عيار 21 ينخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024 بالصاغة    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    ارتفاع جديد.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024 في البورصة والأسواق    ملف يلا كورة.. حالة مصابي الأهلي من مواجهة الترجي.. موقف دونجا.. وتصريحات حسام حسن    مدير منتخب مصر يتحدث عن.. تحريف تصريحات حسام حسن.. الشناوي رقم 1 في مصر.. وموقف مرموش    الشناوي يرفض تجديد عقده مع الأهلي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    أكرم عبدالمجيد: مباراة نهضة بركان في القاهرة صعبة ويجب تجهيز لاعبي الزمالك نفسيًا    «بعتنا لمحمد صلاح».. إبراهيم حسن يكشف موقف مرموش الأخير من منتخب مصر    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    في أول ظهور.. شقيقة ضحية «أوبر» تكشف ل«المصري اليوم» تفاصيل واقعة التعدي: «الحادث مدبر»    سلوى محمد علي داعمة القضية الفلسطينية: «العالم يتضامن مع غزة» (فيديو)    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    الأمم المتحدة: مقتل أول موظف دولي أممي في غزة    ضابط استخبارات أمريكي يستقيل بسبب حرب غزة    مرصد الأزهر يحذّر من عودة تنظيم داعش الإرهابي في موزمبيق    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    فريدة سيف النصر تكشف كواليس تعرضها للإهانة من والدها بسبب بدلة رقص    إلغاء شهادات ال 27% و23.5%.. ما حقيقة الأمر؟    بينهم أطفال.. سقوط 14 شهيدا في مجزرة مخيم النصيرات وسط غزة    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    جائزة الوداع.. مبابي أفضل لاعب في الدوري الفرنسي    زيادة جديدة في أسعار بيبسي كولا وهذا موعد التطبيق    لجان البرلمان تناقش موازنة وزارتي الزراعة والتعليم العالي وهيئات الطرق اليوم    عاجل - "احذروا واحترسوا".. بيان مهم وتفاصيل جديدة بشأن حالة الطقس اليوم في محافظات مصر    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    القصة الكاملة لهتك عرض الطفلة لمار وقتلها على يد والدها بالشرقية    إبراهيم عيسى: مشكلتي مع العقل المصري الهش أنه عابر للطبقات.. التعليم السبب    أحمد موسى: مشروع مستقبل مصر سيحقق الاكتفاء الذاتي من السكر    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    «اتحاد الصناعات» يزف بشرى سارة عن نواقص الأدوية    احذر.. هذا النوع من الشاي يسبب تآكل الأسنان    رئيس شعبة الأدوية: هناك طلبات بتحريك أسعار 1000 نوع دواء    رئيس شعبة الأدوية: «احنا بنخسر.. والإنتاج قل لهذا السبب»    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024| إنفوجراف    فريدة سيف النصر تنفي عدم التزامها.. وتؤكد تواجدها لآخر يوم تصوير بمسلسل العتاولة    منال سلامة في "الجيم" ونجلاء بدر ب"الجونة".. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| حمو بيكا يهاجم الصحفيين وأسباب فشل الصلح بين شيرين و"روتانا"    الخميس.. تقديم أعمال محمد عبدالوهاب ووردة على مسرح أوبرا دمنهور    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الجيش الإسرائيلي: إصابة 11 جنديا و3 موظفين بقطاع غزة و4 جنود آخرين في الشمال    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية منذ نشأته يتعرض لحملة من الأكاذيب    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    دبلوماسي سابق: إسرائيل وضعت بايدن في مأزق.. وترامب انتهازي بلا مبادئ    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    فطائر المقلاة الاقتصادية.. أصنعيها بمكونات سهلة وبسيطة بالمنزل    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخبار تقرأ وثائق النقراشي باشا مع حفيدته الدكتورة هدي شامل
نشر في أخبار الأدب يوم 01 - 08 - 2018


د. هدي شامل فى حوارها مع »الأخبار«
ننشر خطاب مؤسس الإخوان للملك وتقارير لقائه بوكيل الداخلية قبل حل الجماعة بساعات
• البنا ذهب باكياً للنقراشي وقال: »سنترك السياسة وأعتكف في بيتي»‬ ثم قتلوه بعد عشرين يوما
البنا احتقر المصريين ووصف الإخوان بأنهم »‬أطهر الناس علي وجه الأرض»
برأ فاروق من نكبة فلسطين وأعلن ولاءه وإخلاصه التام للقصر
قال: الخروج علي الأمن جنون.. وضحايا الاغتيالات كانوا أصدقائي
حفيدة النقراشي : حسن البنا قتل جدي بأوامر من الإنجليز
بيان »‬ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» كذب.. والنقراشي طلب من البنا أسماء المتورطين في أعمال العنف لكنه رفض
مؤسس الجماعة مهدداً بالفوضي: »‬إذا تم الحل فالنتائج غير معروفة»
السابع من ديسمبر عام 1948 ذهب حسن البنا مرشد الإخوان إلي وزارة الداخلية طالبا لقاء النقراشي باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية وقتها..كان البنا مرتبكاً حزيناً يبكي بكاء مريرا ترجي وكيل الداخلية عبد الرحمن بك عمار أن يسمح له بالدخول إلي النقراشي باشا.. فقد علم البنا أن قرارا بحل الجماعة قد صدر وان الحكومة علي وشك الإعلان عنه لكن اللقاء بين النقراشي والبنا لم يتم..في صبيحة اليوم التالي مباشرة صدر قرار حل جماعة الإخوان المسلمين وتفكيك شُعبها.. فقررت الجماعة أن تنتقم ولم يمر سوي عشرين يوماً فقط حتي قامت الجماعة باغتيال النقراشي باشا علي يد عبد المجيد أحمد حسن عضو التنظيم الخاص للجماعة..مابين قرار الحل وما سبقه من أحداث متلاحقة ومتسارعة وحتي اغتيال النقراشي دار حواري مع الدكتورة هدي شامل حفيدة النقراشي.. حوار دعمته الدكتورة هدي بوثائق تاريخية كثيرة خاصة بالنقراشي..
وصلنا إلي منزل د. هدي شامل حفيدة النقراشي باشا وجدناها غارقة في مئات الوثائق التاريخية الخاصة بجدها.. ليست مجرد أوراق لكنها تدوين ورصد دقيق لأحداث فترة مهمة للغاية من تاريخ مصر معظم تلك الوثائق يتعلق بمفاوضات جلاء انجلترا عن مصر في النصف الثاني من الأربعينيات وتطل منها شواهد لمقاومة سلمية عنيفة من المفاوض المصري ضد المحتل الإنجليزي فضلا عن خطابات شخصية يرسلها النقراشي باشا إلي بناته لكنها لم تخل أيضاً من السياسة.. تفاصيل كثيرة وتاريخ يجهله كثيرون منا.. كان الغوص فيه امراً صعبا رغم جاذبية تلك الوثائق.. قلبنا كثيرا فيها.. استمعت لشرح حماسي ومنطقي أيضاً من د. هدي لكثير من الوثائق التي تظهر وطنية النقراشي باشا وكيف ظلمه ومعه آخرون من كتبوا التاريخ بعد ثورة 1952 وسبقهم لذلك الإخوان المسلمون قتلا للرجل ثم نهشا وتزييفا وتشويها في تاريخه.. لاحظت اهتماما خاصا من د. هدي بوثائق الإخوان فهي موجودة في حافظة خاصة بعيدة عن كل الوثائق. إذن فلنتوقف لقراءتها. هكذا اتفقت مع د. هدي.. طلبت مني الاطلاع علي تلك الوثائق قبل أن نتناقش فيها.. أخذت الملف وبدأت في تقليب أوراقه سريعا.. توقفت كثيرا عند خطاب من مرشد الإخوان حسن البنا إلي الملك يحرض فيه علي النقراشي باشا ثم وثيقة للقاء البنا بوكيل وزارة الداخلية والتي وصفت حالته بأنه يبكي بكاء مريرا ويمدح النقراشي بمبالغة شديدة راجيا إياه أن يوقف قرار حل جماعة الإخوان.. بحثت في تاريخ الوثيقتين فوجدت الفاصل الزمني بين خطاب تحريض البنا علي النقراشي وبين مدحه وتفخيمه وتعظيمه في لقاء وكيل وزارة الداخلية ثلاثة أيام فقط.. . نقلت ملاحظتي للدكتورة هدي سألتها كيف يحرض البنا الملك علي النقراشي ويطلب إعفاءه من الوزارة ثم يعود بعد ثلاثة أيام يتملقه وينافقه ؟.. بسرعة شديدة أجابتني قائلة هكذا هو البنا ومنهجه وتفكيره الممتد في عقول أتباعه حتي الآن.. فعندما أرسل خطابا للملك فاروق يهاجم فيه النقراشي باشا ويطلب إعفاءه من الوزارة ويحرض الملك عليه لم يتوقع أبداً أن هذا الخطاب سيصل إلي النقراشي باشا.. لذلك فقد ذهب مطمئنا بخطة خداع أخري يحاول فيها أن يتملق النقراشي باشا وان يعبر كذبا عن حبه له وإعجابه بنزاهته. وقتها لم يكن يعرف أن خطابه التحريضي للملك قد وصل إلي النقراشي باشا.. وتواصل د. هدي حديثها قائلة هكذا هم الإخوان محترفون في الكذب والتضليل والخداع ويصور لهم غباؤهم أنهم أذكي من الآخرين.
نفاق
استأذنت د. هدي في إعادة قراءة الوثائق مرة أخري بدأت بخطاب حسن البنا إلي الملك.. لفت انتباهي أن الخطاب يحمل تملقا ونفاقا فجا للملك وولاء تاما له فيبدأ البنا خطابه قائلا:
»‬حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول ملك وادي النيل حفظه الله.. .. .. ..
أحيي سدة جلالتكم المجيدة بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشفوعة بأصدق آيات الإخلاص واخلص معاني الولاء»
ثم يبرئ البنا الملك فاروق من هزيمة حرب فلسطين ويحملها كاملة للنقراشي باشا فيقول في خطابه:
»‬يا صاحب الجلالة لقد حرمنا ثمرات جهادنا في فلسطين أو كدنا لا لضعف في جيشنا أو تخاذل في شعبنا أو نقص في عددنا أو جهل بواجبنا ولكن لتحكم السياسة المترددة في الحرب الصارمة وتدخل رئيس الحكومة في شئون القتال وتردده في مواجهة المواقف بما تقتضيه».
وتفسر د. هدي هجوم البنا علي النقراشي وتملقه للملك بأنها كانت محاولة يائسة من البنا للتخلص من النقراشي باشا بعد أن علم انه اخذ قرارا بحل جماعة الإخوان بسبب العمليات الإرهابية التي قامت بها في تلك الفترة والتي كانت تخطط لها فهذا الخطاب سبق الحل بثلاثة أيام فقط.. لذلك والكلام علي لسان د. هدي فقد ترك كل أسباب الهزيمة في فلسطين واكتفي فقط بتحميل مسئوليتها للنقراشي باشا.
تحريض
ولان البنا لم يفطن إلي أن خطابه إلي الملك سيقع بين يدي النقراشي باشا فقد واصل تحريضه سرا علي النقراشي باشا فألمح له انه لا يصلح لمنصبه فيقول في خطابه »‬العالم كله الآن يا صاحب الجلالة تغلي مراجله بالأحداث الجسام ويبدو في آفاقه كل يوم شأن جديد لا يقوي أبدا دولة النقراشي باشا علي أن يضطلع بأعباء التصرف فيه بما يحفظ كرامة مصر.. والنزاهة وطهارة اليد لا تكفي وحدها لمواجهة هذه الغمرات المتلاحقة من أحداث الزمن ومضلات الفتن».. ومن خلال القراءة يتكشف وبوضوح لا يحتاج إلي تفسير الهدف الرئيسي من تحريض البنا علي النقراشي في الخطاب فالمسألة عنده لا علاقة لها بالوطن أو بفلسطين أو غيرهما لكن حقيقة الأمر هو الجماعة فقط لا شيء سواها ويعلن البنا عن نواياه صراحة في الخطاب قائلا:
»‬وفي وسط هذه اللجة من الحوادث الجسيمة يعلن دولة النقراشي باشا الحرب السافرة الجائرة علي الإخوان المسلمين فيحل بالأمر العسكري بعض شعبهم»
ويعتقل بهذه السلطة نفسها بدون اتهام أو تحقيق سكرتيرهم العام وبعض أعضاء هيئتهم ويأمر الوزارات والمصالح المختلفة بتشريد الموظفين الذين يتصلون بالهيئة ولو بالاشتراك في أقسام البر والخدمة الاجتماعية إلي الأماكن النائية والمهاوي السحيقة ولكن صدور هذه التنقلات في هذه الصورة القاسية تحمل معني الانتقام والاتهام تجرح الصدور وتثير النفوس وتسيء إليهم في نظر رؤسائهم ومرؤوسيهم ويصدر الرقيب العام أمرا بتعطيل جريدتهم اليومية إلي اجل غير مسمي ويتردد علي الأفواه والشفاه قرار حل الهيئة ووعيد الحكومة لكل من اتصل بها بالويل والثبور وعظائم الأمور».
تضليل
ثم يضع البنا مبدأ الخداع والتنصل من الجرائم والذي اتبعته الجماعة بعد ذلك إلي اليوم فيدعي انه لا علاقة لهم بجرائم العنف والتفجيرات والاغتيالات التي حدثت رغم ثبوت تورطهم بها.. يقول البنا في وثيقة خطابه للملك:
»‬وأخيراً يحاول دولة رئيس الحكومة أن يلصق بالإخوان تهمة الحوادث الأخيرة ويلقي عليهم تبعات حادث مصرع حكمدار العاصمة الذي كان المركز العام للإخوان المسلمين أول من أسف له وتألم منه إذ كان رحمه الله معروفا بعطفه علي حركتهم ودفاعه عن هيئتهم ومواقفه الطيبة في ساعة المحن».
وكما يفعل الإخوان الآن فقد فعل مرشدهم من قبل فبادر باتهام الداخلية والنيابة العامة وكل الجهات بتلفيق اتهامات لأعضاء الجماعة فيقول:
»‬ويحاول دولة رئيس الحكومة أن يتذرع بهذه الحرب الشعواء لتحقيقات لم ينته أمرها بعد ولم يعرف البريء من المتهم إلي الآن وان كانت وزارة الداخلية في بلاغاتها الرسمية قد خالفت امر النيابة وسبقت كلمة القضاء وأعلنت علي رؤوس الأشهاد اتهام الأبرياء».
وهم
ثم يرسي البنا وهما عظيما في عقول أتباعه بأنهم الأطهر والأنقي وأنهم ليسوا مثل بقية المصريين أو المسلمين بل هم الصفوة الأخيار الذين يقتربون من مرتبة الأنبياء، وهو الوهم الذي يعيشه الإخوان حتي الآن ويتملك عقولهم وجعلهم يعتقدون أنهم فوق الجميع وأنهم منزهون عن الخطأ، وان ارتكبوه فلا حساب لهم ولا عقاب لأنهم فوق البشر.. يقول البنا في خطابه إلي الملك:
»‬.. يا صاحب الجلالة اسمح أن أتجرأ في هذا المقام الكريم
فأقول أن هذه المجموعة من الإخوان المسلمين في وادي النيل هي اطهر مجموعة علي ظهر الأرض نقاء سريرة وحسن سيرة وإخلاصاً للوطن والجالس علي العرش».. وكما تفعل الجماعة الآن فقد فعل مرشدهم في السابق. فالبنا يهدد الملك بالفوضي إذا تم حل الجماعة فيقول.
»‬وان تحطيم دعوتهم والقضاء عليهم وهو ما تستطيعه الحكومة.. فان نتائج هذا الموقف في مثل هذه الظروف غير مضمونة ولا معروفة».
ثم يبلغ نفاق البنا للملك منتهاه ويقترب من أن يصفه بالإله فيقول في محاول يائسة لتملق الملك كي يقيل النقراشي ويتوقف قرار حل الجماعة:
»‬يا صاحب الجلالة أن الإخوان المسلمين يلوذون بعرشكم وهو خير ملاذ ويعوذون بعطفكم وهو أفضل معاذ ملتمسين أن تتفضلوا جلالتكم بتوجيه الحكومة إلي نهج الصواب أو بإعفائها من أعباء الحكم ليقوم بها من هو أجدر بحملها».
ثم يمهر خطابه إلي الملك بالمخلص حسن البنا المرشد للإخوان المسلمين.
خداع
انتهيت مع د. هدي شامل من قراءة خطاب البنا للملك ثم بدأنا في قراءة وثيقة تتضمن تقرير عبد الرحمن بك عمار وكيل الداخلية عن لقائه بحسن البنا ليلة حل الجماعة في مقر وزارة الداخلية.. وكان اللافت هو إعادة تأكيد د. هدي علي أن الفرق الزمني بين خطاب البنا للملك ولقائه بعبد الرحمن عمار كان ثلاثة أيام فقط.
وفي هذا التقرير يصف عبد الرحمن عمار حالة البنا بأنه جاء باكيا بكاء مريرا وأعلن انه سيفعل أي شيء يطلب منه مقابل ألا يتم حل الجماعة وانه لن يشتغل بالسياسة نهائيا بل سيعتزل ويعتكف في بيته وانه يحب النقراشي ويدين له بالولاء والإخلاص.
يقول التقرير:
»‬حضر الليلة الشيخ حسن البنا إلي ديوان وزارة الداخلية وطلب مقابلتنا بحجة الإفضاء إلينا بأمور هامة يرغب في إبلاغها فورا إلي حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء لما قابلناه حدثنا بأنه قد علم بأن الحكومة قد أصدرت قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين أو هي في سبيل إصدار هذا القرار وانه يريد أن ينهي إلي دولة رئيس الوزراء بأنه قد عول نهائيا علي ترك الاشتغال بالشئون السياسية وقصر نشاط الجماعة علي الأمور الدينية.. . وانه يود من كل قلبه التعاون مع دولة الرئيس تعاونا وثيقا مؤيدا للحكومة في كل الأمور كما أعرب عن أسفه لكل ما وقع من جرائم ارتكبها أشخاص يري أنهم اندسوا علي الإخوان المسلمين وراح يترحم علي سليم زكي باشا قائلا انه كان صديقا حميما وكان بينهم تعاونا وثيقا ثم تكلم مادحا دولة النقراشي باشا قائلا انه كان علي يقين من نزاهته وحرصه علي خدمة وطنه وعدالته في كل الأمور.. .. ثم قال انه إذا قدر الامر إلي الحكومة فيما اعتزمته في حل الجماعة فانه يؤكد انه ورجاله سوف لا تبدر منهم بادرة تعكر صفو الأمن إذ لا يقدم علي مثل هذا العمل إلا مجنون. كما أكد أن الحكومة لو تعاونت معه لضمنت للبلاد أمناً شاملا.. وختم حديثه بقوله انه علي استعداد للعودة بجماعة الإخوان المسلمين إلي قواعدها بعيدا عن السياسة والأحزاب متوفرا علي خدمة الدين ونشر تعاليمه، بل انه يتمني لو استطاع أن يعتكف في بيته ويقرأ ويؤلف مؤثرا حياة العزلة ثم جعل يبكي بكاء شديدا».
اغتيال
تعلق د. هدي علي ما جاء بالخطاب مؤكدة أنها كانت محاولة من البنا للخداع ورغبة في وقف قرار الحل وأن وعده باعتزال السياسة لم يكن سوي خطوة تكتيكية مكشوفة للجميع.. وتضيف المشكلة الأساسية التي يعاني منها الإخوان أنهم يعتقدون أنهم أذكي من غيرهم فكان يظن انه يمكنه إقناعهم كذبا بأنه سيعتزل السياسة.. وهذا لم يكن ليحدث لان هدف الإخوان منذ نشأتهم هو السلطة فقط وبأي وسيلة .. واكبر دليل علي رغبة البنا في الكذب والخداع انه قال كما جاء التقرير انه إذا قامت الحكومة بحل الجماعة فلن يقوم أعضاؤها بما يعكر صفو الأمن وبعد هذا التقرير بعشرين يوما فقط قام الإخوان باغتيال النقراشي باشا الذي اصدر قرار الحل وبأمر مباشر من البنا، بل الأكثر من ذلك أنهم اغتالوا عبد الرحمن عمار نفسه كاتب هذا التقرير والذي إلتقاه البنا.
اسأل د. هدي شامل.. البنا قال أن من قام بالتفجيرات اندسوا علي الإخوان وبعد مقتل النقراشي باشا اصدر بيانه الشهير الذي يتبرأ فيه من القتلة، وقال: »‬ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين».. هل البنا برئ من قتل النقراشي؟
- بالطبع لا.. البنا لا يمكن أن يكون بريئا من دم النقراشي.. البنا هو من أعطي الأوامر مباشرة لقتل النقراشي ولا اعتقد أن يعمل النظام الخاص المسئول عن الاغتيالات في الجماعة دون إرادة البنا ورغبته وتعليماته، وكما رأيت وثيقة خطاب البنا الذي يحرض فيه الملك علي النقراشي ويتمني إقالته حتي لا يصدر قرار الحل، ثم محاولته مقابلة النقراشي باشا ليلة صدور قرار الحل، واذكر واقعة ثالثة في هذا السياق حيث ذهب البنا إلي جدي لوالدي الدسوقي باشا أباظة وكان وقتها وزيرا في الحكومة واستعطفه البنا ليتدخل لدي النقراشي لوقف الحل وقال انه علي استعداد لتقديم تنازلات كبيرة للغاية، وعندما ابلغ جدي الدسوقي باشا النقراشي بكلام البنا رد النقراشي إذا كان البنا جادا يعطينا أسماء المتورطين في العمليات الإرهابية التي حدثت وقتها لكنه رفض.. إذن بيان ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين كان مجرد ستار للخداع والتلاعب.. واذكر أنني شاهدت جمال البنا شقيق حسن البنا في قناة الجزيرة عندما سأله المذيع عن اغتيال النقراشي بدا غاضبا، وقال: »‬هو من بدأ وحل الجماعة والبادئ اظلم».. في إشارة إلي انه يستحق القتل.. واعتقد أن جمال البنا كان يدعي الاعتدال وهو جزء من الإخوان لكنها لعبة توزيع الأدوار للتغطية علي قناعاته العميقة الداعمة للاخوان..
الإخوان يعتبرون أن قتل النقراشي عمل فدائي لأنه حسب اعتقادهم ضرب »‬الفئة المسلمة» التي تقاوم اليهود في فلسطين وانه احد أسباب هزائم 48.. ما ردك علي ذلك؟
- النقراشي كان يري أن مصر ليست مستعدة للحرب في تلك الفترة ولا يريد أن يشغل الجيش المصري أثناء المفاوضات مع الانجليز كان يفضل أن تبدو مصر قادرة علي الدفاع عن نفسها بجيشها والحقيقة أن الحكومة شجعت دعم فلسطين بفرق غير نظامية واستغل الإخوان ذلك فتدربوا وحصلوا علي أسلحة لكن الحقيقة أنهم اغتالوا النقراشي ليس لموقفه من حرب فلسطين ولكن لأنه تصدي لعملياتهم الإرهابية ورغبتهم في نشر الفوضي من خلال التفجيرات والاغتيالات.
تزييف
لكنهم قالوا أيضاً أن النقراشي كان مقربا من الانجليز؟
- ليس الإخوان فقط من زعموا ذلك حتي بعد ثورة 1952 طمست أجزاء كبيرة من التاريخ وتم اعتبار ما قبل 1952 عهدا بائدا.. وكنت وقتها بالمدرسة واذكر أن التركيز في الدراسة كان فقط علي ثورة 52ورجالها وعلي الزعيم احمد عرابي.. والحقيقة أننا هنا أمام سؤال هام ويحتاج إلي تفكير ودراسات عميقة وهو من يكتب تاريخ مصر ومن يشوهه.. علي سبيل المثال لم يكن النقراشي باشا محبا للانجليز ولم يكن الانجليز يحبونه.. وقالت الوثائق البريطانية: »‬أن النقراشي باشا يخفي خلف ابتسامته كرها شديدا للانجليز».. كما انه يشارك في ثورة 1919 وكان من الوفديين وطالب في الأمم المتحدة بجلاء الانجليز عن مصر.. لكن الإخوان وكتاب ما بعد الثورة زيفوا الكثير من الحقائق وتركوا تاريخ النقراشي وركزوا فقط علي أسطورة فتح كوبري عباس علي الطلبة أثناء مظاهرتهم ضد الإنجليز عام 1946.
وهل واقعة فتح كوبري عباس علي الطلبة المتظاهرين أسطورة؟
- ليست أسطورة لكن النقراشي لم يأمر بفتح الكوبري كما يصور البعض.. وهذا الكلام غير منطقي بالمرة ففتح الكوبري عملية تحتاج إلي وقت كبير.. وان تم فتح الكوبري فبالتأكيد سيري الطلاب ذلك ويبدأوا في التراجع..
لكن ما حدث هو أن الكوبري كان مفتوحا لمرور بعض السفن وطلب الطلاب من المهندس المسئول غلقه وبالفعل أغلقه المهندس علي عجل بطريقة خاطئة.وحدثت مناوشات بين الطلاب والشرطة وقذف الطلاب الشرطة بالحصي والحجارة وردت عليهم الشرطة بعنف شديد..
وعندما ذهبت لاستيضاح المزيد عن تلك الواقعة من د. يونان لبيب رزق أعطاني نسخة ميكروفيلم لجريدة الأهرام في اليوم التالي للواقعة وذكرت الجريدة أن ما حدث كان اشتباكات بين الشرطة والطلاب.
وقابلت المستشار شوقي الفنجري وكان احد المشاركين في المظاهرة وألقي بنفسه في النيل وسمي» الشهيد الحي»، وقال أن النقراشي باشا لم يصدر أوامره بفتح الكوبري لكن مسئول الأمن الإنجليزي هو من أعطي الأوامر والحقيقة أنني اعتبرت ذلك أمرا غير مقبول لان الشرطة المصرية كانت تأخذ أوامرها من الحكومة المصرية.
ثم تخرج د. هدي وثيقتين إحداهما خطاب من »‬الليدي كيلرن» زوجة المندوب السامي البريطاني للنقراشي باشا تقول فيه أنها طلبت منه منح الجنسية المصرية لشخص انجليزي عزيز عليها لكنها لم تتلق ردا.. فرد النقراشي بخطاب أن هذا الشخص لا تنطبق عليه شروط منح الجنسية المصرية وأن ذلك يحتاج إلي موافقة مجلس الوزراء فقد رفض النقراشي طريقتها في التدخل وكان يري ان الجنسية المصرية شرف لا يمنح لأي شخص.
أما الوثيقة الثانية فهي خطاب من النقراشي لابنته صفية أثناء وجوده في جلسة الأمم المتحدة بنيويورك قال فيه: »‬حبيبتي صفية أرجو أن تكوني علمت أنني خطبت اليوم في مجلس الأمن لأطالب بجلاء جميع الجنود الإنجليزية عن بلادنا ولابد ان تكوني مسرورة من أن خطابي كان واضحا وقويا فإنني دائما اذكر قولك لي أن الانجليز لا يسمعون كلامي وأنهم لا يخرجون من البلاد فأحب أن تعلمي أنني لما وجدت أنهم لم يخرجوا إلا من مصر والإسكندرية ذهبت إلي اكبر محكمة في العالم وشكوت انجلترا إليها وأني أرجو أن تحكم المحكمة لمصلحتنا أنني الليلة سأنام مرتاح البال لان دفاعي أمام المجلس كان قويا وواضحا».
وتعلق د. هدي قائلة إذن الأمور واضحة وتشويه التاريخ معضلة كبيرة.
من خلال قراءتك وتحليلك للوثائق.. هل وجدت علاقة بين الانجليز والإخوان ؟
- بالطبع لا يخفي علي احد الدعم المالي الذي قدمه الانجليز للإخوان في بداية نشأتها وكان دعما كبيرا في ذلك الوقت وبلغ حوالي 500جنيه.. فضلا عن أننا لدينا اعتقاد كامل بأن البنا أمر بقتل النقراشي باشا بإيعاز من الانجليز فقد أراد الانجليز التخلص منه لأنه كان شديد المقاومة في مفاوضات الجلاء وهذا مذكور في الوثائق.
استغلال
في تصورك لماذا عاد الإخوان مرة أخري بعد قرار الحل في الأربعينيات؟
- الإخوان عادوا بعد ثورة 1952في حماية جمال عبد الناصر واعتقدوا أنهم من الممكن أن يستخدموه للوصول إلي السلطة حتي وقعت الخلافات بينهم وبين عبد الناصر.. وفي عهد الرئيسين السادات ومبارك استغلوا حاجة البسطاء للمال والظروف الاقتصادية والاجتماعية وانتشروا بينهم لذلك فنحن نحتاج تحصين قرار حل الإخوان الذي صدر مؤخرا حتي لا تعود الجماعة مرة أخري.
وكيف يمكن تحصين القرار لضمان عدم العودة؟
- لاشك أن الرئيس السيسي اتخذ قرارا تاريخيا وشجاعا بوقوفه مع الشعب المصري لاقتلاع الجماعة والتي كانت ستأخذ مصر إلي الهاوية لكننا نحتاج أيضاً إلي الاستكمال وهذا يتأتي بتوفير تعليم جيد ونشر ثقافة حقيقية بين المواطنين ودعم برامج الحماية الاجتماعية ونحن بالفعل بدأنا في ذلك.
تخوف
هل تتخوفين من عودة الإخوان مرة أخري ؟
- بالطبع لدي تخوفات من أن يكونوا قد تعلموا من أخطائهم المتكررة ليعودوا لنا مرة أخري.. صحيح أن التاريخ يكرر نفسه وهم لا يتعلمون ولا يستوعبون لكن أخشي من عودتهم وعلينا أن نكون يقظين لذلك.
لماذا قررتم تسليم وثائق النقراشي باشا إلي دار الكتب والوثائق الآن ؟
- هذه الفترة شعرنا باطمئنان شديد علي هذه الوثائق.. كان من الصعب أن نسلمها في العهد الناصري وما تلاه لوجود كراهية شديدة تجاه حقبة ما قبل 1952 لكن بعد 25 يناير الأمر اختلف وخرجنا لنصحح جزءا من تاريخ قد تم تشويهه خاصة ما يتعلق بجدنا النقراشي باشا.. والحقيقة قررنا أن يستفيد الباحثون والدارسون من هذه الوثائق فسلمناها لدار الكتب والوثائق ووجدنا اهتماما كبيرا من الدار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.