هدى برگات بهدوء غير مسبوق انتهت الأسبوع الماضي المهلة المحددة للناشرين لإرسال الأعمال التي يرشحونها للمنافسة علي الجائزة العالمية للرواية العربية »البوكر«. هدوء لم نعتده مع الجائزة التي عودتنا علي الجدل، لكن سخونة الأحداث في مصر ربما لم تكن لتدع الفرصة للالتفات إلي أي شيء غير السياسة، كما أن الجائزة نفسها تواجه مشاكل في تمويلها أشيع أنها قد تهددها بالتوقف، لكن إدارة الجائزة نفت الأمر وأكدت عبر مؤتمر صحفي مع الفائز بدورة العام الماضي اللبناني ربيع جابر أنها مستمرة في أبوظبي لكنها بصدد تغيير مصادر تمويلها، لكنها حتي الآن لم تعلن عن المصادر الجديدة ولازال موقع الجائزة يعلن عن الأسماء نفسها:مؤسسة جائزة البوكر»البريطانية«، ومؤسسة الإمارات، الاتحاد للطيران، ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب. بالرغم من سخونة الأحداث السياسية فقد شهدت الساحة الثقافية نشاطا ملحوظا، وصدرت مجموعة كبيرة من الأعمال الإبداعية الجيدة، التي تستحق المنافسة علي جائزة بهذا القدر، صدرت أيضا مجموعة كبيرة من الروايات التي اتخذت من الثورات موضوعا أساسيا، لكن الملاحظ أن معظم ترشيحات الناشرين ابتعدت عن تلك الأعمال، باستثناءات بسيطة. البداية مع الشروق صاحبة جائزة عام 2009، الشروق ترشح هذا العام أيضا صاحب الجائزة يوسف زيدان بروايته الجديدة »محال« وكان زيدان قد أثار عاصفة من الجدل مع إعلان فوز روايته »عزازيل« جدل تركز حول الرواية الفائزة وكاتبها أيضا، لأنها دخلت في المحظور وخاض كاتبها المسلم في التاريخ المسيحي مغيرا ومعدلا ومتهما في بعض الأحيان، وهو مالم تقبله الكنيسة بمجرد صدور الرواية، ودخل معه بعض القساوسة في سجال عنيف حول أفكار الرواية ولم يتقبلوا فكرة العمل الفني واعتبروه مجرد مروج لأفكار ضد المسيحية بشكل مباشر! الشروق رشحت أيضا »باب الخروج« لعز الدين شكري، الذي وصل مرتين للقائمة القصيرة للجائزة بروايتيه »غرفة العناية المركزة«، و»عناق عند جسر بروكلين«. رواية شكري الأخيرة صدرت منذ أيام وكان قد نشرها مسلسلة في جريدة التحرير. أما الترشيح الثالث فكان من نصيب الروائي محمد المنسي قنديل وروايته »أنا عشقت«. دار العين تدخل المنافسة بكاتب مصري وحيد هو طارق إمام حيث رشحت فاطمة البودي روايته الأخيرة »الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس« أما الروايتان الاخرتان فهما »حياة باسلة« للعراقي حسن النواب و»سلالم النهار« للكويتية فوزية الشويش سالم. أما »ميريت« فرشحت »بيت النار« أحدث روايات محمود الورداني،التي تقدم زمنا يمتد من الخمسينيات حتي الثمانينيات مستتبعا الحالة الاجتماعية لمصر في ذلك التوقيت الممتد، و»ناصية باتا« لحسن عبدالموجود، ويتتبع فيها نشاط الجماعات الاسلامية في الصعيد، و»لم أعد آكل المارون جلاسيه« لعادل أسعد الميري. »المصرية اللبنانية« تدخل السباق بحصانها الرابح ناصر عراق الذي وصلت روايته »العاطل« للقائمة القصيرة في دورة العام الماضي، ويدخل هذا العام برواية «تاج الهدهد» التي تتناول عالم الصحافة والتي صدرت منذ أيام، الدار ترشح أيضا »آدم المصري« لهشام الخشن. »عام التنين« الرواية الثانية للكاتب محمد ربيع تخوض المنافسة أيضا بعد أن رشحتها كرم يوسف صاحبة »كتب خان«. رواية ربيع التي صدرت منذ أيام تقدم عالماً من الفانتازيا السياسية التي لا تختلف كثيراً عن الواقع كما عهدناه خلال الستين عاما الماضية، مستندا علي وقائع وأماكن وأحياناً شخصيات حقيقية. »آفاق« لن تشارك في دورة هذا العام لأنها لم تصدر أي روايات جديدة خلال العام الماضي، فقط أصدرت مجموعة من الروايات والدواوين المترجمة. أما حسن سليمان مدير »شرقيات« فقد أصدر مجموعة من الروايات خلال الفترة الماضية، لكنه ورغم ذلك رشح روايتين فقط رفض الإفصاح عنهما لكن بالتأكيد ستكون »أكابيللا« لمي التلمساني أحداهما. روايتان أيضا رشحتهما روافد هما »رجوع الشيخ« لمحمد عبد النبي، و»مقام الرمال« لأسامة صفار. أما دار رؤية فرشحت »الحديقة الأندلسية« لمحمد التاج، و»النفير« لوجيه عبد الرحمن، و»الجونقو مسامير الأرض« لعبدالعزيز بركة ساكن. ومن دور النشر العربية قالت رانية المعلم مديرة تحرير دار الساقي أنها رشحت »حرمة« لعلي المقري، و»القندس« لمحمد حسن علوان، و»علي الأميركاني« لهالة كوثراني، ولأن إدارة الجائزة تسمح للدار التي دخلت إحدي رواياتها في القائمة القصيرة لدورة سابقة بترشيح رواية رابعة فقد رشحت الساقي »لوعة الغاوية« لعبده خال الذي سبق له الفوز بالجائزة. ومن المؤكد أن دار الآداب ستشارك برواية هدي بركات الجديدة »ملكوت هذه الأرض« وهي رواية ملحمية تتناول سيرة بلدة تسكنها مجموعة من طائفة الموارنة في فترة زمنية تمتد من الحرب العالمية الثانية وحتي بدايات الحرب الأهلية اللبنانية. في حين أصر خالد المعالي مدير منشورات الجمل علي سرية الترشيحات ورفض الإفصاح عن الروايات التي رشحها. بقي أن نقول أن مجلس الأمناء يقوم سنوياً بتعيين لجنة تحكيم تتألف من خمسة أشخاص وهم نقّاد وروائيون وأكاديميون من العالم العربي وخارجه. يقدّم الناشرون الروايات المتوفّرة لديهم والتي تمّ نشرها خلال العام السابق. يقرأ أعضاء لجنة التحكيم كل الروايات المرشّحة وقد يزيد عددها علي مئة رواية، ويقررون بالتوافق قائمة مرشحين طويلة وقائمة قصيرة وفائزا. من أجل ضمان نزاهة الجائزة التامة لا تُكشف هويات أعضاء لجنة التحكيم حتي موعد الإعلان عن القائمة النهائية. الكتاب الستة الواصلون إلي القائمة القصيرة يحصلون علي مكافأة مالية قدرها 10 آلاف دولار، إضافة إلي 50 ألف دولار أخري تكون من نصيب الفائز. إضافة إلي أن الرواية الفائزة يتم ترجمتها إلي اللغة الإنجليزية. يذكر أن الجائزة أطلقت في أبوظبي، أبريل عام 2007، بالإمارات بدعم من مؤسسة جائزة »بوكر« البريطانية، وتمويل مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي، وفاز بها في دورتها الأولي 2008 الروائي بهاء طاهر عن روايته »واحة الغروب«، ويوسف زيدان عن روايته »عزازيل« في دورتها الثانية 2009، وفي دورتها الثالثة فاز السعودي عبده خال عن روايته»ترمي بشرر« عام 2010، فيما فاز بها مناصفة كل من المغربي محمد الأشعري عن روايته »القوس والفراشة«، والسعودية رجاء عالم عن روايتها »طوق الحمام« في دورة 2011 أما الدورة الأخيرة فكانت من نصيب اللبناني ربيع جابر وروايته »دروز بلغراد«.