بلاشك أن عام 2018 هو العام الأكثر لغطا لأداء المجلس الأعلي للثقافة، ويعد استمرارا لأعوام سابقة لم يكن المجلس في قوته المعهودة، لكن الإيجابية الواضحة - حتي الآن- هي تلك الورقة المطولة التي أعدها د. سعيد المصري الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة بعنوان »مقترح خطة عمل المجلس الأعلي للثقافة 2018 – 2020»، وتمت علي مرحلتين، الأولي هي اجتهاد خاص قام به د. المصري، معتمدا علي تحليل دقيق لما تحت يده من أوراق وتوجيهات لا تخص المجلس الأعلي للثقافة فقط أو وزارة الثقافة، وإنما تنطلق – أيضا – من استراتيجية مصر 2030، أما المرحلة الثانية لهذه الورقة فكان الاستماع لآراء ما يقرب من 18 لجنة من لجان المجلس الأعلي للثقافة، الذين التقي بهم المصري في حوارات مطولة، وبالفعل أدخل تعديلات علي هذه الخطة، استجابة لآراء موضوعية طرحت، كما استمع الأمين العام لآراء مثقفين من مختلف التيارات والاتجاهات والأعمار السنية، وبالتالي فالتصور الذي سينشر في "أخبار الأدب" هو الصورة الكاملة لهذا المقترح، الذي ينتظر اجتماع المجلس الأعلي للثقافة ليتحول إلي واقع ملموس. لكن ما الدافع لهذه الخطة الممتدة من 2018 – 2020، الحقيقة دوافع كثيرة، منها تراجع دور المجلس والاحتياج الشديد لتحديد مساره، بعد أن أصبح دوره في السنوات الأخيرة ملتبسا، وفي بعض الأحيان فاترا، لذا أعتقد أن أهم ما يميز هذا المقترح "الصدق" الذي كتب به، هذا "الصدق" الذي جعل المصري متحررا من كل القيود والتوازنات منطلقا إلي هدف أساسي هو تعديل مسار المجلس، وعودته إلي ممارسة دوره بشكل منضبط، متسلحا بالمواد القانونية التي حددت المسار، وهو ما جعله منذ الفقرة الأولي لهذا التصور، ينطلق من النص القانوني الحاكم لأداء المجلس وهو : "تخطيط السياسة العامة للثقافة في حدود السياسة العامة للدولة، والتنسيق بين الأجهزة الثقافية في أوجه نشاطها المختلفة"، بالتأكيد هذا المنطلق غير مفعل تماما، وهذه الورقة تريد أن تحدث »الصدمة» للجميع منذ اللحظة الأولي، وكأنها هنا بمثابة جرس الإنذار لكي تلعب كل أجهزة الوزارة دورها بشكل منضبط، ولا تتعدي هيئة علي مهام هيئة أخري، فهذا المقترح في أولي خطواته هو محاولة جادة لهذا التفعيل، بل من وجهة نظري، هو محاولة شجاعة لا أعلم إذا كانت وزارة الثقافة ستتحملها بشجاعة موازية أم لا؟. المجلس في هذه الورقة الطموحة لا يحاول فقط استعادة دوره في التنسيق بين أجهزة الوزارة المختلفة لوضع برامج عملها، بل – أيضا – يستعيد معه دور هذه الأجهزة التي في مجملها لا تلعبه بالشكل المنضبط والمؤثر. المصري يقر بوضوح وهو الأمين العام، أن المجلس في حاجة إلي » تطوير آلية مؤسسية جديدة لتطوير ومتابعة السياسات الثقافية"، و أن "تعمل خطة المجلس علي تقديم المشورة والدعم الفكري لخطة وزارة الثقافة ككل من منطلق تصور محدد لطبيعة السياسات العامة من ناحية وطبيعة عمل اللجان الثقفية من ناحية أخري"، ومعني ذلك أننا لن نكون أمام خطة لعمل واضحة للمجلس الأعلي لثقافة، بل خطة محددة لعمل مختلف مؤسسات وزارة الثقافة، لكي يتمكن المجلس من تقديم » الدعم الفكري لخطة الوزارة". في هذه الخطة اقتراحات محددة لعمل لجان المجلس ومختلف إداراته في إطار منظومة واحدة محددة الأهداف، ومن هنا تقترح هذه الورقة أن تشكل 15 لجنة نوعية، تكون علي علاقة باللجان الدائمة للمجلس، وهنا لابد أن نناقش بشفافية هل أصبح المجلس في ظل هذه الرؤية الجديدة يحتاج لهذا العدد المبالغ فيه من اللجان الدائمة التي تصل إلي 28 لجنة، ويمثلها ما يزيد علي 600 عضو، أم يتم الاكتفاء بهذه اللجان النوعية في التشكيل القادم؟. ولأهمية "مقترح خطة عمل الجلس الأعلي للثقافة" في الدفع بالعمل الثقافي خطوات للأمام، ننشره كاملا، ونفتح حوله حوارا، لكل من يريد التعليق علي هذه الورقة الهامة. اقرأ ص 31