ظاهرة حمدين وأبو الفتوح تعبر عن تطور مهم في السياسة المصرية بعد الثورة. فالآن التخندق الايديولوجي العقيدي الفكري، يضعف لصالح اصطفاف سياسي تلعب فيه العقائد دور أقل لصالح البرامج والمصالح. في هذا الإطار يمكن أيضا أن نفهم ظاهرة البرادعي، وظاهرة الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. والحقيقة أن الجماعات السياسية ومنها الأحزاب من المفترض أن تجمع المصالح وليس الأفكار. ومن هنا أري أن ما يجمع الكتل التي صوتت لحمدين وخالد علي وبسطويسي والحريري وأبو الفتوح (باستثناء السلفيين والاخوان) هو الميل للعدالة الاجتماعية والدولة المدنية والمزاج الثوري. ما يجمعها أيضاً أنها تخاطب حلم بناء دولة جديدة أكثر مما تخاطب نزعة الخوف عند الناس من العسكر أو من الاسلاميين. هذا هو ما يمكن أن يوحدها. أما يفرقها فهو أن هذه الكتلة منقسمة تنظيميا بين أحزاب ومجموعات شتي وأن الكثير جداً من كوادرها غير منتظمة في أي أحزاب، بل وبعضها رافض للحزبية بشكل هستيري. بعبارة أخري التحدي الأساسي الذي يواجه هذه الكتلة هو تحدي تنظيمي. التحدي الأخر هو أنه بالرغم من أن الكتل الواسعة التي صوتت لهؤلاء متجاوزة الايديولوجيا الضيقة فإن بعض رموز وسياسيين هذه الكتلة لا زالوا "مجروحين" بسبب المواقع الايدولوجية التي جاءوا منها مثل أبو الفتوح وحمدين. وبعبارة واحدة، فإن مستقبل هذه الكتلة واعد بقدر ما تنتج قيادات جديدة وتنظيمات كفوءة في المستقبل المتوسط والطويل. أما في المستقبل القريب جداً فنجاحها يتوقف علي الإسراع بتشكيل مظلة أو حلف يضم حمدين صباحي، وأبو الفتوح، وخالد علي، وغيرهم من الشخصيات، بالإضافة إلي أحزاب اليسار، ويسار الوسط، والتيار المصري، والإسلاميين الوسطيين. والهدف القريب هو المنافسة بقوة علي المحليات.