بردية قديمة لرأس الملكة حتشبسوت بين الحين والآخر يثير الغبار في الهواء بعض هواة الشهرة من المتخصصين وغير المتخصصين عن شائعات وآراء ليس لها أساس من الصحة ويطلقون رصاصات طائشة علي من يعملون في هذا المجال، وللأسف ترتد إلي صدورهم وأخيرا ظهر واحد منهم حيث انطفأت عنهم الأضواء وحصل علي منصب جاء إليه بطريق الصدفة البحتة ونشر مقالا يهاجمني. وللأسف فإن هذا الشخص معلوماته عن الآثار ضعيفة جدا لأنه متخصص في اللغة، وقد قررت ألا أرد عليه ولكن وجدت أن الرد واجب ولكن لن أذكر اسمه. وأعتقد أن هذا الشخص لا يعرف شيئًا عن فلسفة المقالات التي تُكتب في الصحف للعامة؛ وهي أنني لا أكتب مقالاً علميًا حتي يمكن الرد عليه بمقال آخر، ولكني في مقالاتي في الصحف أقوم بتبسيط المعلومة كي تدخل قلب القارئ بسهولة ويسر. وهناك قصص كتبها العلماء من خيالهم عن كليوباترا ومارك أنتوني ويوليوس قيصر. وهناك كريستيان جاك عالم المصريات الفرنسي الذي حصل علي أعلي الشهادات العلمية وأراد أن يبسط المعلومة الأثرية الجافة، فكتب قصصًا مستندة علي أدلة عن حياة حتشبسوت وغيرها؛ ولذلك لابد أن نعرف الهدف من الكتابة لغير المتخصصين؛ ولذلك عندما أسبح بالخيال وأتصور أن هناك علاقة بين حتشبسوت وسننموت، فإنني أكتب بناء علي اتفاق أغلب العلماء علي ذلك، بل سرح الخيال بالبعض وأعتقد أن الجرافيتي الموجود بمنطقة معبد الدير البحري،والذي رسمه العمال، يشير إلي وجود علاقة جنسية بين الملكة حتشبسوت والمهندس سننموت. واعترض علي ذلك العديد من العلماء، وأنا منهم. لكن هل هذا الشخص الذي كتب المقال بجريدة »الأخبار» ردًا علي مقالي عن حتشبسوت لا يدرك طبيعة الخيال عندما تصورت أن الملكة حتشبسوت كانت تقابل سننموت علي البحيرة.وأقول إن أي طالب بالسنة الأولي في كليات وأقسام الآثار، سوف يعرف عندما يقرأ مقالي أن هذا تصور شخصي مني. وفي واقع الأمر، فإنني قد كتبته عندما طلبت مني الفنانة إلهام شاهين أن أكتب لها قصة حتشبسوت كي تمثلها للسينما. ومن المعروف أنه إذا كتب المرء منا للسينما، فلابد أن يحول التاريخ إلي دراما، وبالتالي لا يسأل الكاتب عن المعلومات المكتوبة. وعندما أراجع فيلمًا سينمائيًا عن الفراعنة، أقول يجب علي المخرج أن يكتب في مقدمة الفيلم أن هذه القصة من وحي خيال الكاتب. أما المعلومات التي كتبها الأثري الكبير فهي معلومات بدائية جدًا أو ألف باء في الآثار. وإذا كان يكتب هذا الكلام ليقلل من قدري العلمي، فهو يعرف جيدًا أن عدد مقالاتي العلمية والمنشورة في الدوريات المتخصصة والمُحكمة تصل إلي المئات، بالإضافة إلي كتبي العلمية، وكتب أخري للعامة، والتي تحقق أكبر المبيعات في عالم النشر والكتب. وإذا كان يكتب هذا المقال للاستعراض الشخصي،فللأسف أن ما كتبه يدل علي أن الكاتب ما يزال في البداية جدًا،ويحاول أن يكتب في المصريات بعيدًا عن اللغة المصرية القديمة التي تخصص فيها، وإذا كان يقرأ هذا فهو يعرف أنني منذ حوالي 20 عامًا نشرت كتابا عن المرأة الفرعونية ونشر بحوالي ست لغات باسم »صور صامتة..المرأة في مصر القديمة»، وتم ترجمته إلي اللغة العربية تحت اسم »سيدة العالم القديم». وأقول: هل هذا الشخص يبحث عن دور؟ ولذلك فإنني أتساءل ما الهدف من كتابة هذا الشخص لهذا المقال؟ وهل هي محاولة منه لإثبات حق علمي أم محاولة منه كي يجرحني علميًا؟ وهو يعرف ما لديّ من معلومات أخري لو كتبتها، فسوف تتداول بين العلماء وغير العلماء، وهي معلومات تدل علي عدم الدراية الأثرية عنده. وإذا كنت قد أخطأت في اسم أم الملك تحتمس الثاني فهذا خطأ غير مقصود لأنني لم أكتب المقال وأمامي مراجع وأي إنسان معرض للخطأ. وقد أقول أنني لم أنشر اسمه خوفا من كشفه أمام زملائه وخاصة وهو قد تقدم لدرجة عميد الكلية رغم أنه كان وزيرا. لقد وافقت الملكة حتشبسوت أن يتحد اسمها مع سننموت فوق أحجار الأساسات الخاصة بمقصورة الربة حتحور بالدير البحري..وهذا هو المعني الذي جعل بعض العلماء يعتقدون في وجود علاقة خاصة بين الملكة حتشبسوت والمهندس سننموت... قصة حتشبسوت وسننموت حوار ممتد وجدل لا ينتهي.