قبائلَ من فضَّةٍ وينابيعَ، أشجارَ دفلي، حدائقَ ضوءٍ نوافيرَ من زنبقِ الليلِ، أو أُغنياتٍ عن القمحِ والحُبِّ والاشتهاءِ الصغيراتُ صرنَ عرائسَ.. منتشياً بالجمالِ أعودُ من الفرحِ العائليِّ كأني علي موجةٍ من ظلالِ التلهفِّ للأمسِ ترقصُ بي رقصةَ امرأةٍ يدها قدحٌ من عبيرِ الندي فمها برعمٌ في شقوقِ الغناءْ . كلُّ شيءٍ علي ما يرامُ أُعلِّقُ في وحدتي قمراً ذابلاً كيْ أنامْ الجراءُ الصغيرةُ تركضُ في ساحةِ البيتِ.. والذكرياتُ علي حالها ما تزالُ وبائعُ غيمِ المساءِ استقالْ كلُّ شيءٍ علي ما يرامُ الظلالُ.. الحديقةُ.. رائحةُ الحُبِّ.. برجُ الحمامْ قميصُكِ مُلقيً علي وجهِ من يشتهيكِ وعيناكِ من سَهَرٍ صارتا حبقاً هائجاً في دمائيَ أو مطراً عاشقاً في الكلامْ خاصميني لأكتبَ أو عانقيني لأنساكِ عن ظهرِ قلبٍ فمن عادةِ الحالمينَ التشاجرُ مع شجرٍ عابرٍ في الخريفِ إذا كانَ من نسلِ إحدي النساءْ ومن عادةِ الحالمينَ تتبُّعُ رائحةِ العشبِ في الصيفِ حتي أقاصي الغناءْ والتململُ عندَ الظهيرةِ من وجعٍ في الروايةِ والرقصُ مع ذئبةٍ بورجوازيَّةٍ في المساءْ. كي تنزلَ امرأةٌ من الرؤيا أمدُّ يدي إلي المرآةِ كي نتبادلَ الأفواهَ أرسمُ زهرةً بريَّةً بيضاءَ فوقَ الماءِ كي نشفي من الأمطارِ نصلحُ رغبةً معطوبةً فينا ونكتبُ جملةً شعريَّةً رعويَّةً تصفُ انسكابَ فراشةٍ في الريحِ.. أو تكفي لنشربَ قبلةً سريَّةً أو نعبرَ الصحراءَ جسمكِ يوجعُ الصلصالَ في جسمي يضيءُ بحيرةً في القلبِ لا تمشي علي أمواجها امرأةٌ سواكِ . لستُ ظلَّاً ولا حجراً يا بنفسجةً في النساءْ عانقيني لأُولدَ ثانيةً أو لأُصبحَ مزولةً للغناءْ حبقاً في يدي كنتِ من قبلِ أن تولدي وكنتُ أُربِّي بساتينكِ العاليةْ كنتُ عرَّابَ عينيكِ.. كانتْ موسيقي الغجرْ تهبُّ علينا من البحرِ كانَ القميصُ المشجَّرُ تنهيدةً في فمي.. في حياةٍ خلتْ كنتِ أُنشودةً.. فرساً.. قوسَ ماءْ وأنا غيمةً كنتُ.. هجرةَ سربِ الحمامِ إلي قمرٍ للبكاءْ دمي مثقلٌ بالعناقيدِ.. يقطرُ منهُ الحُداءْ. خريفٌ سليلُ الخرافةِ يهذي بأسماءِ من عبروا في الرواياتِ نهرٌ تعلَّقَ بامرأةٍ نطقتْ باسمهِ حالمٌ لا يفكِّرُ إلَّا بتغييرِ مجري مصبِّ الكمنجاتِ... لا شيءَ يُلفتُ قلبي هنا في ممرِّ الأغاني وسهدِ الرعاةْ غريبٌ يحدِّقُ في عدمٍ واضحٍ. ونساءٌ يرتِّبنَ فوضي النهارِ علي مهلهنَّ.. هنا ندمٌ جارحٌ كالقبَلْ لن أُجيدَ الكتابةَ عن ساعةِ الشمسِ أو حزنِ جلجامشَ الأبديِّ ولن أستطيعَ مغازلةَ امرأةٍ والحمامُ يطيرُ خفيضاً علي السهلِ والذئبُ يعوي إلي آخرِ الليلِ كي لا يصلْ بكاءُ العجائزِ من ألمٍ أو صراخُ السكاري الأخيرُ. أُريدُ رغبةَ كافكا في الصراخِ وفي فوضي التفاصيلِ، وحدي كي أُرتِّبها علي هوايَ.. أُريدُ النايَ يأخذني إلي الخريفِ.. أُريدُ الليلَ نرجسةً موشومةً في كتابِ الحُبِّ.. ذابلةً علي يدِ امرأةٍ بيضاءَ هاربةٍ من المزاميرِ لا أقوي علي فمها المزمومِ كالزنبقِ الناريّ فوقَ يدي أُريدُ هصرَ عناقيدِ الصبابةِ في روضِ ابنِ زيدونَ.. يا ولَّادةُ ابتعدي عمَّن سواهُ.. أُريدُ الشمسَ تشربُ من فنجانِ قهوةِ لوركا في الصباحِ.. ولا تمضي إلي ما وراءِ البحرِ أُغنيةً عن الشتاءِ.. سراباً.. غيمةً.. أرقاً.. فراشةَ أنشبتْ في الروحِ مخلبها أُريدُ نزوةَ عصفورٍ يحاولُ أن يُغري القصائدَ بالتحليقِ.. وامرأةً بالحلمِ أو ذهبِ الرؤيا ليكتبها. فلسطين