هكذا أري اليوميات: بستان من الكلمات وصفصافة من المعاني، تنقلك بعيدا عن صخب الحياة الضارية من اعتداءات علي اصحاب الاقلام في نقابة الصيادلة أو خلاف علي مكتبة حسن كامي بين محاميه والورثة! وعندما أبحر في الزمن الجميل، أجدني أقطف من كل بستان زهرة! حديث التاسعة بعد نشرة أخبار الثامنة والنصف بأصوات عظيمة، أمثال جلال معوض وحسني الحديدي وعباس أحمد وبديعة رفاعي يأتي حديث السهرة ويتناوبه د.طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم. لعل هذه الأحاديث الثرية كانت رافدا من روافد المعرفة. وكان هناك التزام بقواعد اللغة العربية وظلت اللغة علي بكارتها قبل أن تعبث بها برامج الفكاهة وكان في الاذاعة المصرية اثنان من حراس اللغة: فاروق شوشة وطاهر أبوزيد. وبلغ من رهافة حس المصريين أن الناس كانت تردد في اليوم التالي قصائد غناء أم كلثوم. وكانت معظم لافتات المحلات بالعربية. الاوتومبيل كان محمد عبدالوهاب ينادي علي سائقه: جهز الاوتومبيل! لم يخطئ مرة ويقول جهز العربية أو كما يقول أهل الخليج السيارة وسمعت عبدالوهاب يقول انه سمع كلمة الاوتومبيل لأول مرة من شوقي بك وقال لي مرة ان كلمة أوتومبيل هي المعني الدقيق لكلمة سيارة. ويعترف لي الموسيقار انه لايفهم في ميكانيكا الاوتومبيلات وذات مرة رأي دخانا ينبعث من الموتور فما كان منه الا أن فتح باب السيارة وفر داخل البيت. سألته مرة عن الشجاعة فقال: أهمها الشجاعة الادبية ولكن لاتطلب مني أن اكون شجاعا في حضرة ثعبان الكوبرا مثلا! حسن كامي والمسامير في تجربتي مع قناة دريم، كنت أقدم برنامجاً بعنوان »مفاتيح« وكنت أطوف بمحطات الضيف وانقب عن اسراره واثناء الاعداد جاء من يهمس في أذني أن افضل هدية منك لحسن كامي هي «مجموعة مسامير»! وكلفت أحد شبان الاعداد ان يذهب لنجار ويأتي من عنده بشوية مسامير مستخدمة أي ليست جديدة: وبالفعل تسلمت المسامير ووضعتها في كيس قطيفة أحمر وقبل نهاية البرنامج فاجأته بالهدية! وتهللت أسارير حسن كامي وكان سعيداً وسألته، ماذا تعني لك الهدية وفاجأني بأنها من أجمل دوافع تفاؤله ولوكانت مسامير جديدة لم تستخدم يضيع تفاؤلي وأدرك أن هناك من يفكر «يمسمرني» أي يخدعني! ماذا يبكي إيمان؟ نجمتنا المصرية الرقيقة إيمان التي اعتزلت الفن في أوج نجاحها لايبكيها سوي اغنية عبدالحليم حافظ التي غناها لها في أحد افلامها «أنالك علي طول» يذكرها بمصر وحياتها في مصر وذهابها للاستديو وبسطاء الناس الذين كانوا يحيونها ببساطتهم. ايمان تعيش في فيينا مع زوجها ماكس شلريت صاحب الفنادق الشهيرة في اوروبا. مصر لاتغيب عن بالها واللهجة المصرية محببة لها لدرجة أن زوجها أتي لها بمساعدة ملابس مصرية تشرف علي ملابسها المهم انها تسمع اللهجة المصرية. زكي رستم! سألت ليلي رستم نجمة تليفزيون مصر في الستينيات عن عمها زكي رستم. قالت: يحب الوحدة ولايخرج إلا في المساء وقد تلقي عليه السلام فلايرد. إذا جلس في مقهي انتحي بمقعد في نهاية المقهي واعطي الناس ظهره. هو يدرك انه ممثل عظيم ولكنه لايتكلم عن أمجاده وفي الاستديو يجلس وحيدا في غرفته ثم يدخل البلاتوه ويؤدي دوره باقتدار. انا لم اضبط عمي زكي بك رستم يضحك. لقد أدمن حياة الوحدة ولذلك ليس له علاقات اجتماعية ولاتربطه صداقات. عمي عاش للفن واخلص له كما لم يخلص فنان..! زائر المساء في روزاليوسف زائر المساء في روزاليوسف هو الكاتب الروائي إحسان عبدالقدوس الذي تعود أن يكتب قصصه الطويلة اثناء الليل فهو يبدأ من العاشرة مساء حتي الثالثة فجرا ويظل معه «ساعي» تعود علي عادات إحسان. إحسان لايكتب في بيته رغم مكتبه الانيق ولكنه تعود علي مكتب الست فاطمة اليوسف، فهو يكتب عليه طوال سنين رئاسته للتحرير في الليل لاصوت ولاحركة الا صوت إحسان حيث يتكلم مع أبطاله كما كان يفعل الكاتب الايطالي ألبرتو مورافيا!!. برنامج وليس بورتريه! كانت المرة الثالثة التي ألتقي فيها بالمشير أبوغزالة أحد العسكريين العظام في تاريخ مصر. كنت انفرد وحدي كالعادة بالحوار معه، وكانت اللقاءات مثمرة وتشجعه علي الاستزادة. كنت حريصا ان اتواري واترك المشير يضيف معلومات عسكرية في حدود آمنة. هذه المرة الثالثة تغير الموقف وأخبرني مكتب السيد صفوت الشريف إضافة مذيعين معي في الحوار وهما قراء نشرة فقط وهما الاستاذ محمود سلطان والمذيعة الرصينة زينب سويدان وطلب مني توزيع اسئلتي بالتساوي. وادهشني الموقف فسألت «كاهن السياسة» د.علي السمان: ما الحكمة! قال: مطلوب ياابني «برنامج» مش بورتريه شخصي! ومن يفهم لايحزن. نسمة السعيد أمضت المذيعة الشابة نسمة السعيد سنوات طويلة تقدم النشرة الجوية ثم قارئة نشرة حافظت علي قواعد اللغة ثم صارت محاورة في «صباح الخير يامصر»، ثم كالطائر الطليق خرجت من القفص وصارت تغرد في B.B.« العربية تقدم برنامجا لعله من افضل ما يموج في الاخبار. قدمته بثقة وتعطيش الجيم فكان «بتوقيت القاهرة» قدمت نسمة باعتدال حلقات البرنامج وفي رأسها مصريتها وانتماؤه العميق.ذهبت وسافرت وحاورت علي الشواطيء وفي المصانع حتي جمعت حلقة نادرة لذوي الحالات وكانت تعاملهم بذكاء المذيعة وكأنهم أسوياء. نسمة تسأل شخصيات مصرية ربما لاتراها علي شاشة التليفزيون المصري إلا استعراضا انما بحثا عن الحقيقة. تعلمت نسمة في BB« عربي مصداقية الخبر وحرفية الحوار. انا اشاهد بتوقيت القاهرة مساء الخميس لأعرف نمطا من يوميات العاصمة مصاغا بمهنية حتي لوكانت جارحة لذوي الياقات البيضاء لكن هكذا تليفزيون الواقع. الخائفة! لم ألتق بامرأة خائفة في حياتي مثل المذيعة المصرية أماني ناشد. كانت تخاف من سقوط كابل الكهرباء عليها وهي تقدم مادتها وربما يلاحظ الانسان الدقيق سر توترها وحركة تشبيك أصابعها. كانت تخاف علي ابنتها الوحيدة دينا خليل شوقي، فإذا سمعت أن «معدية» غرقت في المنيا، هبت من فوقها: دينا! مع ان دينا لم تغادر القاهرة. كانت تظن ان ضيوفها علي الهواء -في عزيزي المشاهد- الذي كنت اعده لن يأتوا. وهي خائفة كيف سنواجه الموقف. ولست أدري سر هذا الخوف في حياة امرأة ناجحة!! الحضور هناك شخصيات لها حضور لاينطفئ مهما اصابها رذاذ الكلام 1- عمرو موسي، حضوره دائم في كل المناسبات. رجل بتاريخ. 2- حسام بدراوي، حاضر بمقالاته مشتبك مع الحياة. 3- مني مكرم عبيد، حضورها مقترن بارائها السديدة. 4- نبيل لوقا بباوي، حاضر برؤاه تجديد الخطاب الديني المسيحي أيضا. 5- د.زياد بهاء الدين، حضوره قائم وحضور ابيه احمد بهاء الدين. الذي كرمته سفارة الكويت بمرور 60 عاما علي إصدار مجلة العربي. 6- د.صلاح الغزالي حرب، حضوره ككاتب له رأي ينافس حضوره كطبيب له شأن. 7- د.فنيس جودة وزيرة البحث العلمي السابقة حاضرة في مجتمعات المرأة والعلوم. متعها الله بالصحة. 8-د.مفيد شهاب حضوره يدعم خدماته الوطنية، فمصر لاتنسي جهوده في طابا. نبيلة تطلب زياد الطويل سمعت نبيلة لحنا مذهلا موسيقاه لكمال الطويل تغنيه نجاة. علي الفور اتصلت نبيلة صباح اليوم التالي بزياد وقالت له ابوك كان فنانا عظيما ساب تراث لازم تعيد الاستماع له وتحس أد ايه جماليات اللحن. قوم انزل واعرض شغلك ماتفتش. انا حكلم انغام في ابوظبي علشان تعرض عليها لما توصل مصر احلي الكلام واحلي الالحان. محدش حيسأل عن حد الزمان ده. انت موهوب وعملت غنوة لاصالة كان لها شأن. اتحرك يازياد. وبالطبع شكر زياد الطويل النجمة الكبيرة نبيلة عبيد. هذه بعض من اخلاق جيل مضي. يدفع الموهوب إلي قوة إيجابية ليبدع ويطرد الطاقة السلبية. نبيلة ليست مغنية ولكنها فنانة يعذبها قنوط الموهوبين. كلمتين وبس! 1- يرجي التقليل من برامج الغذاء المحمر والمشمر في التليفزيون لاحفظا علي الرشاقة، انما حرصاعلي السلم العام. 2- يرجي إزاحة الستارة عن الوجوه التي تدير الاعلام في بلدي لافضولا شخصيا، إنما حرصا علي الشفافية العامة. 3- بعد حوار الرئيس مع المحافظ يرجي إعادة النظر في اجهزة المتابعة في المحافظات بالمعلومة والرقم والتكلفة لتوضع امام المحافظ فيثبت انه لم يجئ للمنصب مكافأة نهاية الخدمة!