فرصة هامة وفرتها منظمة التعاون الإسلامي، حينما قررت بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، تنظيم المهرجان الأول للمنظمة بالقاهرة، متضمنا فعاليات مختلفة، تركز علي الأنشطة الهامة التي تقوم بها هذه المنظمة، كما أتاحت هذه الفرصة الإطلاع علي الإصدارات المختلفة التي تصدرها هذه المنظمة، التي يعود تأسيسها إلي الزيارة التي قام بها الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود، إلي دول غرب أفريقيا عام 1966، وتدشينه سياسة التضامن الإسلامي لخدمة الإسلام والمسلمين في أفريقيا جنوب الصحراء، وتطور الأمر بعد المحاولة الإجرامية لإحراق المسجد الأقصي بمدينة القدس 1969، لتتبلور فكرة إنشاء هذه المنظمة، التي انبثق منها في مرحلة تالية إنشاء صندوق التضامن الإسلامي في عام 1974. يقوم الصندوق بأعباء كثيرة من أجل نشر ثقافة التسامح، ويضع قضية فلسطين في بؤرة اهتماماته، لذا يقوم بالكثير من الأنشطة التي تدعم صمود الشعب الفلسطيني، لاسيما أن المنظمة رفعت منذ تأسيسها هذا الشعار » أمة واحدة وثقافات متعددة.. فلسطين في القلب»، وقد أفرد الصندوق بابا مستقلا من موازنته للإنفاق علي هذا الجانب، الذي يسهم في توفير المساعدات المعيشية والصحية والاجتماعية والثقافية والتعليمية. جهود كثيرة تقوم بها المنظمة، والصندوق المنبثق منها، لكن ما لفت نظري بشدة هو التفكير العلمي، الذي يحكم أداء الصندوق، والرغبة الحقيقية ليس فقط في تقديم المساعدات الإنسانية، بل العمل علي تغيير نمط حياة بعض الشعوب، وذلك بمساعدتهم علي تجاوز بعض الصعوبات، لاسيما المتعلقة بتعليم أبناء هذا البلد أو ذاك، كذلك مراعاة الجاليات في بعض البلدان الأوروبية وأمريكا، بأن تبني لهم المدارس والجامعات، وهنا لابد من التحية علي هذه الجهود، التي تستهدف بناء إنسان عصري، يتجاوز محنه وآلامه وإمكانياته، لكي يصبح له في يوم من الأيام بصماته في مختلف أنواع المعارف والعلوم والفنون. فكرة البناء هنا والانحياز إلي المستقبل، الذي يعد التعليم أداة أساسية له، هو دور مشكور للمنظمة والصندوق، وتوجه يجب المحافظة عليه، والعمل علي توسيع مستفيديه، فبالمدارس والجامعات، تخطو الأمم خطوات واسعة نحو مستقبل آمن، تلعب فيه الابتكارات دورا مهما وتأسيسيا في نهضة أية أمة، فبالتعليم ونشر صحيح الأفكار المتعلقة بالدين، نصبح أمام قفزة حقيقية في تفكير الأمم المسلمة، من هنا سعدت عندما وجدت في إحصائية للمنظمة، تعدد -المشاريع التي أقامها ومولها الصندوق، ووصلت منذ تأسيسه حتي نهاية 2016، علي سبيل المثال بالنسبة للدول الأفريقية،- هناك انحياز واضح نحو تأسيس ثقافة المعرفة والتعلم-، 342 مدرسة و91 جامعة ومعهدا، في مقابل إنشاء 186 مسجدا. فبلاشك الانحياز للمدارس والجامعات، باعتبارها مكانا للتعلم، سواء العلوم الدينية أو العلمية، أمر يساعد المساجد في أداء دورها في نشر ثقافة التسامح، هذا الانحياز يجعلنا نشد علي أيدي القائمين علي هذه المنظمة، ونحييهم علي هذا الاتجاه في الانحياز إلي ثقافة التعليم، في مواجهة ثقافة التغييب، وأنه لا تقدم للأمم الإسلامية أو أي أمة، إلا إذا امتلكت المعرفة، وبالتالي تمتلك واحدة من مصادر القوة والنفوذ بين الأمم. لذا أضم صوتي لصوت الدكتور يوسف أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في دعوته أن تستجيب الدول الأعضاء في المنظمة إلي تنفيذ القرار الذي اتخذ في عدد المؤتمرات الإسلامية، وكان آخرها الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر الإسلامي الذي عقد في باكو بأذربيجان في نوفمبر 2006، بأن تخصص الدول الأعضاء قطعة أرض بمواقع استراتيجية بالمدن الاقتصادية الهامة، لإنشاء مشاريع أوقاف عليها، تكون داعمة لميزانية الصندق، الذي يستحق كل الدعم في أداء رسالته.