منذ خمسة أعوام، وفِي قمة الجزائر العربية في عام 2004، بدأ البرلمان العربي مسيرته، بعد موافقة القادة العرب في قمة عمان 2001 علي إنشائه، وبدأت الدول العربية تختار اربعة من اعضاء برلمانها للمشاركة في اعمال البرلمان العربي، وكان مقره في دمشق، قبل ان ينتقل إلي القاهرة، بعد الظروف التي تمر بها سوريا بعد 2011، وتعمل لجانه الأربعة الرئيسية الخارجية والسياسية والأمن القومي، والاقتصادية والمالية، والتشريعية والقانونية وحقوق الانسان، والاخيرة لجنة الشئون الاجتماعية والتربوية والثقافية والمرأة والشباب عملها،وأعترف وأقر هنا ان المجلس تحت رئاسة مشعل بن فهم السلمي، تحول إلي »ساتر لعورة النظام العربي الرسمي» الذي يغرق في المشاكل الثنائية والمتعددة' ومع دول الجوار، ووصل الحال إلي دول عربية تحافظ علي وجودها موحدة كهدف رئيسي، تبحث عن الأمن والاستقرار لها ولشعبها، البرلمان العربي اتخذ خطوات مهمة غير تقليدية، وشهد زخما كبيرا في العمل علي ملفات جديدة، قد تكون بعيدة عن متناول الاجتماعات التنفيذية لوزراء الخارجية، الحريصين علي اجتماعات دورية مرتين في العام في مارس وسبتمبر. وقد حرصت بحكم عملي علي متابعة أنشطة البرلمان بصفة عامة، وزادت المتابعة في الآونة الاخيرة، ويكفي للتدليل علي ذلك نشاط الأسبوع الماضي فقط '،الذي شهد جهدا استثنائيا، بدأ باجتماع غير مسبوق لقيادات العربية رفيعة المستوي، منهم عمرو موسي أمين عام الجامعة العربية الأسبق، وستة رؤساء وزراء سابقين للجزائر والعراق وليبيا والأردن وتونس واليمن، والرئيس أمين الجميل رئيس جمهورية لبنان الأسبق، الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، بالإضافة لحضور عبد الحكيم بن شماش رئيس مجلس المستشارين المغربي، محمد ابراهيم المطوع وزير شؤون مجلس الوزراء بمملكة البحرين، ود. إبراهيم غندور وزير خارجية السودان السابق، والدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية وآخرون، الهدف من عقد هذا المؤتمر هو مناقشة وإقرار »الوثيقة العربية لتعزيز التضامن ومواجهة التحديات»، لتكون إسهاماً عربياً صادقاً لإقامة نظام عربي قويّ ومتماسك، قائم علي أسس التضامن والأخوة العربية والتعاضد السياسي والتكامل الاقتصادي، والتصدي للمطامع والتهديدات التي تستهدف الأمن القومي العربي، كما قال رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي، وسيتم رفع الوثيقة إلي القادة العرب في قمة تونس العربية في نهاية شهر مارس القادم. وقد تضمنت الوثيقة التي تم اقرارها العديد من المحاور المهمة، المتعلقة بحفظ الأمن والاستقرار في العالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة من قِبل القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، والدعوة لوضع استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع دول الجوار، خاصة ايران وتركيا، لمواجهة التدخلات السلبية لهذه الدول في الشؤون الداخلية للدول العربية، والذي استشري وتنامي لتحقيق طموحات استعمارية، وسياسات عدوانية، هدفها بسط نفوذها وتكريس هيمنتها، واستطاعت أن توجد جماعات داخل المجتمعات العربية تدين بالولاء لها،وترتبط بها وتحقق أهدافها، مستغلة تغذية الصراعات والنزاعات الداخلية، التي تشهدها بعض الدول العربية، مستفيدة من الخلافات العربية العربية، لتمد نفوذها وتكرس هيمنتها السياسية والاقتصادية علي سيادة ومقدرات الأمة العربية، كما تضمنت طلب وضع خطط لحل الأزمات في الدول العربية، التي تحتاج إلي تحرك عربي عاجل، في سوريا وليبيا، وغيرها من التحديات التي تواجه العالم العربي علي كل المستويات، كما دعت الوثيقة إلي تكوين آليات ومؤسسات لتعزيز التضامن العربي، من خلال تطوير جامعة الدول العربية، وتفعيل مجلس السلم والأمن العربي، وتفعيل لجنة الحكماء في تسوية النزاعات العربية-العربية، وإنشاء مجلس أمن قومي عربي، والإسراع في إنشاء محكمة العدل العربية، وتفعيل الآلية العربية للإنذار المبكر، لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانضمام الدول العربية إلي المحكمة العربية لحقوق الإنسان. واجتماع القيادات العربية رفيعة المستوي والوثيقة التي تم اقرارها، جزء من مبادرات سابقة قام بها البرلمان العربي، بدءاً من تقديمه رؤية حول » نظام جديد للأمن القومي العربي»، ثم »الوثيقة العربية الشاملة لمكافحة التطرف والإرهاب»، ووضع خطط عملٍ لدعم قضية العرب الأولي فلسطين، ونصرة القدس، وخطة العمل لرفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب المُدرج عليها منذ عام عام 1993. وقد خصص جلسة استماع لهذا الغرض خلال الأسبوع الماضي، شارك فيها العديد من الشخصيات العربية والاوروبية والافريقية، خاصة بعد تنفيذ السودان لكامل التزاماته في خطة المسارات الخمسة المتفق عليها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، بشأن مكافحة الإرهاب، وإحلال السلام في دولة جنوب السودان، وتعزيز حقوق الانسان، وتقديم المساعدات الإنسانية ومعالجة الأوضاع في مناطق النزاعات والمناطق المحتاجة في السودان. البرلمان العربي بتمثيله للشعوب العربية طاقة نور لعلها تتوسع وتنشر لتحقيق متطلباتها.