"نصف دستة أشرار تملك منهم الشيطان، ولم يفرقوا بين صديقهم وعدوهم حتى أوقعوا الضحية في قبضتهم وعذبوه وحرقوه لإجباره على الاعتراف بسرقة دراجة نارية ولم يتركوه إلا جثة هامدة ثم ألقوا بها بجوار مستشفى المحلة العام وفروا هاربين". استيقظ محمد سعد الجندي الشاب العشريني في الصباح الباكر، كعادته وتناول إفطاره وسط أسرته البسيطة، ثم قَبل يد والديه لتوديعهما وخرج مسرعاً لورشته حتي لا يتأخر عن العمل فهو يعمل ميكانيكي في ورشة لإصلاح الدراجات النارية بقرية بطينة بمركز المحلة الكبرى، لم يكن يدرى أنها مجرد ساعات وسيودع الدنيا كلها، كانت الساعة تدق العاشرة صباحاً حينما وصل لورشته وخلع ملابسه واستبدلها بملابس العمل وقام بتشغيل جهاز الراديو ليبدأ في ممارسة عمله وتمضي الساعات بشكل طبيعي كالمعتاد حتي جاءه أحد أصدقائه ويدعى تامر.م "ميكانيكي" بنفس القرية وتحدث معه بصوت خافت في بادئ الأمر حتى علا صوتهما فجأة مما لفت انتباه الجميع ثم انصرف وهو يتوعد بالانتقام بينما عاد محمد ليستأنف عمله دون أن يعره أدنى اهتمام مراعياً الصداقة والعشرة. لم يكن يدري محمد ما يحاك ضده من مؤامرة انتقامية من جانب صديقه تامر الذي ذهب ليفكر في طريقة للانتقام منه اعتقاداً أن محمد سرق دراجته النارية وبعض قطع الغيار من ورشته، فألهمه تفكيره الشيطاني باستدراجه إلى مكان خال من المارة والاعتداء عليه وتعذيبه حتي يقر بواقعة السرقة، ولكن كيف ينفذ تلك الفكرة فلم يجد أمامه سوى أصدقاء الشر معاونوه فاستدعاهم بهاتفه المحمول ووزع عليهم الأدوار بعد ان وضع خطة محكمة، وأرسل شخصين للضحية واصطنعا قصة وهمية لإقناعه بالذهاب معهما لإصلاح دراجة نارية معطلة، لم يدرك وقتها أنه فخ وسيقع فريسة لصديقه الذي ينتظره بفارغ الصبر . استقل محمد معهما توك توك، توجهوا جميعاً ناحية الأراضي الزراعية بالقرية وقاموا بإنزاله من التوك توك حتي بدأ يشعر بالغدر فحاول الفرار لكنه وجد نفسه محاصراً بين 6 أشخاص جميعهم تنتابهم حالة من التحفز نحو الفريسة فحاول أن يستجمع كل شجاعته ويقف أمامهم بكل ثقة حتي تقدم تامر نحوه وسأله نفس السؤال الذي سبق وان وجهه له عندما كان في ورشته "إنت اللي سرقت الموتوسكل من الورشة ؟" فنظر إليه صديقه نظرة عتاب ولم يجبه، في تلك اللحظات كان المتهم قد حسم موقفه فأشار لزملائه أن يشعلوا النار في بعض الحطب والأخشاب ثم قاموا بشل حركة المجني عليه وأوثقوه بالحبال وتعدوا عليه بالضرب بالعصى ووضعوا أرجله بالنار المشتعلة لإجباره على الاعتراف بالسرقة دون أن تأخذهم به شفقة او رحمة بينما يحاول هو الفرار منهم والاستغاثة بأي شخص لكن لا مجيب حتي سقط مغشياً عليه ولفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بإصابته . لم يكتف الأشرار الستة بذلك فقرروا التخلص من الجثة بشكل يبعد عنهم الشبهة الجنائية فقاموا بحملها ووضعها في توك توك والقائها بجوار مستشفى المحلة العام وفروا هاربين. كان الوقت قد اقترب من منتصف الليل في بيت المجني عليه، القلق بدأ يسيطر على أفراد الأسرة لكونه لم يعتد التأخير فبدأوا التحرك للبحث عنه في كل مكان حتي اتصلوا بصديقه تامر الذي أنكر رؤيته تماماً في ذلك اليوم فتوجه والده لمركز شرطة المحلة لتقديم بلاغ بتغيبه عن المنزل في الوقت الذي يتلقى فيه ضباط المباحث اخطاراً من الأهالي بالعثور على جثة هامدة لشخص مجهول الهوية بها آثار تعذيب وحروق ملقاة بجوار مستشفى المحلة العام وتتشابه أوصافها مع أوصاف الشخص المتغيب وبعرضها علي والده كانت الصدمة الكبرى له بعد ان وجدها تحمل نفس ملامح ابنه فلم يتمالك نفسه وسقط مغشياً عليه بينما راح ضباط المباحث يكثفون من تحرياتهم حول الواقعة لكشف غموضها . بعد تحريات استغرقت عدة أيام توصلت جهود فريق البحث الجنائي بقيادة العميد وليد الجندي رئيس فرع البحث بالمحلة بمعاونة المقدم محمود الجيار وكيل الفرع تحت اشراف اللواء السعيد شكري مدير ادارة البحث الجنائي إلى تحديد هوية الجناة ودلت التحريات إلى أن المدعو تامر م ميكانيكي " مسجل خطر " وراء الواقعة بمعاونة شقيقه و4 آخرين وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهمين وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة لاعتقاد المتهم قيام المجنى عليه بسرقة دراجة نارية وبعض قطع الغيار من محل خاص به بالقرية حيث اقتادوه أثناء تواجده بقريته إلى منطقة زراعية ونفذوا جريمتهم وبعرضهم علي النيابة العامة قررت حبسهم 4 أيام علي ذمة التحقيق وتم تجديدهم 15 يوماً أخر .