تتردد نغمة غير مقبولة داخل أروقة الهيئة عن مطالبة مدرسى مدارس الهيئة بحقوقهم والمساواة بالعاملين فى الهيئة، تعبر عن لسان حال عقول تعيش فى الماضى وترفض الخير للناس، وكأنها تحمل مفاتيح الكون أو توزيع الرزق، دون أن تؤمن بحق الناس فى العدل وحياة كريمة تحقق السلام والأمن الاجتماعى بين الناس بعيدا عن أية كراهية. هذه العقليات موجودة فى هيئة قناة التى يسود الظلم فى بعض قطاعاتها، وتجد تمايزا فى قطاع على حساب قطاع آخر، فساد وظلم وعقليات أصابها البوار وتكره الخير دائما للناس، دون أن تعلم أن أنفع الناس أنفعهم للناس. فهيئة قناة السويس كل متكامل يكمل بعضه بعضا، لا فرق بين ما يسمى قطاع منتج أو قطاع خدمى، فكلها تؤدى رسالة واحدة ليتحقق الهدف فى النهاية، ومن ثم إرضاء جميع العاملين فى هذه القطاعات وتحقيق العدالة بينهم. والإدارة الناجحة تعمل على تذليل العقبات التى تعرقل سير العمل، وتؤمن أن الإنسان هو الذى يحقق هذا العمل، فيزيد الإنتاج ويتحقق الهدف المنشود.أما أن تجعل الإدارة من العاملين خصوما لها وتتوعدهم إذا طالبوا بحقوقهم، فهى إدارة فاشلة ترفض التغيير ولا تؤمن بالتطوير. وتعتبر هيئة قناة السويس القطاع التعليمى ابنا غير شرعى، أو إن شئت فقل ابن سفاح لا يعترف به، ويشرف عليه مجموعة من المحاسبين يتعاملون مع القطاع التعليمى بلغة الأرقام بمنطق أجوف وفكر عقيم يفتقد للرؤية التربوية الشاملة التى تعمل على الارتقاء والنهوض بالمدارس والقائمين عليها من مدرسين وإداريين، فترتقى المدارس ويحصل الطالب على تعليم متميز يواكب العصر، بل كل همهم وشغلهم الشاغل.. كم سنكسب ..؟كم سنوفر؟ ويتعاملون مع المدرسين بمنطق لا إنسانى، ويحملونهم ما يفوق طاقاتهم فى عدد الحصص، ليوفروا مدرسا؛ لأنهم شركاء فى الأرباح التى تحققها المدارس فى نهاية كل موسم تعليمى. كل ذلك على الرغم من أن الهدف الحقيقى الذى من أجله أنشئت هذه المدارس هو خدمة أبناء العاملين فى منطقة القناة، من أجل أن يحصلوا على تعليم متميز عن مدارس الحكومة. وفى البداية تحقق الهدف بعد أن أوكلت الهيئة الإشراف التعليمى لهيئة فنية تربوية ارتقت بالعملية التعليمية وحققت نجاحا باهرا فى منطقة القناة من إنشاء مدارس الهيئة مع مطلع الستينات وحتى التسعينات، وبشهادة خبراء التربية فى منطقة القناة، حتى عدوا مدارس الهيئة من الأكاديميات وذلك بسبب الإدارة التربوية الواعية التى أشرفت على المدارس فى منطقة القناة، كانت تؤمن بمواكبة التطور وخدمة المجتمع، لكن لم يدم الحال وتراجعت العملية التعليمية فى مدارس الهيئة بعد أن تخلت عن الإدارة التربوية، واتجهت اتجاها تجاريا وتولى الإشراف عليها مجموعة من المحاسبين غير التربويين تتعامل بلغة الأرقام... وتهتم بالأرباح والتوفير، ولا تسعى إلى التطوير، وتتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، حتى اختيار المدرسين الذى يصحبه أحيانا بعض المجاملات على حساب مستوى الأداء، وتتعامل مع العاملين فى القطاع التعليمى على أنهم مجموعة من المرتزقة يحسنون عليهم، وأنهم ليسوا أصحاب رسالة تربوية، لا يحق لهم المطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم بسبب ظروف المعيشة، بل مجموعة من العاملين فى هذه (العزبة) التى يديرونها ويشرفون عليها حسب الأمزجة والأهواء الشخصية، والتهديد بالفصل، فأحدث كل ذلك شرخا وتصدعا فى العلاقة بين المحاسبين الذين يديرون القطاع التعليمى والعاملين بالمدارس، مما أدى إلى تراجع القطاع التعليمى فى الهيئة عن الحكومة التى رغم ضعف إمكاناتها تحاول سد الفجوة والعمل على رفع مستوى المعلم الذى هو حجر الزاوية فى العملية التعليمية وأساس نهضة الوطن.