قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه اتفق مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون علي ضرورة إعطاء دفعة قوية للتعاون في المجالات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة لتعكس مكانة وتميز العلاقات السياسية والإستراتيجية بين مصر وفرنسا. وأكد، في كلمته خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الفرنسي، ترحيب مصر بالشركات الفرنسية وتعظيم مشاركتها في المشروعات القومية العملاقة واستفادتها من الفرص الواعدة في شتى قطاعات الاقتصاد المصري. وأشار إلى أن محادثاته مع نظيره الفرنسي شهدت اتفاقاً في الرؤى بشأن أهمية الاستمرار في مواصلة العمل لمكافحة ظاهرة الإرهاب البغيض الذي يستهدف أمن الدولتين ومصالحهما على حد سواء، وبالتالي يمثل تهديدًا مباشرًا لجهودنا في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة، والتحدي الأكبر على درب تحقيق رخاء شعوبنا. وفيما يلي نص كلمة الرئيس خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الفرنسي: "فخامة الرئيس والصديق العزيز إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، الحضور الكريم أود بدايةً أن أعرب عن ترحيبي الشديد بفخامة الرئيس "إيمانويل ماكرون" والوفد الرسمي المرافق له، حيث يحل سيادته ضيفًا عزيزًا على مصر في زيارته الأولى كرئيس للجمهورية الفرنسية، وذلك في ضوء علاقات الصداقة الممتدة والشراكة الإستراتيجية القائمة بين مصر وفرنسا، وهي صداقة تستند إلى تاريخ طويل من المصالح المتبادلة والتفاعلات الإنسانية والحضارية بين شعبينا منذ قرون، عزز من عمقها ما شهدته علاقات البلدين في السنوات القليلة الماضية من زخم متواصل على أصعدة التعاون في جميع المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، والمستوى الرفيع من التنسيق إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية. لقد استعرضت مع فخامة الرئيس "ماكرون" مختلف أوجه التعاون الثنائي، وكذلك شهدنا معًا مراسم التوقيع على عدد متنوع من الاتفاقات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات متعددة كالنقل والصحة والثقافة والتعليم والشباب، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم لتأسيس شراكة إستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية خلال الفترة 2019-2023 بقيمة مليار يورو. كما مثل لقاؤنا اليوم فرصةً مهمةً لاستعراض أهم خطوات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الشامل الذي تنفذه مصر منذ عام 2016، بهدف معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد المصري منذ عقود، وهو البرنامج الذي يحظى بإشادة مستمرة من مؤسسات التمويل والتصنيف الائتماني الدولية، حيث اتفقنا على ضرورة إعطاء دفعة قوية للتعاون في المجالات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة لتعكس مكانة وتميز العلاقات السياسية والإستراتيجية بين مصر وفرنسا. ومن هذا المنطلق، أكدتُ لفخامة الرئيس ترحيب مصر بالشركات الفرنسية وتعظيم مشاركتها في المشروعات القومية العملاقة واستفادتها من الفرص الواعدة في شتى قطاعات الاقتصاد المصري، فضلاً عن حرصي الشخصي على دعم ودفع الاستثمار الأجنبي في مصر عامة والشركات الفرنسية على وجه الخصوص، كما أبديت تطلعي واهتمامي لأن يسفر منتدى الأعمال بين رؤساء كبرى شركات القطاع الخاص في البلدين، الذي أشهد وفخامة الرئيس جلسته الختامية مساء اليوم، عن نتائج إيجابية تسهم في تعظيم المصالح المتبادلة بين بلدينا. لقد ناقشنا أيضاً بإسهاب سُبل تعزيز التعاون الثقافي والتعليمي بين مصر وفرنسا في ظل احتفال البلدين بعام 2019 كعام للثقافة المصرية الفرنسية، وفي ضوء التأثير المتبادل للتراث الحضاري لكلا البلدين على الحياة الثقافية والاجتماعية للشعبين المصري والفرنسي؛ فالنخبة المصرية المثقفة تأثرت بكتابات مفكري عصر النهضة الفرنسية، كما أن الشعب الفرنسي - والرئيس ماكرون ذاته - لديه ولع بالحضارة المصرية القديمة، ولا ننسى هنا إسهام علماء فرنسا في كشف أسرار وفك رموز حضارتنا الفرعونية العريقة. فخامة الرئيس،، الحضور الكريم لقد شهدت محادثاتنا اليوم كذلك اتفاقاً في الرؤى بشأن أهمية الاستمرار في مواصلة العمل لمكافحة ظاهرة الإرهاب البغيض الذي يستهدف أمن الدولتين ومصالحهما على حد سواء، وبالتالي يمثل تهديداً مباشراً لجهودنا في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة، والتحدي الأكبر على درب تحقيق رخاء شعوبنا. كما شملت محادثاتنا حوارًا إيجابيًا حول الأوضاع الراهنة لحقوق الإنسان في بلدينا ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، حيث أكدتُ الأهمية التي توليها مصر لهذه المبادئ والقيم التي ترسخت عالمياً، باعتبارها مكوناً رئيسياً في كافة الجهود المبذولة لانطلاق شعب مصر نحو التقدم والازدهار. إن مؤسسات المجتمع المصري، بجميع أشكالها التنفيذية والتشريعية والقضائية والمدنية، تتضافر جهودها لتطوير منظومة حماية حقوق الإنسان من منطلق فهم معمق لعوامل التاريخ والحضارة والتراث التي تقود إلى حركة التطور الطبيعي للمجتمع وفقاً لدرجة امتلاكه للعناصر اللازمة التي تدفعه من مرحلة إلى أخرى اتساقاً مع تطلعاته الوطنية ومسئولياته الإنسانية. ولا يخفى هنا ضرورة التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، لأن جميع تلك الحقوق متشابكة ومتداخلة وتعزز بعضها البعض بحيث لا يمكن تجزئتها؛ فالحق في الحياة، والأمن، وحرية الرأي والتعبير، والتنمية بما يشمل الحصول على غذاء ورعاية صحية وتعليم ومسكن لائق، إنما هي حقوق توليها مصر أولوية كبيرة انطلاقاً من مسئوليتها تجاه مواطنيها والتزاماً ببنود الدستور التي تعد أساساً راسخاً لحماية حقوق الإنسان، وأن الشعب المصري صاحب الحق في تقييم مدى ما يتمتع به من حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية. كما يجدر بنا في هذا المقام تأكيد ضرورة ألا تثنينا التحديات التي تواجهنا سواء بالمنطقة أو أوروبا، من انتشار لظاهرة الإرهاب وزيادة معدلات الجرائم المرتبطة بالعنصرية وكراهية الأجانب، عن التشبث بمواصلة توفير الحماية والتقدم لمواطنينا. من ناحية أخرى، فقد استعرضنا أيضا تطورات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ليبيا وسوريا والقضية الفلسطينية ومنطقة الساحل الإفريقي، وكذا ملف الهجرة غير الشرعية، فضلاً عن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وأولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي خلال العام الجاري وما تتيحه من فرص لتدشين تعاون ثلاثي بين مصر وفرنسا لدفع جهود التنمية في دول القارة الإفريقية. وقد أكدت من جانبي وقوف مصر ومساندتها للجهود السياسية الرامية لتسوية النزاعات الإقليمية والحفاظ على الدولة الوطنية وسلامتها الإقليمية والحيلولة دون تفككها أو السماح لقوى خارجية باستمرار العمل على زعزعة استقرار وأمن المنطقة تحقيقاً لأهدافها الأيديولوجية أو مصالحها الضيقة. فخامة الرئيس،، أرحب مجددًا بكم في مصر، وأكرر الإعراب عن تقديرنا للدعم الذي تقدمه فرنسا والتطور المتسارع والمثمر الذي تشهده علاقاتنا الثنائية في شتى المجالات".