حريق.. -1- شب حريق في بناية مجاورة لمقر جهاز المطافيء، حيث كان قاطنو تلك البناية، فقراء مستأجرين لشقق تلك البناية. وهذا ما جعل الأمر محزنا وصعبا عليهم.. تحركت سيارة الإطفاء بصعوبة حيث بدت مشاكل ميكانيكية تعوق انطلاقها إلي جيرانها في البناية المجاورة. -2- هب شباب وشيب البنيات المجاورة، كل بنيات متفاوتة.. من جاء لإطفاء الحريق.. من جاء للسرقة.. من جاء للفرجة والفضول.. ومن جاء للحصول علي سبق مشاهدة البنات الهاربات بملابسهن المنزلية. - 3 - توقفت سيارة المطافيء، وتوقف محركها علي بعد 005 متر من الحريق.. فهرع الناس إليها هي الأخري.. وكان المشهد مدهشاً.. »المطافيء طافية والنار والعة« فانقسم الناس إلي قسمين.. »جماعة يدفوا« و»جماعة يطفوا«. -4- وصلت سيارة المسئول في البلدة.. دهش الناس.. قال أحدهم واصفا المسئول: هذا الرجل رائع، أول مسئول يقوم بمثل هذا الواجب.. هرع المسئول يلحق به سائقه وموظف آخر، تفحص البناية والشقق. تهامس الناس: الله الله.. هذا الرجل يستحق أن يكون وزيراً، أنظر كيف تفقد البناية متأثرا ومتأسفا علي الخسائر، أفاد مواطن آخر: لابد أنه سيأمر بتعويضات للمنكوبين وبصيانة البناية. -5- تقدم أحد الجيران للمسئول قائلا: »أن ساكني البناية نقلوا إلي المستشفي للتأكد من سلامة بعضهم وللإسعافات البسيطة لبعض الحروق الطفيفة.. اطمئن سيادة المحافظ. - 6 - تقدم جار آخر: »ربما سيدي رأيت بنفسك الأضرار«.. فهل نبشر ساكني البناية بأنهم لن ينسوا ولن يبقوا بلا مساعدة.. هل تعدهم بشيء لتزف لهم الخبر؟ -7- المسئول: »أنا أعدك بشيء واحد.. أن أعفيهم من ايجار الشهر الجاري، وأن أتنازل عن الأضرار التي لحقت بالشقق والبناية إذا ما ثبت بالتحقيقات عدم الإهمال وعدم تعمد الحريق.. وبعدها في غضون نهاية الشهر، عليهم إخلاء بنايتي كوني أفكر في تحويلها إلي فندق مانشيت -1- دلفت مساعدة التمريض إلي غرفة العجوز القابعة بها منذ سنوات طويلة، ألبست العجوز ملابس جديدة كما كل مرة وأخرجتها ممسكة بيدها إلي مكان التصوير، فيما كانت العجوز تتحرك حيث ما تصحبها الممرضة وتبدو علي وجهها تعابير المأساة بذاتها، وهي التعابير المناسبة للوجه المناسب بالنسبة للمخرج. -2- تشير إليها الممرضة المساعدة بلغة المديرة الآمرة. أسمعي يا عجوز ثمة تصوير، أترين؟.. لا تقومي بأي حركة وألا سأحرمك من الخروج للحديقة. -3- جلست العجوز للمرة العاشرة بملامح تجاعيد وجهها المقوسة للأسفل وشفتيها الحزينتين المقوستين للأسفل أيضا، فيما بدا حاجباها منحدرين لأسفل ليبدو وجهها موشكا علي البكاء إلا أنه قد تجمدت الدموع والتجاعيد فظلت ملامح جامدة، هكذا منذ عشرات السنين. بجانبها وقف الفنان الذي مسد شعره جيدا وقام المخرج بوضع لمساته الأخيرة واختصاصي التجميل بوضع بعض الورنيش وما يلزم، طلب المخرج بأن يضع الفنان يده ليضم العجوز بين الحين والآخر أثناء تأديته أغنية الأم فيما لم يحتاج وجه العجوز لأي مكياج. -4- ظهرت الصورة علي الكاسيت وضرب ألبوم الفنان في السوق -5- دلفت الممرضة إلي غرفة العجوز. احتضنت المذيعة، العجوز ذاتها حيث تقوم المذيعة بتقديم برنامج عن الأم.. وبالفعل أثار البرنامج ضجة كبيرة وأصبحت المذيعة إحدي أهم المذيعات بعد أن أبكت الجمهور عبر وجه تلك العجوز. -6- دلفت الممرضة المساعدة غرفة العجوز تحركت العجوز حيث أضحت تعرف طريقها. ظهرت صورة الصحفي بجانبه تلك العجوز ونجحت مقالته الأسبوعية وترجل منتشيا بعمله عبر قصة تلك العجوز المسكينة. -7- دلفت الممرضة غرفة العجوز. ظهرت الفنانة محتضنة ومقبلة رأس العجوز في يوم عيد الأم فيما التقطت الصحافة تلك الصور وأطنبت في وصف الفنانة بالإنسانية كإنسانة عطوفة ومحبة. -8- ظهر السياسي في دعايته الانتخابية مربتا علي كتف العجوز في صورة كبيرة وكان شعار حملته الانتخابية الإصلاح الاجتماعي أولا. -9- حقق شريط الفنان في أغنيته عن الأم نجاحا كبيرا كما نجحت الفنانة في دورها بالفيلم »الانسان الجميل« لظهورها كإبنة تبحث عن أمها المفقودة، فيما تحصلت المذيعة علي عقد عمل مع قناة كبيرة لتقديم برامج عاطفية بكائية كما لوح السياسي بعلامة النصر بعد فوزه بالانتخابات. -10- فيما ظلت العجوز ذات ملامح المأساة قابعة بدار العجزة والمسنين مرتدية ملابس جديدة في غرفتها في انتظار منتفعين جدد بمأساتها الآهلة بالحزن.