جروسمان الروائي الإسرائيلي الشهير دافيد جروسمان، والذي أعلن في قناة بي بي سي أنه علي استعداد للهجرة من إسرائيل، عاد واعتذر عن كلماته هذه في القناة العاشرة الإسرائيلية. قدم الشاعر بني تسيفَر قراءة لهذا في مقاله بمدونته الشخصية علي موقع هاآرتس. مقال تسيفَر يكشف عن نوع اليسار المزعوم الذي ينتمي إليه جروسمان، وعن تحركات الأدباء الكبار في إسرائيل لمراعاة الذوق السائد. قال تسيفر في المقال: "تم إجراء حوار مع الأديب دافيد جروسمان في البي بي سي وقال هناك (ثم زعم أن كلماته قد أخرجت من سياقها)، إنه إذا توقفت إسرائيل عن أن تكون دولة ديمقراطية، فسيغادرها... تعالوا نفترض أن جروسمان لم يقل بالضبط ما قاله، ولنفترض أن شخصية من شخصيات روايته الأخيرة هي التي قالته، كما قال في الحوار الاعتذاري الذي تم إجراؤه معه في القناة العاشرة. حتي لو افترضنا كل هذا، فهو لم يكن يحتاج لأن يعطي حوارا للقناة العاشرة لتصويب الحوار السابق، وبالتالي لم يكن ليربكنا، اعتذاره مثل عدم اعتذاره، مغادرته البلد مثل عدم مغادرته إياها. مسموح لأي واحد من سكان إسرائيل أن يغادر البلد إذا لم تصبح دولة ديمقراطية، بدون الاعتذار عن هذا. وهذا ما يقلقني في الكلمات الاعتذارية لجروسمان، والتي يبدو منها أن مغادرة البلد شيء سيء ينبغي تجنبه علي قدر الإمكان." "ما حدث في هذا التورط غير الذكي لجروسمان هو أنه اتضح فجأة أن هذا الشاب علي ما يبدو يعتبر نفسه شخصية قومية للغاية، وهو يتعامل مع نفسه بجدية شديدة، هو يعتقد أنه إذا ترك البلد، فإن الخسارة القومية ستكون عظيمة، وأنها قد تصبح موضوعا للنقاش القومي. اهدأ، عزيزي دافيد جروسمان، أنا، وملايين الإسرائيليين الآخرين، لن ننتبه أنك غادرت البلد." "احتياج جروسمان للخروج إلي الإعلام لأجل تصحيح ما يبدو أنه قاله في حوار بالبي بي سي، يرينا الآن ربما أن إسرائيل ليست ديمقراطية أصلاً. وأية ديمقراطية تلك التي لا تتضمن _ من بين ما تتضمنه _ حرية التعبير وحرية الحركة من البلد وإليها؟ ما هذه الحماقات؟" "هناك مجموعة كتلك من الأدباء أصحاب النوايا الحسنة والكاريزما المعينة، جروسمان معدود من بينهم، وأورهان باموق كذلك، وبعض أدباء أمريكا اللاتينية المتسللين، مظهرهم جيد، ويعرفون قواعد لعبة وسائل الإعلام الحديثة، ويلعبونها بوصفهم قلقين علي مصير العالم بشكل عام وبلادهم بشكل خاص. في إطار هذه اللعبة الرقيقة، لا يجب علي جروسمان أن يبدو من كلامه كأنه فجأة لم تعد تهمه البلد، وإنما فقط نفسه. ولكن كما هو معروف، عندما يتحدث الناس كثيراً، فهم ينطقون بالكثير من الهراء. ويظهر فجأة أن جروسمان قد نطق بالحقيقة، أنه في قرارة نفسه فإن ما يهمه أكثر من أي شيء هو سلامته الشخصية. صحيح أن كلامه قد اقتُطع من سياقه، وأنه لم يقصد ما قاله بالضبط وإنما قال ما قالته شخصية من شخصيات روايته، ولكن ها قد خرجت بعض الحقيقة من خلف الصورة الرسمية والمسئولة للأديب القومي." "مسموح لك، سيد جروسمان، أن تكون نفسك، وأن تعبر عن قرفك من أي شيء في العالم. مسموح لك ألا تعتذر عن الحماقات التي تنطق بها، كل شيء مسموح لك. ما ليس مسموحا لك أن تصبح فجأة صهيونيا رسميا علي هذه الشاكلة وأن تترك الجمهور الإسرائيلي مرتبكا، وهو الذي يصدق أنك لست صهيونيا من النوع الكيتشي الذي يردد أن إسرائيل فقط هي بيتنا وكل هذا الهراء."