للشعر مذاق الحكمة عند الشعراء وللخبز مذاق آخر في أفواه الفقراء وللأشرعة البيضاء مجاديف يناوئها موج البحر.. وللسفاحين الخوذات السوداء ومتاريس القهر.. وأدخنة الدمع الخانقة ودانات القتل.. اليوم.. تخلي الشعراء عن الحكمة صار الخبز مذاقاً مراً في الأفواه صارت أشرعة البحر بلا مرفأ غلا أفواه المهمومين بجمر القتلة يا أم الأبناء المحمولين علي نعش الموتي ماذا يجدي دمعك في لغةٍ فقدت بالأمس طزاجتها واستشهد في ساحتها من يعشقها فخنت فوق الجسد الدامي تغرقه هما.. ونواحاً.. ومتي يأتي زمن.. تثمر فيه الأشجار مشاعل تحرق أرض القتلة والسفاحين ومتي يأتي زمن.. نخلع فيه أردية الخوف وتنطلق الألسنة صقورا تتحرر من أغلال القهر ونفصح ما شئنا أن نفصح نسقط فيه أقنعة الأفاقين ونحفر فوق الجدران شهادة وطن يتخلق من أحلام المهمومين ومن صيحات الفقراء ومن أجساد الشهداء يا أم الأبناء المحمولين علي نعش الموتي لفّي أبناءك في رايات الغضب وشقي صدرك واشتعلي وهجا لا يخبو أبدا لك أن تحكي لك أن تبكي لك أن تشكي لكن لن تنسي أبناءك لن تنسي دمهم في الطرقات لن تنسي أن نتلو فاتحة ونثبت فوق قبورهم سنبلة خضراء لن ننسي كيف أحال الأفاقون الأخوة أعداءَ والوطن شظايا وهباء وترتيل الحب دماء لن ننسي كيف تناسي الأفاقون أن الناس إذا جاعوا غضبوا وإذا غضبوا.. ثاروا وإذا ثاروا.. لعنوا وإذا لعنوا.. سلوا سيف الغدر وإذا غدروا.. لا يوقفهم مد أو جزر يا أم الأبناء المحمولين علي نعش الموتي سيظل الغضب النابض فينا وحشا محموماً لا يهدأ خبزاً مغموساً بمذاق الطمي ولون الوطن وقهر الفقراء سيظل الغضب تراتيل ترددها في الطرقات جراح المهمومين يا أم الشهداء لك عهد القلب النابض بالحب ألا نصحت بعد اليوم ستظل الأشجار الدامية مواقيت الزمن القادم سيظل الغضب شراعاً يسبح في النهر وصيحات لا تتوقف سيظل الغضب نداء يبحث عن وجه الوطن الغائب حتي يغدو ضيفا محبوبا