مرتين رفض الأزهر تقديم مسرحية عبد الرحمن الشرقاوي"الحسين ثائراً وشهيداً" علي خشبة المسرح، ورفض تجسيد شخصية الحسين درامياً.. المرة الأولي أوائل السبعينيات، عندما قام بإخراجها كرم مطاوع علي المسرح القومي، بعد أن شاهد أحد عروض التعازي الشيعية في (كربلاء)، وتحديداً مشهد مقتل الحسين، يومها قال للمؤدي: ماالذي تركته لي بعد ذلك لأقوم بإخراجه؟! لكن كرم مطاوع عاد إلي القاهرة، وقدم مسرحية "الحسين ثائراً" لعبد الرحمن الشرقاوي علي المسرح القومي، بطولة عبد الله غيث وسهير المرشدي، يومها أيضاً رفض الأزهر التصريح بعرض المسرحية، انطلاقاً من مبدأ عدم تجسيد الشخصيات الدينية درامياً، فاضطر كرم مطاوع إلي تقديم العرض كبروفة مسرحية لمدة 30 ليلة كاملة، ثم أغلقت المسرحية يوم الافتتاح بقرار الأزهر!! المرة الثانية في الثمانينيات عندما تقدم جلال الشرقاوي لإخراح المسرحية، وأيضاً رفض الأزهر!! موقف الأزهر ثابت في مسألة رفض وتحريم التجسيد الدرامي لشخصيات الأنبياء، والصحابة، وآل البيت، والعشرة المبشرين بالجنة درامياً، تكرر ذلك مع الكثير من الأعمال الدرامية، رفض الأزهر فيلم "الرسالة" من إخراج مصطفي العقاد، والمسلسل الإيراني "يوسف الصديق"، ومسلسل "الإمام علي"، ومسلسل "الفاروق عمر" وأخيراً مسلسل "الحسن والحسين".. !! نفس المنطق ونفس العقلية التي يفكر بها ربما أهالي المشاهير من الكتاب والمبدعين الذين يتم تناولهم درامياً.. الفزع من الاقتراب، والخوف من القراءة والتأويل، أو الخوف من الحوار، من الفن، من الإبداع والابتكار، الخوف من التفكير عموماً.. إصرار علي تثبيت المشهد وفقاً للرؤي المعتمدة، والتفسيرات الرسمية. الرغبة في التقديس وإضفاء الهالة علي الشخصيات، والإصرار علي تصويرها كشخصيات معصومة، كأيقونات ليس في الإمكان مناقشتها، أو الاقتراب منها إلا في إطار الطاعة والتقديس، وأقصي ما يمكن السماح لنا به، أن نقول آمين. الغريب أن تلك الرؤي المغلقة، لا تسمع سوي صوتها، ولا تري سوي ذاتها، ولا تحدث تأثيراً في أحد.. فمسلسل "الحسن والحسين" يعرض في كل الفضائيات العربية (فيما عدا طبعاً التليفزيون المصري)، وهو ما يعني أن الناس في مصر يشاهدونه عبر قنوات عربية مختلفة، وهو ما يعني أيضاً أن الأزهر لم يمنع شيئاً، أو أنه غير قادر علي أن يمنع شيئاً.. وحده الأزهر هو من يمنع ويمانع، ووحده هو من يخفي وجهه، ويصر علي إغلاق نوافذ حجرة بلا جدران، ويصر علي إغلاق الأفق!! عقلية شديدة المحافظة، تنتمي لذهنية قديمة تخشي الحوار وتحديث أفكارها، وأظن أن أولي خطوات الإصلاح والتطوير هو تطوير العقلية، وفتح أبواب الاجتهاد.. تطوير الأزهر ليس مجرد وثيقة، ولكنه بالضرورة تعميق وعي وتطوير عقلية.