موعد نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    أسامة ربيع: اتفاقية شرم الشيخ نقطة الانطلاق لعودة حركة الملاحة بالقناة    قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا.. ندعم جهود ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا    توروب يعلن قائمة الأهلي المتوجهة إلى المغرب    الهلال يقسو على الشرطة ويواصل الانتصارات في دوري أبطال آسيا    ضبط 998.5 كيلو جرام من مخدر الحشيش بحوزة سيدة بالإسكندرية    محامي ضحايا «سيدز الدولية»: الجريمة ليست فردية بل منظّمة    محمد صبحي: «تعذبت في العلاج وكان قاسيًا»    هاني فرحات يتألق بقيادته الأوركسترا الملكي البريطاني في حفل كامل العدد    الدباغ والجزيرى على رأس قائمة الزمالك لمباراة كايزر تشيفز في كأس الكونفيدرالية الأفريقية    غدا.. غلق المخرج أسفل كوبرى سيدى جابر بالإسكندرية للقادم من شارع المشير    مراسل إكسترا نيوز: ما رأيناه باللجان عكس حرص المواطنين على الإدلاء بأصواتهم    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    رماد بركان إثيوبيا يشل حركة الطيران في الهند ويتمدّد نحو الصين    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    النصر يختار أبو ظبي لمعسكره خلال كأس العرب    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    ملحمة انتخابية علي الحدود الشرقية .. شيوخ وقبائل سيناء يقودون الناخبين لصناديق الاقتراع | صور    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجان العامة للانتخابات فى المنصورة    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    ضبط 15 طن دقيق في حملات تموينية خلال 24 ساعة    ضبط 4 أشخاص يستقطبون الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    بث مباشر| مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لمتابعة انتخابات النواب 2025    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    بالصور.. الطوابير تزين لجان انتخابات مجلس النواب في بورسعيد    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    توافد المواطنين على لجان انتخابات النواب فى مدينة نصر    إزالة 327 حالة تعدٍ على نهر النيل في 3 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علمني الصحافة !
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 12 - 2018

يبدأ الاستاذ محمد التابعي نشر مذكراته في مجلة الجيل ولقد أمضيت سنوات أحاول أن أقنعه بكتابة هذه المذكرات، لكنه كان يخلق الف سبب " وجيه " لتأجيل النشر، ولا اعرف كيف اقتنع، ولا من الذي نجح في إقناعه، ولا من الذي استطاع بمنطقه الساحر ان يحطم الألف عقبة التي وضعها الأستاذ التابعي في طريق النشر، فأنا شخصيا لم اصدق انه اقتنع الا بعد ان أمسكت بيدي الفصل الاول من هذه المذكرات، ولم احاول ان أسأله عن سر اقتناعه خشية ان يتذكر الألف عقبة أو يخلق الف عقبة اخري يثبت بها لنفسه أن الوقت غير مناسب للنشر.
ولقد ألححت في نشر هذه المذكرات لأنني عشت في بعض صفحاتها، وأحسست وأنا أقلب هذه الصفحات في ذاكرتي أنها ثروة صحفية ضخمة يجب ان ننفض عنها التراب، وقلب الاستاذ التابعي ليس خزانة واحدة، إنه عدة خزائن ضخمة، وكثيرا ما نسي مفتاح إحدي الخزائن معي.. وكثيرا ما كان يسترد المفتاح.. وقد فتح الاستاذ التابعي بعض هذه الخزائن لبعض الناس. ولكنه لم يسلم المفاتيح كلها لشخص واحد، فهل يسلمها كلها لقارئ الجيل ؟ وهل يفتح له كل الخزائن ؟
لقد عرفت الاستاذ التابعي من 25 سنة، وأحببته منذ ثلاثين سنة. فقد أمضيت مع مصطفي أمين خمس سنوات نحاول أن نتعرف به. ورغم الكبرياء التي تبدو علي الاستاذ التابعي فإنه عامل أولاد الفراش معاملة كريمة، وسمح لنا بزيارته في مكتبه، ولقد كان مصطفي أمين تلميذ الاستاذ التابعي الاول، وكنت تلميذه الثاني. وكنت أتلقي دروسي بالمراسلة، فقد كان مصطفي يرسل لي كل يوم في انجلترا خطابا بالبريد الجوي بالدروس التي تلقاها من الاستاذ التابعي، وهكذا تعلمت الصحافة كما تعلمت ام كلثوم القراءة والكتابة، فكان شقيقها يذهب إلي الكتاب وكانت هي تنتظره حتي يعود من الكتاب وتسمع منه الدروس التي تلقاها من الشيخ!
والأستاذ التابعي هو الذي اختار لي اسم "السندباد البحري".. وهو الذي أرغمني علي الكتابة، ففي سنة 1930 أرسلت خطابا خاصا من الباخرة إلي مصطفي أمين وقرأ الاستاذ التابعي الخطاب ونشره علي أنه مقال، واضاف إلي نهايته: "سأوافي القراء بمقالي التالي"، ولما وصلت إلي لندن فوجئت بخطابي الخاص منشورا، وفوجئت بأنني سأوافي القراء بمقال ثان!
وحبست نفسي في حجرتي وجلست أكتب مقالي الثاني.. وكان أصعب مقال كتبته في حياتي.. لأنه كان في الواقع أول مقال أكتبه للنشر، وعشت مع الاستاذ محمد التابعي في الخطابات التي كان يكتبها مصطفي أمين كل يوم، ودرست أخلاقه وأسلوبه وثوراته، وكنت أعود في إجازة الصيف كل عام إلي مصر وأعيش في المكتب المجاور لمكتبه.. أحاول أن أخلق الاسباب لأدخل إلي مكتبه بمناسبة وغير مناسبة، وكان يطردني من مكتبه، فهو يكره ان يكتب أمام الناس، وأنا كنت أحب أن أراقبه وهو يكتب.. فهو يمسك قلمه برشاقة الراقص العالمي فريد استر وهو يمسك جنجز روجرز، وهو لا يشطب كلمة في مقال كتبه، وكل سطر في الصفحة يحتوي علي عدد معين من الكلمات، لا يتغير ولا يتبدل، ومكتبه أشبه دائما بحجرة نوم عروس يوم زفافها، كل شيء في مكانه، وكل "دبوس" في موضعه، وكنت أحسده لأن مكتبي أشبه بحجرة نوم العروس بعد الزفاف، لا شيء في موضعه، ولا شيء في مكانه، ولقد عملت بانتظام مع الاستاذ التابعي في " آخر ساعة " بعد حصولي علي بكالوريوس الهندسة عام 1936، فعلمني الصحافة وأنساني الهندسة، وكان صديقا كريما ومدرسا قاسيا، فقد علمني أن أحترم الزمن، وكنت أستهتر به، فجعلني أشبه بعقرب الساعة، لا أتأخر دقيقة ولا أتقدم ثانية، وكسر غرور الشباب الذي كنت أصاب به، وأذكر انه في عام 1937 سافر إلي أوروبا وأمضي سبعة أشهر ترك لي خلالها مسئولية مجلة "آخر ساعة"، ولم يكتب حرفا واحدا للمجلة خلال هذه المدة، وكنت أسهر في مكتبي كل ليلة حتي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل أحاول فيها أن أخرج عددا يثير اعجاب الاستاذ التابعي، ثم اسارع بإرساله له بالبريد الجوي، وعاد الاستاذ التابعي بعد غياب دام سبعة اشهر وتوقعت ان يأخذني بالأحضان.. ويمطرني بالقبلات، واستراح.. لكنه لم يفتح ذراعيه ولم يمد شفتيه.. وأخيرا سألته: هل كانت تصلك اعداد آخر ساعة بانتظام؟.
فقال: نعم.. كانت تصلني بعد 48 ساعة من طبعها.
قلت: وما رأيك فيها ؟
قال: كنت لا افتحها حتي لا أنرفز نفسي !
وعرفت يومها ان بيني وبين العناق والقبلات "مشوار طويل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.