قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    مواعيد صرف المرتبات 2025 للموظفين بعد قرار المالية والحد الأدنى للأجور    أسعار الخضار في أسواق أسوان اليوم الثلاثاء16 سبتمبر 2025    منظومة متكاملة من الحوافز الاستثمارية ل«الرعاية الصحية»    بسبب مباراة إنبي.. عماد النحاس يطيح بثنائي الأهلي من التشكيل الأساسي    «سويلم» لمجموعة البنك الدولي: «سياسات حديثة لمنظومة الري»    بتأييد من أمريكا.. إسرائيل تطلق عمليتها البرية لاحتلال مدينة غزة    أعضاء «النيابة» الجدد يؤدون اليمين القانونية    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    السيطرة على حريق التهم شقة سكنية بالدخيلة في الإسكندرية    خالد جلال وكشف حساب    ارتفاع سهم تسلا بعد شراء ماسك 2.5 مليون سهم بمليار دولار    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    مستشار وزير التموين السابق: جرام الذهب سيصل إلى 5500 جنيه قبل نهاية العام    ضياء رشوان: الرئيس السيسي وصف إسرائيل بالعدو لأول مرة منذ زيارة السادات للقدس    أهمها الثلاجات والميكروويف.. 6 عوامل رئيسية تُساعد على ضعف شبكة الإنترنت في المنزل    ترامب يقترح توسيع الضربات ضد مهربي المخدرات من البحر إلى البر    عاجل- ترامب يفجر مفاجأة: نتنياهو لم ينسق معي قبل قصف قطر    حماس ترد على تصريحات ترامب: انحياز سافر للدعاية الصهيونية    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    أول رد رسمي من بيراميدز على مفاوضات الأهلي مع ماييلي    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    تحية العلم يوميًا وصيانة شاملة.. تعليمات جديدة لضبط مدارس الجيزة    صور.. حفلة تخريج دفعة بكالوريوس 2025 الدراسات العليا تجارة القاهرة بالشيخ زايد    "النقل العام" تشارك في نقل السائحين داخل منطقة الأهرامات - تفاصيل    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    أبرزها استبدل البطارية.. 8 خطوات سهلة تجعل جهاز آيفون القديم جديدًا    لقاء تاريخي في البيت الأبيض يجمع البطريرك برثلماوس بالرئيس الأمريكي ترامب    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    الجمهور يهاجم عصام صاصا وزوجته بسبب صورهما الجريئة: "زودتوها شوية"    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    مسئول صينيى: عزم الصين على حماية حقوقها المشروعة أمر لا يتزعزع    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    نجم بيراميدز يكشف: تعرضت لحملة ممنهجة في الزمالك    الفنان أحمد إبراهيم يلقى كلمة "اليوم المصرى للموسيقى" بقلم الموسيقار عمر خيرت.. وزير الثقافة يكرم عددا من الرموز.. عادل حسان: أتمنى أن ترافقنا الموسيقى فى كل لحظة.. وخالد جلال يؤكد ألحان سيد درويش علامة فارقة    مسيحيون فلسطينيون في مؤتمر أمريكي يطالبون بإنهاء حرب غزة ومواجهة الصهيونية المسيحية    ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد حدة القتال بين روسيا وأوكرانيا    اكتشاف أول حالة إصابة ب إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة    أهمها قلة تناول الخضروات.. عادات يومية تؤدي إلى سرطان القولون (احذر منها)    سيطرة مصرية في ختام دور ال16 ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    حريق ب مطعم شهير بالدقي والدفع ب 5 سيارات إطفاء للسيطرة عليه (صور)    «مشاكله كلها بعد اتنين بالليل».. مجدي عبدالغني ينتقد إمام عاشور: «بتنام إمتى؟»    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    مهرجان الجونة السينمائي يكشف اليوم تفاصيل دورته الثامنة في مؤتمر صحفي    4 أبراج «معاهم ملاك حارس».. صادقون يحظون بالعناية ويخرجون من المآزق بمهارة    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    قبل كأس العالم.. أسامة نبيه يحدد برنامج معسكر منتخب الشباب في تشيلي    الاحتلال يكثف غاراته على مدينة غزة    تحذير من تناول «عقار شائع» يعطل العملية.. علماء يكشفون آلية المخ لتنقية نفسه    أخبار 24 ساعة.. البيان الختامي لقمة الدوحة: تضامن وإشادة بقطر ورفض التهجير    محافظ الغربية: الثقة في مؤسسات الدولة تبدأ من نزاهة وشفافية أداء العاملين بها    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    "مدبولي" يعلن بدء تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بالمنيا    القليوبية تدعم التأمين الصحي بعيادات ووحدات جديدة (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ينظر للغة كصديق يتآمر من أجله ضد السلطات المزعجة:
يوسف رخا: هدفي تحطيم البقرات المقدسة!
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 08 - 2010


لا يكف يوسف رخا عن إثارة الشغب.
حاجته الدائمة إلي المغادرة وعدم الثبات تدفعه لاختبار أقصي درجات التمرد و(السخط؟) في الكتابة. لا يعترف بأي فواصل أو حدود بين الأنواع الأدبية، لذا يمعن في التنقل بينها ومزجها ببعضها البعض كأنما تتحول الكلمات معه إلي لعبة ما. إلي مكعبات أو قطع ميكانو يرّكبها كل مرة علي نحو مختلف ثم لا يلبث أن يفككها من جديد.
اللغة من وجهة نظره صديق لا يجب أن نبذل معه كل هذا الجهد. صديق يتحول رخا من أجله إلي متآمر أبدي يظل يسهم في تنفيذ مؤامرة محكمة للتأكد من أن اللغة "لغته لا تعيش إلا خارج الكتابة" كما كتب في نص "لسان العرب" ضمن كتابه الأحدث "كل أماكننا". وهو النص الذي يشبه خارطة طريق (لن أقول مانيفست) لنظرته للّغة، وهي نظرة، ربما تكون بدأت معه منذ بدايته، إذ نجد تجلياً آخر لها في نص من نصوصه الأولي (منشور في الكتاب نفسه) وعنوانه "عبّاس العقاد" يكتب فيه "تلك القوالب الخرسانية/ وقصائد الحديد والصلب/ هل كنت تتحدث مع المازني/ بلغة سرية؟/ أنت لم تترك لي/ أكثر مما تركه الإغريق القدامي/ أنت ورثتني/ قوالب طوب/ أنت ممن جعلوني/ أكره اللغة العربية".
هذه القصيدة أشبه ما تكون بتصفية حسابات مع نظرة معينة للّغة وللفن، وهو أمر لا ينكره رخا، إذ يقول: "كان هذا مطروحاً في قصيدة التسعينيات. تصفية حسابات مع البشر والدنيا بشكل إنساني، تصفية حسابات علي المستويين الجمالي والأدبي. لكن يمكنني قول إنه ليس تصفية حسابات بقدر ما هو تمرد أو تكسير للبقرات المقدسة، والعقاد أكبر "البقرات المقدسة" بدون وجه حق! هو من وجهة نظري ليس لديه جديد يقوله، علاقته باللغة مريضة ومختلف تماما عن طه حسين مثلاً. موقفي من العقاد ليس موقفاً من عصر ولا توجه سياسي، إنما موقف من كاتب أرفض التعبد في محرابه. الآن لن أكتب قصيدة بهذا المنطق. لأني مقتنع حاليا أن تصفية الحسابات حتي لو بشكل جمالي ليست هدفاً كافياً للكتابة".
تبدو اللغة هنا هي المعيار الأول الذي يقرِّب صاحب "بيروت شي محل" من كاتب أو ينفره منه، يستشهد بطه حسين باعتباره النموذج المغاير للعقاد، لكنه يعود في نص "لسان العرب" ليسخر من صاحب "الأيام" لأنه شغل نفسه بسؤال: "أيهما الأصح: تخرّج في الجامعة _ أم من _ الجامعة؟".
من ناحية أخري يبدو يوسف رخا كأنما في صراع دائم مع اللغة للوصول للغته هو، لغة تخصه، وتشبهه، بما يحمله من تمرد وقلق ورغبة دائمة في اخراج لسانه للجميع وتكسير كل الأيقونات والبقرات المقدسة. "هذا في حد ذاته من الأشياء الأساسية في الكتابة الأدبية. درجة من الطزاجة تسعين لها. أن تتجاوزي الكليشيهات حتي لو قمتِ بسك كليشيهات خاصة بكِ في المقابل." يقول رخا قبل أن يضيف: "ثمة سلطات لغوية مزعجة. توجد سلطوية كريهة في التعامل مع اللغة. هذا شيء ضد الإبداع. نحن نتكلم لغة غير التي نكتب بها. لدينا لهجات مختلفة، ولغة لم تتطور إلا علي الورق، وأري أن هذا شيء جيد. لو حذونا حذو أوروبا لكانت كل لهجة تحولت إلي لغة منفصلة. هذا يطرح سؤالاً طوال الوقت هو: كيف تكتبين؟ أنتِ مسبقاً اخترتِ الكتابة كامتداد تاريخي لما كُتِب باللغة العربية علي مدي التاريخ، لكن مع لمسة إنسانية تقترب من لغة الكلام. في مرحلة من المراحل، عندما كنت أفكر في الكتابة، شعرت أن الأشياء التي من الممكن أن أخسرها والتي لا تعوض هي الصراع بين العامية والفصحي. لديكِ لغتان يمكنكِ استنباط شيء مختلف من تصادمهما أو تجاورهما. اللغة إضافة لكونها علاقة صريحة مع ما هو الشعر، إنما هي أيضا صراع. معظم الكتّاب الذين أحبهم سواء بالعربية أو الإنجليزية يكون عندهم لغة تخصهم".
اختار رخا "كل أماكننا" عنواناً لكتابه الأحدث الصادر عن دار العين، كأنما يؤكد من جديد علي أهمية المكان في كتابته. إذ يظهر دائما باعتباره مركز الكتابة والعنصر الأساسي فيها. لاحظنا هذا في كتبه في أدب الرحلات من "بيروت شي محل"، إلي "شمال القاهرة، غرب الفلبين"، وها نحن نلاحظه في نصوصه الأحدث المقالات منها والقصائد، بل وحتي في مخطوط روايته التي لم تصدر بعد "كتاب الطغري". يعترف رخا أنه في الشعر لا يوجد لديه وعي بحضور المكان: "عندما سافرت إلي أبو ظبي وجدتني أكتب قصائد متتالية عن المكان دونما تخطيط أو قصدية. وكان هذا لطيفاً، إنما الكتابة عن المكان في كتب الرحلات تتم عن عمد، أعتقد أن المكان من الأشياء الأساسية عندي، أكثر أهمية من الزمن بالنسبة لي. من المفارقات أني عشت في أماكن كثيرة جدا في القاهرة وخارجها، وكنت دائما أعود للشقة التي وُلدت فيها. احساس لا علاقة له بالعاطفة أو الحنين".
الزمن في كتابات رخا إما مفكك أو موجود في منظومة محددة سلفاً. في كتاب "الطغري" مثلاً تدور الرواية في ثلاثة أسابيع محددة. ويظهر فيها المكان / القاهرة وتغيراته بشكل واضح، بل إنها (أي القاهرة) العنصر الأساسي في "كتاب الطغري" كما يؤكد رخا: "وهذا جزء رئيسي من عملية التكوين في الرواية. المكان حاضر تماما، ليس فقط القاهرة، إنما نكهات معينة لأماكن معينة. قاهرتي أنا. شعرت باختلاف كبير حينما أكتب عن مكان ضخم أعرفه جيدا. أبو ظبي وبيروت مثلا أصغر من القاهرة، وخبرتي فيهما أقل. عندما يكون المكان كبيراً، وخبرتك فيه كبيرة تستطيعين اللجوء لخيارات صعبة".
لكن بعيداً عن مركزية المكان، يبدو "كل أماكننا" مربكاً لهواة التصنيف، فالكتاب يحطم الحدود بين الأنواع الأدبية المختلفة، إذ يضم ديوانين قصيرين أحدهما قديم والآخر جديد، ومعهما نصوص ومقالات. تجسير الفجوة بين الأجناس له مستوي آخر أيضا فثمة نصوص شعرية في الكتاب أقرب للنثر، ومقالات ونصوص سردية أقرب للشعر. لا يبدو يوسف رخا مرتاحاً لفكرة أن يبرر نشره للمقالات مع القصائد، يقول بدرجة من الاستهانة: "كان لدي ديوانان قصيران، لا يصح أن ينشر كل منهما وحده، كان من الممكن أن يُنشرا مع بعضهما في كتاب أصغر. لم أرغب في أن ينشر كل منهما في كتاب أصغر لأن لدي مشكلة مع الكتب الهزيلة حجماً، كما كنت أشعر بضرورة أن تتم قراءتهما معاً. أيضا أردت كسر التصنيف الحاد بين النثر والشعر واخترت نصوصا نثرية من الممكن أن تصنع حالة كلية مع الديوانين. من الممكن أن تقرأي القصائد علي أنها نثر مطبوع بشكل مختلف، وتقرأي المقالات علي أنها شعر مطبوع كنثر".
أسأله: تبدو مشغولا بتجسير المسافة بين الأنواع الأدبية المختلفة، ما السبب؟
- "بالنسبة لما أكتبه، أشعر أن مسألة الأنواع الأدبية مفتعلة. ثمة شكل تقني يتطلب أشياء معينة. ولديّ دائما تساؤل هو: هل لو كتب رامبو روايات لكان أصبح أقل أهمية وتأثيراً؟ وهل لو كتب ديستويفسكي قصائد لكان أقل أهمية؟ فكرة التخصص التي كانت سائدة في السبعينيات لا معني لها من وجهة نظري. الكتابة كتابة سواءً أكانت مقالا أو ريبورتاج أو قصة. ما يحركني لها دوافع واحدة بغض النظر عن الجنس الأدبي الذي أكتبه. في لحظة معينة أجدني أقرأ كتاب "ميزان الذهب في شعر العرب" من أجل كتابة بيتين من الشعر العمودي أحتاجهما في مكان معين من عمل معين. التركيبة الموجودة في "كل أماكننا" لا أعرف إلي أي مدي هي موفقة. هي مبنية علي نصوص كانت موجودة مسبقاً عندي".
رغبة رخا في التمرد وتحطيم البقرات المقدسة، لا توفر شيئاً أو أحداً، إذ تمتد إلي الشعر نفسه. نلاحظ رغبة قوية في إنزاله من عليائه واللعب به ومعه.
يقول: "لا أري أن أدبية النص لها أي علاقة بتوصيفه. عندي ثورة شخصية علي الأدبية الخاصة بتلقي النص الآتية من مكان معين خارجه. من جانب آخر هناك الأفكار التي ظهرت في التسعينيات والداعية لكسر نوع معين من البلاغة وتصور معين عن الأديب. كان الأهم فيها أنها حطمت المفهوم الخاص بأن من يكتب يلعب دور المعلم أو الأديب أو حتي النبي. في عملي لا تزال هناك الرغبة في أن تصدمي أو تكسري. رغبة مصدرها التآلف مع ما حدث في التسعينيات رغم أني وقتها لم أكن واعياً بهذا بشكل كافٍ. هذا الكتاب أشعر أنه فاصل/ حاجز بين مرحلة استنفدت أغراضها وبين مرحلة جديدة. بمعني بين مرحلة كتابة المكان بالشكل الذي بدأته 2005 وبين الرواية التي انتهيت منها مؤخرا. الديوان صدر فوراً بعد "شمال القاهرة غرب الفلبين". شعرت أنه يملأ المساحة بين أدب الرحلات والرواية. الكتاب كان من المفترض أن يحتوي أيضاً علي اسكتشات وصور فوتوغرافية، لكن لم يحدث هذا لأسباب ربما تكون تقنية، الفكرة تم رفضها من قبل الناشر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.