رئيس جامعة المنوفية يكلف الدكتور عصام الدين أبو المجد مستشارا للشؤون الهندسية    مستقبل وطن: انتخابات الشيوخ استحقاق دستوري يرسخ دعائم الجمهورية الجديدة    غرفة المنشآت الفندقية تتعاون مع شركتين عالميتين بمجال التدريب الرقمي على الضيافة    رئيس الوزراء يفتتح مركز السيطرة والتحكم بشركة مياه الشرب بالإسكندرية    تضامن الغربية: ملابس جديدة للأيتام والأسر الأولى بالرعاية في المحلة ضمن مبادرة إنسانية الأورمان    رئيس المخابرات يعقد لقاء مع وزير الخارجية القطري ووفود المفاوضات لمتابعة جهود وقف إطلاق النار في غزة    الاتحاد الأوروبي يؤجل تطبيق الإجراءات التجارية المضادة على السلع الأمريكية حتى أغسطس    لوباريزيان توضح موقف جواو نيفيز من السوبر الأوروبي بعد طرده أمام تشيلسي    تشييع جثمان لاعب الفلاي بورد محمود نوار في جنازة مهيبة بمسقط رأسه بالمنوفية    بورسعيد.. توفير الأعداد الكافية من المنقذين المؤهلين بطول الشاطئ    شطب دعوى تطالب إبراهيم سعيد بدفع المصروفات الدراسية لبناته    الخطوات الصحيحة لتسجيل الطفل في المدارس الحكومية أونلاين.. التفاصيل الكاملة    نائب حافظ الدقهلية والسكرتير العام يتفقدان مركز ومدينة نبروه..صور    الرياضية: النصر لا يفكر في الانسحاب من السوبر السعودي    إجازة مرضية.. أوسيمين يغيب عن تدريبات نابولي التحضيرية للموسم الجديد    نيوم يقترب من خطف صفقة مدوية من البوندسليجا    نقابة المعلمين تنفي زيادة المعاشات: لا صحة لما يُتداول على مواقع التواصل    وزارة النقل تنفي صلة الفريق كامل الوزير بتسجيل صوتي مزيف يروج لشائعات حول البنية التحتية    مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين بأحداث أمنية صعبة في غزة    مقتل 4 أشخاص في تحطم طائرة ببريطانيا    سحب 868 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    مدين يوقع ثلاثة ألحان في ألبوم آمال ماهر.. وتشويق بفستان الزفاف قبل طرح أول أغنية    بطرس دانيال يكشف ل"البوابة نيوز" تفاصيل حالة الفنان لطفي لبيب الصحية    الموزع أحمد إبراهيم يستحوذ على نصيب الأسد في ألبوم عمرو دياب ب 5 أغاني    رئيس الوزراء يتفقد مشروع تطوير مركز القسطرة وجراحة القلب والصدر بمستشفى شرق المدينة    ندوات للسلامة المهنية وتدريب العاملين على الوقاية من الحوادث بالأسكندرية    ضبط 22 طن أسمدة قبل بيعها بالسوق السوداء في حملات بالبحيرة    «قناة السويس» تبحث التعاون مع كوت ديفوار لتطوير ميناء أبيدجان    محافظ سوهاج يعتمد جدول تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للتمريض 2025/2026    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء محور السادات "كوبري 45" بالإسكندرية    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    تحولات الوعي الجمالي.. افتتاح أولى جلسات المحور الفكري ل المهرجان القومي للمسرح (صور)    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    ضبط تشكيل عصابي للنصب على المواطنين عبر منصة إلكترونية بمسمى "VSA"    مدبولي يستعرض مقترحا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لإنشاء شبكة رعاية صحية بالإسكندرية    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    الأهلي يبدأ اتخاذ إجراءات قانونية ضد مصطفى يونس بحضور الخطيب (تفاصيل)    نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة: فاروق جعفر أهلاوي    نتنياهو ينتقد خطط الجيش ل"المدينة الإنسانية" في رفح    عمره 92 عامًا.. الرئيس الكاميروني بول بيا يعلن ترشحه لولاية ثامنة    الطعون الانتخابية تتصدر مشهد انتخابات الشيوخ بدمياط    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    «نيابة الغردقة» تُصرح بدفن جثة لاعب «الفلاي بورد» ونقله لدفنه ببلدته بالمنوفية    رمضان عبد المعز: النبي غرس العقيدة في سنوات مكة.. والتشريعات نزلت في المدينة    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    ندى ثابت: كلمة السيسي بقمة الاتحاد الأفريقي عكست التزام مصر بدعم منظومة الأمن في القارة    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    «الكشف والعلاج مجانًا».. «الصحة» تواصل حملتها للوقاية من سرطان عنق الرحم ضمن المبادرة الرئاسية    من بكوية الملك إلى تصفيق المهرجانات، يوسف وهبي فنان الشعب وأسطورة المسرح    هشام جمال: "سمعت صوت حسين الجسمي أول مرة وأنا عندي 14 سنة"    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    كم سجل سعر الريال السعودي اليوم الاثنين 14-7-2025 بداية التعاملات الصباحية؟    ترامب يعرب أن أمله في التوصل إلى تسوية بشأن غزة خلال الأسبوع المقبل    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ينظر للغة كصديق يتآمر من أجله ضد السلطات المزعجة:
يوسف رخا: هدفي تحطيم البقرات المقدسة!
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 08 - 2010


لا يكف يوسف رخا عن إثارة الشغب.
حاجته الدائمة إلي المغادرة وعدم الثبات تدفعه لاختبار أقصي درجات التمرد و(السخط؟) في الكتابة. لا يعترف بأي فواصل أو حدود بين الأنواع الأدبية، لذا يمعن في التنقل بينها ومزجها ببعضها البعض كأنما تتحول الكلمات معه إلي لعبة ما. إلي مكعبات أو قطع ميكانو يرّكبها كل مرة علي نحو مختلف ثم لا يلبث أن يفككها من جديد.
اللغة من وجهة نظره صديق لا يجب أن نبذل معه كل هذا الجهد. صديق يتحول رخا من أجله إلي متآمر أبدي يظل يسهم في تنفيذ مؤامرة محكمة للتأكد من أن اللغة "لغته لا تعيش إلا خارج الكتابة" كما كتب في نص "لسان العرب" ضمن كتابه الأحدث "كل أماكننا". وهو النص الذي يشبه خارطة طريق (لن أقول مانيفست) لنظرته للّغة، وهي نظرة، ربما تكون بدأت معه منذ بدايته، إذ نجد تجلياً آخر لها في نص من نصوصه الأولي (منشور في الكتاب نفسه) وعنوانه "عبّاس العقاد" يكتب فيه "تلك القوالب الخرسانية/ وقصائد الحديد والصلب/ هل كنت تتحدث مع المازني/ بلغة سرية؟/ أنت لم تترك لي/ أكثر مما تركه الإغريق القدامي/ أنت ورثتني/ قوالب طوب/ أنت ممن جعلوني/ أكره اللغة العربية".
هذه القصيدة أشبه ما تكون بتصفية حسابات مع نظرة معينة للّغة وللفن، وهو أمر لا ينكره رخا، إذ يقول: "كان هذا مطروحاً في قصيدة التسعينيات. تصفية حسابات مع البشر والدنيا بشكل إنساني، تصفية حسابات علي المستويين الجمالي والأدبي. لكن يمكنني قول إنه ليس تصفية حسابات بقدر ما هو تمرد أو تكسير للبقرات المقدسة، والعقاد أكبر "البقرات المقدسة" بدون وجه حق! هو من وجهة نظري ليس لديه جديد يقوله، علاقته باللغة مريضة ومختلف تماما عن طه حسين مثلاً. موقفي من العقاد ليس موقفاً من عصر ولا توجه سياسي، إنما موقف من كاتب أرفض التعبد في محرابه. الآن لن أكتب قصيدة بهذا المنطق. لأني مقتنع حاليا أن تصفية الحسابات حتي لو بشكل جمالي ليست هدفاً كافياً للكتابة".
تبدو اللغة هنا هي المعيار الأول الذي يقرِّب صاحب "بيروت شي محل" من كاتب أو ينفره منه، يستشهد بطه حسين باعتباره النموذج المغاير للعقاد، لكنه يعود في نص "لسان العرب" ليسخر من صاحب "الأيام" لأنه شغل نفسه بسؤال: "أيهما الأصح: تخرّج في الجامعة _ أم من _ الجامعة؟".
من ناحية أخري يبدو يوسف رخا كأنما في صراع دائم مع اللغة للوصول للغته هو، لغة تخصه، وتشبهه، بما يحمله من تمرد وقلق ورغبة دائمة في اخراج لسانه للجميع وتكسير كل الأيقونات والبقرات المقدسة. "هذا في حد ذاته من الأشياء الأساسية في الكتابة الأدبية. درجة من الطزاجة تسعين لها. أن تتجاوزي الكليشيهات حتي لو قمتِ بسك كليشيهات خاصة بكِ في المقابل." يقول رخا قبل أن يضيف: "ثمة سلطات لغوية مزعجة. توجد سلطوية كريهة في التعامل مع اللغة. هذا شيء ضد الإبداع. نحن نتكلم لغة غير التي نكتب بها. لدينا لهجات مختلفة، ولغة لم تتطور إلا علي الورق، وأري أن هذا شيء جيد. لو حذونا حذو أوروبا لكانت كل لهجة تحولت إلي لغة منفصلة. هذا يطرح سؤالاً طوال الوقت هو: كيف تكتبين؟ أنتِ مسبقاً اخترتِ الكتابة كامتداد تاريخي لما كُتِب باللغة العربية علي مدي التاريخ، لكن مع لمسة إنسانية تقترب من لغة الكلام. في مرحلة من المراحل، عندما كنت أفكر في الكتابة، شعرت أن الأشياء التي من الممكن أن أخسرها والتي لا تعوض هي الصراع بين العامية والفصحي. لديكِ لغتان يمكنكِ استنباط شيء مختلف من تصادمهما أو تجاورهما. اللغة إضافة لكونها علاقة صريحة مع ما هو الشعر، إنما هي أيضا صراع. معظم الكتّاب الذين أحبهم سواء بالعربية أو الإنجليزية يكون عندهم لغة تخصهم".
اختار رخا "كل أماكننا" عنواناً لكتابه الأحدث الصادر عن دار العين، كأنما يؤكد من جديد علي أهمية المكان في كتابته. إذ يظهر دائما باعتباره مركز الكتابة والعنصر الأساسي فيها. لاحظنا هذا في كتبه في أدب الرحلات من "بيروت شي محل"، إلي "شمال القاهرة، غرب الفلبين"، وها نحن نلاحظه في نصوصه الأحدث المقالات منها والقصائد، بل وحتي في مخطوط روايته التي لم تصدر بعد "كتاب الطغري". يعترف رخا أنه في الشعر لا يوجد لديه وعي بحضور المكان: "عندما سافرت إلي أبو ظبي وجدتني أكتب قصائد متتالية عن المكان دونما تخطيط أو قصدية. وكان هذا لطيفاً، إنما الكتابة عن المكان في كتب الرحلات تتم عن عمد، أعتقد أن المكان من الأشياء الأساسية عندي، أكثر أهمية من الزمن بالنسبة لي. من المفارقات أني عشت في أماكن كثيرة جدا في القاهرة وخارجها، وكنت دائما أعود للشقة التي وُلدت فيها. احساس لا علاقة له بالعاطفة أو الحنين".
الزمن في كتابات رخا إما مفكك أو موجود في منظومة محددة سلفاً. في كتاب "الطغري" مثلاً تدور الرواية في ثلاثة أسابيع محددة. ويظهر فيها المكان / القاهرة وتغيراته بشكل واضح، بل إنها (أي القاهرة) العنصر الأساسي في "كتاب الطغري" كما يؤكد رخا: "وهذا جزء رئيسي من عملية التكوين في الرواية. المكان حاضر تماما، ليس فقط القاهرة، إنما نكهات معينة لأماكن معينة. قاهرتي أنا. شعرت باختلاف كبير حينما أكتب عن مكان ضخم أعرفه جيدا. أبو ظبي وبيروت مثلا أصغر من القاهرة، وخبرتي فيهما أقل. عندما يكون المكان كبيراً، وخبرتك فيه كبيرة تستطيعين اللجوء لخيارات صعبة".
لكن بعيداً عن مركزية المكان، يبدو "كل أماكننا" مربكاً لهواة التصنيف، فالكتاب يحطم الحدود بين الأنواع الأدبية المختلفة، إذ يضم ديوانين قصيرين أحدهما قديم والآخر جديد، ومعهما نصوص ومقالات. تجسير الفجوة بين الأجناس له مستوي آخر أيضا فثمة نصوص شعرية في الكتاب أقرب للنثر، ومقالات ونصوص سردية أقرب للشعر. لا يبدو يوسف رخا مرتاحاً لفكرة أن يبرر نشره للمقالات مع القصائد، يقول بدرجة من الاستهانة: "كان لدي ديوانان قصيران، لا يصح أن ينشر كل منهما وحده، كان من الممكن أن يُنشرا مع بعضهما في كتاب أصغر. لم أرغب في أن ينشر كل منهما في كتاب أصغر لأن لدي مشكلة مع الكتب الهزيلة حجماً، كما كنت أشعر بضرورة أن تتم قراءتهما معاً. أيضا أردت كسر التصنيف الحاد بين النثر والشعر واخترت نصوصا نثرية من الممكن أن تصنع حالة كلية مع الديوانين. من الممكن أن تقرأي القصائد علي أنها نثر مطبوع بشكل مختلف، وتقرأي المقالات علي أنها شعر مطبوع كنثر".
أسأله: تبدو مشغولا بتجسير المسافة بين الأنواع الأدبية المختلفة، ما السبب؟
- "بالنسبة لما أكتبه، أشعر أن مسألة الأنواع الأدبية مفتعلة. ثمة شكل تقني يتطلب أشياء معينة. ولديّ دائما تساؤل هو: هل لو كتب رامبو روايات لكان أصبح أقل أهمية وتأثيراً؟ وهل لو كتب ديستويفسكي قصائد لكان أقل أهمية؟ فكرة التخصص التي كانت سائدة في السبعينيات لا معني لها من وجهة نظري. الكتابة كتابة سواءً أكانت مقالا أو ريبورتاج أو قصة. ما يحركني لها دوافع واحدة بغض النظر عن الجنس الأدبي الذي أكتبه. في لحظة معينة أجدني أقرأ كتاب "ميزان الذهب في شعر العرب" من أجل كتابة بيتين من الشعر العمودي أحتاجهما في مكان معين من عمل معين. التركيبة الموجودة في "كل أماكننا" لا أعرف إلي أي مدي هي موفقة. هي مبنية علي نصوص كانت موجودة مسبقاً عندي".
رغبة رخا في التمرد وتحطيم البقرات المقدسة، لا توفر شيئاً أو أحداً، إذ تمتد إلي الشعر نفسه. نلاحظ رغبة قوية في إنزاله من عليائه واللعب به ومعه.
يقول: "لا أري أن أدبية النص لها أي علاقة بتوصيفه. عندي ثورة شخصية علي الأدبية الخاصة بتلقي النص الآتية من مكان معين خارجه. من جانب آخر هناك الأفكار التي ظهرت في التسعينيات والداعية لكسر نوع معين من البلاغة وتصور معين عن الأديب. كان الأهم فيها أنها حطمت المفهوم الخاص بأن من يكتب يلعب دور المعلم أو الأديب أو حتي النبي. في عملي لا تزال هناك الرغبة في أن تصدمي أو تكسري. رغبة مصدرها التآلف مع ما حدث في التسعينيات رغم أني وقتها لم أكن واعياً بهذا بشكل كافٍ. هذا الكتاب أشعر أنه فاصل/ حاجز بين مرحلة استنفدت أغراضها وبين مرحلة جديدة. بمعني بين مرحلة كتابة المكان بالشكل الذي بدأته 2005 وبين الرواية التي انتهيت منها مؤخرا. الديوان صدر فوراً بعد "شمال القاهرة غرب الفلبين". شعرت أنه يملأ المساحة بين أدب الرحلات والرواية. الكتاب كان من المفترض أن يحتوي أيضاً علي اسكتشات وصور فوتوغرافية، لكن لم يحدث هذا لأسباب ربما تكون تقنية، الفكرة تم رفضها من قبل الناشر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.